بتـــــاريخ : 7/17/2008 5:29:15 PM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1252 0


    من يجني الأشواك

    الناقل : heba | العمر :42 | المصدر : www.islammemo.cc

    كلمات مفتاحية  :
    رجل الشباب

       
     

    مفكرة الإسلام: فريدة هي علاقة الأهل بولدهم، يحصدون نتائج أفعاله عن غير اختيار منهم، فما أتى به من خير فلهم منه نصيب ولو كان لا يتمثل إلا في شعورهم بالسعادة، وما أتى به من سوء فلهم منه أعظم النصيب، ولو لم يتمثل إلا في الشعور بالأسى.

    كيف لا وهم نسيج واحد، ووحدة واحدة.ولذلك ينبغي للشاب في جميع تصرفاته وسلوكياته ألا يغفل عن النظر إلى مدى تأثير هذه التصرفات والسلوكيات على أهله، ومن المؤسف أن نرى كثيراً من الشباب يكونون سبباً لتعاسة أهليهم، والإضرار بهم مادياً ومعنوياً.وإذا تجولنا بنظرة متفحصة في الواقع، لوجدنا أن أكثر الشباب اقترافاً لهذا الجرم، هم الذين يصحبون رفقة السوء، وقد تنهدم دهشتك عندما تدرك أن ذلك يتخذ صوراً وأشكالاً عديدة.

    شاب يعول أسرته ثم أدمن المخدرات بسبب أصدقاء السوء، والنتيجة تعاسة الأهل. شاب من أسرة محافظة تقبض عليه الشرطة بصحبة قرناء السوء في أحد أماكن البغاء، عار وفضيحة والنتيجة تعاسة الأهل.

    شاب ساء خلقه بعدما صاحب قرناء السوء وتعدى على والديه، والنتيجة تعاسة الأهل.

    شاب كان من المتفوقين دراسياً، وصاحب أهل السوء فانتقلت إليه منهم عدوى الفشل، والنتيجة تعاسة الأهل، إلى آخر هذه الصور المتنوعة المتعددة.

    يا شباب، تلك الصداقات الباطلة الضارة لن تجنوا وحدكم أشواكها، سيسبقكم إلى ذلك- شئتم أم أبيتم-أحباؤكم وأقرب الناس إليكم، ألا تحبونهم ؟! ألا تقدرون تضحياتهم من أجلكم؟!أهذا جزاؤهم منكم؟!أراكم تتهمونني مرة أخرى بالمبالغة، فوالله إنما ذلكم الشيطان يهون الأمر لديكم، يريكم الأمر هيناًَ، يصرف هذه التصورات عن أذهانكم، فتعدونها من صنوف المستحيل، ولكن أبى الله إلا أن يرد كيد الشيطان، فها هي المقادير تقول كلمتها عبر قصص يجعلها الله عبرة وعظة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

    أسماء والحلم الموءود  

    أسماء معلمة شابة، تعرف بسمو الأخلاق، والحرص على الطاعة، والدها أحد التجار المعروفين، لها إخوة وأخوات كلهم معروفون بالأخلاق الحميدة، كانت ككل فتاة تنسج بخيالها مملكتها المنتظرة، بعدما يطرق فارس الأحلام بابها، فتبدأ معه الحياة الجديدة، بعقد الرابطة المقدسة، فيغمرها بحنانه، ذلك الحنان الذي طالما تدفق منها لإخوتها، وبالفعل تقدم إليها أحد الشباب لخطبتها، فاستدعت أخاها الأصغر يوسف الذي كان أكبر إخوانها الذكور، فأخبرته الخبر وقالت: هل أنت مستعد لحفل عرسي في نهاية العطلة؟ أريدك بطلا ترفع رأس أبي أمام الناس في عرسي. فقال يوسف:أبشري يا أختي، فانصرف وظل الحلم الجميل يداعب قلب أسماء البريئة.

