أ. خليفة بن محمد المحرزي .
من بركات هذا الشهر الكريم وآثاره الإيجابية على الحياة الزوجية للأسر أن نسبة الطلاق تكاد تكون منعدمة خلال هذا الشهر، على الرغم من ارتفاع نسبة الطلاق في الدولة ، لكن من واقع سجلات تدوين حالات الزواج والطلاق خلال شهر رمضان من كل عام يتبين لنا أن نسبة الطلاق في هذا الشهر تكاد تكون معدومة تماما، ونادرا ما يأتي زوجان لطلب الطلاق خلال رمضان0
فمن خلال فترة عملي لم أحرر وثيقة طلاق خلال شهر رمضان ، حيث إن الأزواج يكونون أكثر تقبلا للنصيحة خلال شهر رمضان، لأنه ما زالت مفاهيم القيم والتعاليم الدينية هي التي تحكم وتسير تصرفات الناس وشئون حياتهم.
ولكن يظل البعض من الأزواج لا يعرف لهذه الحالة الإيمانية التي يعيشها الصائم الناتجة عن تقربه إلى الله سبحانه وتعالى مكانا في بيته ، فيتحول رد فعله تجاه الانفعالات والمؤثرات والضغوط إلى رد غير عقلاني وهادئ أقرب إلى "الانفلات في التعامل مع المشكلات الأسرية"، أي أن أعصابه تصبح تحت موقد النار، وهذا يجعل حياته كلها بصفة عامة تسير في حركة مضطربة وهذا يعطينا مؤشرا عن المعاناة التي يعيشها البعض من الأزواج ، حيث التحلل من روابط الاستقرار النفسي، فضلا عن تراكم المشكلات دون حل .
أن من أهم أسباب غياب السلام العائلي هو عدم تقبل أطراف النزاع لبعضها البعض بل على العكس ، يريد كل واحد أن يفكر الجميع كما يفكر هو و بالتالي أن يتصرف على هذا النحو ، إضافة إلى ما ينتج عن هذا الأمر من عدم احترام الأطرف لآراء بعضها ، و السعي لفرض الرأي إما عن طريق الترهيب أو رفع الصوت أو ممارسة السلطة الأبوية
فلا نجد الاستقرار مكانا بينهم وتستمر المنغصات الزوجية والعائلية في محيط الأسرة، في إطار الانفعال السلبي والتسرع في الحكم على الشيء، وإصدار تصرفات انفعالية ؛ لذلك نجد الأزواج لا يستطيعون ان يكظمون الغيظ ويتحاملون على أنفسهم إذا ارتكبت الزوجات ما يستوجب هذا، ونفس الشيء تفعله الزوجات أيضا، بفتقدون التصرف السليم في مقابلة الإساءة، أو قسوة وسوء العشرة من الأزواج.
تقول إحدى الزوجات أصبحت لا أطيق الحياة مع زوجي ، وأعتقد أنني لن أستمر كثيرًا في هذه الحياة وتؤكد أن من أهم أسباب بعدها عن زوجها، هو إهماله في نفسه بشكل دائم وخاصة في شهر رمضان فبعد الافطار لا يغسل أسنانه، وبالتالي تبقى رائحة فمه غير مقبولة ولا حتى يعتني بهندامه داخل البيت وصرت أختلق الأسباب للهرب من علاقتي الخاصة به.. بعدما حاولت التقرب منه ، واهديته الكثير من العطور ولكن دون جدوى حتى إنني هددته ذات مرة بالطلاق لكن بلا جدوى والغريب أنني إذا امتنعت عن فراشه يتوعدني بغضب الله عليّ.
وحالة أخرى تعاملت معها هي شكوى الزوج الشاب الذي يعاني من كسل الزوجة ونومها طوال الوقت في شهر رمضان بسبب السهر على المسلسلات حتى الفجر ، بإلاضافة إلى الاهمال التام بنفسها طوال فترة الصيام ، وحاول عبثا ان يشجعها على وضع (المكياج)، وارتداء الملابس الجميلة الجذابة داخل المنزل وان تقابله بوجه طلق بشوش لكنها لا تلبي .
مشكلة أخرى حدثت بسبب بخل الزوجة ورفضها استقبال اهل الزوج هكذا يبدأ صاحب المشكلة الذي اتصل بي ويقول: هي تتخيل أنني (لا أشبع) في بيتي؟ وأقوم جوعان، لأنها لا تطبخ في المنزل ولا تعد لي طعام الإفطار ، أما إذا فكرت ودعوت أهلي فليس أمامي سوى جلب الطعام من الخارج .
نصائح زوجية للحد من تفاقم المشكلة .
يعتبر الشهر الكريم فرصة عظيمة لكل الأزواج من أجل عقد هدنة سنوية خلال شهر رمضان لكي يفكروا ويجعلوا سلوكهم في رمضان سلوكا مستديما في السنة كلها، حتى تحل المشكلات ويزول سوء الفهم بينهم حفاظا على الأسرة والمجتمع كله.
· تراكم مشاعر الغضب بين الزوجين وغياب البوح.. يؤدي إلى تآكل الأحاسيس الطيبة ويقلل من رصيد الذكريات الزوجية الحلوة.
· على الزوجين أن يرفعا شكواهما لبعضهما أولا فأولا بكلمات واضحة وصوت مسموع ونبرة ودودة.
· من المهم فتح حوار بين الطرفين حول احتياجات كل طرف من الآخر بلا حياء.
· العناد هو أكثر الطرق فاعلية لإشاعة النكد في المنزل، واستمرار الزوجين في العناد معناه عدم النضج .
· العلاقة الزوجية الصحية لا تقبل بدور "الضحية"، فيجب ألا يكون أحد الأطراف دائم الإصرار على رأيه، ولا أن يكون الطرف الآخر دائما متنازلا عن أفكاره.
يمكن للزوجين الاستفادة من شهر رمضان المبارك والجو النفسي المريح فيه بعدة أفكار عائلية، منها:
- مراجعة الزوجين لأيامهما السابقة: وتقويمهما والاستفادة من ايجابيتها، ومناقشة سلبياتها .
- أن يكون للزوجين جلسة إيمانية أو قيام ليل وتزويد العائلة ببرنامج روحاني إيماني كصلاة التراويح أو جلسة بعد العصر لتفسير القرآن…
- التركيز على صلة الرحم وتقوية العلاقات الاجتماعية، من خلال الزيارات والتنقل من بيت إلى بيت، وان تعذر ذلك فبالاستفادة من الهاتف في الاتصال بالأهل .
- الاستفادة من اجتماع العائلة كلها على الإفطار ثلاثين مرة في الشهر مما يجعل للزوجين فرصة استثمار لهذا الحدث لتقوية العلاقة فيما بينهما، وفيما بينهما وبين ابنائهما من خلال الحوار وتبادل الحديث.
- ليحدد كل من الزوجين الأمور التي يود تغييرها في الطرف الآخر، ويفضل عدم تحديد أكثر من هدف واحد ليعطي فرصة للتغير للطرف الآخر.
- ليحدد الزوجان أهدافهما المستقبلية للعائلة.
- ليحدد الزوجان سلوكا واحدا يركزان عليه للتغيير لدى ابنائهما، ويستفيدان من شهر رمضان في ذلك
|