د. عادل بن علي الشدي .
لقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم الأزواج في النفقة على أزواجهن، فقال عليه الصلاة والسلام: "إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعله في فيّ امرأتك" (متفق عليه ) .
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل النفقة على الأسرة من أفضل نفقات الرجل، فقال صلى الله عليه وسلم: "أفضل دينار: دينار ينفقه الرجل على عياله" (رواه مسلم).
وقال عليه الصلاة والسلام: "إن الرجل إذا سقى امرأته من الماء أجر" (رواه أحمد وحسنه الألباني).
وقد سمع هذا الحديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، فسارع إلى الماء، ثم أتى زوجته فسقاها، وحدثها بما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هكذا علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه حسن عشرة النساء والعطف عليهن والشفقة بهن وإيصال أنواع الخير لهن والنفقة عليهن بالمعروف.
وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن حسن عشرة النساء دليل على نبل نفس الرجل وكريم طباعه، فقال عليه الصلاة والسلام: "خياركم خياركم لنسائهم" (رواه أحمد والترمذي)، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بغض الرجل زوجته، فقال عليه الصلاة والسلام: "لا يفرك مؤمن مؤمنة - أي لا يبغضها - إن كره منها خلقاً، رضي منها آخر" (رواه مسلم) .
وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر الرجال بالبحث عن الأيجابيات والسلوكيات الحميدة في المرأة، والتغافل عن الهفوات والسلبيات، لأن البحث في السلوك السلبي والوقوف عنده طويلاً يؤدي إلى النفور والبغض بين الزوجين.
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ضرب النساء، فقال عليه الصلاة والسلام: "لا تضربوا إماء الله" (رواه أبو داود) .
وتوعد الذين يؤذون النساء فقال صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة" (رواه أحمد وابن ماجه) والمعنى أن من ظلم هذين الصنفين لا يحله الله، بل هو معرض للحرج والعقوبة في الدنيا والآخرة.
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجال عن إفشاء أسرار الزوجات، وكذلك الزوجات منهيات عن إفشاء أسرار أزواجهن فقال عليه الصلاة والسلام: "إن من أشر الناس منزلة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها" (رواه مسلم) .
ومن تكريم النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة أنه نهى الأزواج عن سوء الظن بالزوجات، وتلمس عثراتهن، فعن جابر رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً؛ يتخونهم، أو يلتمس عثراتهم" (متفق عليه) .
أما سلوك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أزواجه، فقد كان في غاية الرقة واللطف. فعن الأسود قال: سألت عائشة رضي الله عنها: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في أهله؟ قالت: كان في مهنة أهله - أي يساعدها في مهنتها - فإذا حضرت الصلاة، قام إلى الصلاة (رواه البخاري) .
وكان صلى الله عليه وسلم يترضى أزواجه، ويلاطفهن بالحديث الحلو الرقراق، و الكلمات العذبة الحانية.
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: "إني لأعرف غضبك ورضاك" قالت: كيف تعرف ذلك يا رسول الله؟ قال: "إنك إذا كنت راضية قلت: بلى ورب محمد، وإن كنت ساخطة قلت: لا ورب إبراهيم" فقالت: أجل والله يا رسول الله إني لا أهجر إلا اسمك. (متفق عليه). أي إن حبك في قلبي ثابت لا يتغير!
ولم ينس النبي صلى الله عليه وسلم زوجته خديجة رضي الله عنها حتى بعد وفاتها، فعن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى بالهدية قال: " اذهبوا بها إلى فلانة، فإنها كانت صديقة لخديجة " (رواه الطبراني). فهذا هو احترام النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة، فأين أنتم من ذلك يا دعاة تحرير المرأة؟!
المصدر : صحيفة الرياض ، العدد 14336 .
|