    كان أخوها يوسف طالباً ذا همة عالية، أقبلت عليه أيام الامتحانات، فكان يذاكر مع رفقائه، الذين وفد عليهم زميل جديد هو (عبد العزيز) طالب مفرط في الصلاة وفي طاعة الله، لكنهم لم يعبأوا بذلك ولازموه في المذاكرة، وبحجة المقدرة على طول السهر من أجل المذاكرة، أغراهم صديق السوء بأقراص المخدرات، وخدعهم بقوله أنها أقراص طبية منشطة، فوقعوا في مصيدة الإدمان، وبما أن يوسف هو  أكثرهم مالا فقد كان يقوم بالإنفاق عليهم لتلبية حاجتهم من المخدرات. فلمست أسماء تغيراً في أحوال أخيها يوسف الذي كانت تعطيه المال غير عالمة فيم ينفقه، تراه يتأخر كثيراً خارج البيت، وتشم منه رائحة الدخان، فكانت تعظه وتذكره، وتنصحه بالبعد عن أصدقاء السوء، فساءت أحواله وتردت أكثر فأكثر، حتى اكتشف والده أنه يسرق منه الأموال ، فضربه، فغادر يوسف المنزل غاضباً، فاضطر إلى العودة ليلاً ودخل غرفته بهدوء، وجلس يبكي لأنه قد تعود على المخدرات، ولا يستطيع الاستغناء عنها وليس معه أموال، فذهب إلى رفقائه فسبوه، وقالوا له ادفع ما عليك أولا ثم نعطيك ، وكانوا يغرونه بأن هناك حبوباً جديدة تتداول في الأسواق أكثر فاعليه حتى يستمروا في ابتزازه. فقالوا لم تطلب مالا من أختك المدرسة؟ فقال لا أستطيع، ستسألني لماذا، ثم إني قد أخذت منها مالاً كثيراً، وهنا نطق الشيطان على لسان أحدهم: عندي فكرة أفضل، لم لا توقعها في هذه الحبوب حتى تدمن ،وتنفق عليك وعلى نفسها؟ أختي لا لا إنها شريفة لن أوقعها في هذا الوحل الذي وقعت فيه، وما زال به الشيطان وجنوده من قرناء السوء حتى رضخ إلى مطالبهم، ففي اليوم التالي جلس مع أسماء ، وطلب منها أن تعد له الشاي، فلما أحضرته طلب منها كوباً من الماء، وعندما ذهبت أخرج من جيبه قرصاً من المخدرات سريع الذوبان، قوي التأثير، فوضعه في كوبها، فلما جاءته جلست تحدثه عن مراسم زواجها والترتيب له وهي تشرب من كوبها، مرت دقائق فإذ بالدنيا تظلم من حولها وتغيب عن الوعي، فخاف أن تموت ، حاول إفاقتها، فأفاقت بعد نصف ساعة وهي تسعل بشدة وهي تقول ما الذي جرى لي يا يوسف؟ لقد شعرت أني أحلق في السماء، قال لا أعلم. فلما جن الليل أخذ الصداع يعصف برأسها، هامت كالمجنونة تبحث عن أي دواء يسكن ألمها الذي لا يطاق، دخلت غرفة أخيها فلم تجده، فلما أتى المنزل قالت أدركني يا يوسف ، منذ العصر والصداع يعصف برأسي، اصدقني القول ماذا وضعت لي في الشاي؟ قال:إنها حبوب منشطة ومقوية.وعلى الفور ألقت إليه بنقودها متوسلة :أرجوك ائتني بكمية منها، رأسي سينفجر .ففرح بهذه النتيجة، ومرت الأيام وأسماء تتناول هذه الحبوب بشراهة، وتنفق عليها الأموال الطائلة، ونسيت الحديث عن الزواج والاستعداد له، نفدت أموالها، حتى الذهب قد باعته، فسلكت نفس مسلك أخيها، ولجأت إلى السرقة من أموال أبيها. وفي يوم من الأيام، جلست أسماء وأخوها يكابدان الآلام التي تنتابهما من الحاجة إلى تلك الحبوب، فليس معهما من مال يحصلان به عليها، فقام يوسف إلى أصدقائه علهم يشفقون عليه ويعطونه ما يسكن آلامه وأخته، فظل يسترحمهم ويستعطفهم كالمتسولين. وهنا أردوا أن يسلبوه عرضه كما سلبوا كرامته وإرادته، فقالوا لن نعطيك حتى تأتينا بأختك نفعل فيها ما نشاء، صرخ: لا لا هل أنا حقير إلى هذه الدرجة حتى أبيع عرض أختي العفيفة الطاهرة؟ قال الأوغاد وماذا سيضرك إن كانت تحتاج إلى المخدرات، اعرض عليها الأمر عاد يوسف إلى البيت حاملا في قلبه جبالاً من الهم والأسى، فاستقبلته أسماء بلهفة:هل معك شيء؟ قال:لقد رفضوا أن يعطوني، فألقت بنفسها على سريرها تتقلب من شدة الألم، وهي تشد شعر رأسها، وهنا قال يوسف: لقد اشترطوا علي أن تذهبي إليهم ليتحدثوا إليك ويأنسوا بحديثك، لم يمهلها ألمها حتى تفكر :خذني إليهم ، فخرجت مع أخيها إلى وكر الأوغاد، وهناك تمزق ثوب العفاف، وذبحت الفضيلة، ومات ما تبقى من البراءة في أسماء، وقبضت مع أخيها ثمن العرض المدنس بعضاً من أقراص الدمار، .أين أسماء الطاهرة؟أين أخلاقها؟أين براءتها؟أين عفتها؟أين حلمها الجميل؟لقد ضاع كل شيء، لم يتبقى من زمن السعادة إلا الذكريات تتقافز إلى الأذهان، ثم تمضي مخلفة وراءها مزيداً من الأحزان.مرت الأيام وقد ونست أسماء كل شيء، لم تعد تذكر إلا حاجتها من المخدرات، والثمن معلوم. وفي موعد من مواعيد القدر، دق هاتف المنزل، يرفع الوالد سماعة الهاتف، فكان المتحدث ضابط الشرطة يستدعيه، وهناك عاين الوالد تلك المأساة، لقد كانت مع أخيها في وكر الأشرار، فتناولت جرعة كبيرة من المخدرات، و...

    وفارقت الحياة، هرب الأشرار، وظل يوسف يصرخ أسماء، لا تموتي، لا تموتي ، أجيبيني يا أختي. وهناك في قسم الشرطة، سطر يوسف نهاية المأساة بصرخاته: يا ناس، اسمعوا قصتي، أصدقاء السوء هم السبب، لقد حطموا مستقبلي، قتلوا أختي، كانت ستسكن حياة السعادة بعد شهر واحد، كانت ستنجب الأولاد.وظل يصرخ ولا يجيبه إلا صدى صوته.

    ماتت أسماء بعدما خسرت كل شيء في حياتها، رحلت ورحل حلمها الجميل، ذهبت ضحية الصداقة الزائفة، ضحية التهاون في اختيار الجلساء.لا إله إلا الله.

    ترى هل كان يوسف في لقائه مع الأشرار يجول بخاطره هذا المآل وذلك المصير؟!!

    لقاء في الزمن الضائع

    خفق قلب توفيق وهو ينتظر نتيجة امتحان الثانوية العامة، فهبت ريح السعادة في وجهه بنتيجة تسع وتسعين في المائة، فتهلل وجه  الشاب فرحاً، أخيرا ًسيتحقق حلمه، سيلتحق بكلية الطب، ويصير طبيباً مشهورا، سيريح أباه الشيخ الكبير من عناء العمل، سيجهز أخته التي تكبره بعام ويزوجها، وأهم من ذلك كله سيعالج أمه المقعدة، عاد إلى بيته يحدوه الأمل، وتغمره السعادة، يدخل على أمه الحبيبة يبشرها ويبث فيها الأمل، فتنهال عليه دعواتها الحارة. التحق توفيق بكلية الطب في المدينة البعيدة عن قريته، فحزم أمتعته، وودع أهله بدموعه، واتخذ سكناً قريباً من كليته، وكان معه في سكنه طلبة من نفس الكلية، ورأى منهم تقصيراً في الصلاة، وسهراً إلى ساعة متأخرة من الليل، فكان يتجنب الجلوس معهم قدر الإمكان، ويحافظ على الصلاة جماعة في المسجد، ومرت الأيام وتوفيق يتقدم في دراسته، وصار محل إعجاب معلميه، حتى جاء ذلك اليوم الذي سكن في الغرفة المجاورة له شاب يدعى"وائل"، شاب مقصر في الطاعة لا يكف عن الاستماع إلى الموسيقى الصاخبة والتي آذت أسماع "توفيق" الذي كان ينصحه دون جدوى، وفي يوم دخل عليه "وائل"في غرفته، ودعاه إلى تناول الشاي معه في غرفته بصحبة بعض أصدقاء وائل، فقبل "توفيق" الدعوة، وذهب معهم، واستأنس بالجلوس معهم، وفي إحدى المرات، غمز وائل بعينه لأصدقائه وقال سأعد لكم شاياً تنسون أنفسكم معه، فضحكوا بينما"توفيق"لا يدري لم؟فأتى "وائل"بالشاي وبعد قليل دارت رؤوسهم، غاب بعضهم عن الوعي، وبعضهم سعل بشدة، لقد وضع الخبيث في الشاي حبوباً مخدرة، والجميع يعلم إلا المسكين "توفيق" الذي قام من نومه وقد اعتراه ألم شديد في رأٍسه ويديه، فطرق باب "وائل" وقال له أدركني يا "وائل" خذني إلى المستشفى، تكاد رأسي تنفجر من الألم، فقال الخبيث:عندي دواؤك، فأحضر له كوباً من الشاي بعدما أذاب فيه قرصاً من المخدرات، وما هي إلا دقائق معدودة، حتى شعر "توفيق بتحسن وزال الألم، فسأل صديقه عن سر ذلك فابتسم الشيطان، وقال إنها خلطة الشاي العجيبة، فوقع "توفيق في شباك المخدرات، وتبدلت أحواله، أهمل دراسته حتى فصل من الجامعة، ذبل وجهه، ووهن جسده، وشحب لونه، أما أهله فلم يعد يتصل بهم أو يسأل عنهم، نسي أباه الشيخ الفاني، نسي أمه المقعدة، نسي أخته الوحيدة، صار يلهث وراء المخدرات، ولم يزل به رفقاء السوء حتى اجتروه معهم إلى طريق الزنا، فكان لهم في كل أسبوع صيد من الفتيات والعياذ بالله، ففي ذات مرة أتاهم في مكان جريمتهم، فأخبروه بصيدهم الجديد، فتاة جميلة تناوبوا على الفجور بها، وجاء دوره، فدخل الغرفة وأغلق بابها بإحكام، فتقدم نحو الفتاة وقلبه يخفق، فرآها جالسة القرفصاء واضعة رأسها بين ركبتيها تبكي، وأحس بشيء غريب نحوها، فقال لها هيا يا حبيبتي، ورفع رأسها فإذا هي........

    لا لا أختي أختي ما الذي جاء بك إلى هنا، وجلس منهاراً بجوارها يبكي.قالت وغصة الأسى في حلقها: واأسفي عليك يا توفيق، نسيتنا، نسيت الصدر الحنون الذي كان يضمك كلما أحسست بألم؟نسيت القلب الذي كان يحمل عنك همومك، نسيب الأمنيات نسيت لحظات السعادة في بيتنا الصغير؟ قد مات أبوك منذ خمسة أشهر، وأمك أصيبت بشلل كامل، ووقفت وحدي بغير معين، جمعت المال لكي آتي إلى هنا وأبحث عنك، أخبروني في الجامعة أنك قد فصلت، بحثت عنك في كل مكان، فلم أجدك، فوقعت في أيدي الأشرار وفقدت عفتي وحيائي، وهاأنت الآن تريد تدمير ما بقي من حياتي، واحسرتاه على أخي، واحسرتاه على أخي.

    يا لها من مأساة كان أول فصولها يوم أن سلم "توفيق" دينه وخلقه أصدقاء السوء، فزرع معهم الأشواك، فمن جناها؟! جناه ذلك الشيخ الفاني الضعيف، جنته تلك الأم الحنون القعيدة، جنته تلك الفتاة البريئة التي ذبح عفافها.هؤلاء الذين جنوا الأشواك.

    همة غائرة

    الهمة هي رأس مال العبد، وأكبر عوامل نجاحه، فمن الناس من تناطح همته السحاب، ومنهم من غارت همته في حضيض الأرض، وهذا العلو والسفول يكون وفق عوامل عدة، من أهمها الصحبة، فمن صادق الأخيار أولي الهمم العالية ذوي الأهداف السامية، علت همته وارتقت، وأما من صادق أهل الشرور، أو أصحاب الاهتمامات الوضيعة، والأهداف التافهة، سفلت همته، كالنسر يقع على الجيف.ومرد ذلك إلى الحقيقة المقررة أن الصاحب يتأثر بمن يصحب ، وكما قيل:

    صحبة الخامل تكسو                من يواخيه خمولا    

    وقيل أيضاً:

    ذو النقص يصحب مثله       والشكل يألف شكله

    فاصحب أخا الفضل لكي      تقفو بفعلك فعله

    فاحذر أيها الحبيب من مصاحبة من يردي همتك، فإن (طبعك يسرق منهم وأنت لا تدري، وليس إعداء الجليس جليسه بمقالة وفعالة فقط، بل بالنظر إليه! والنظر في الصور يورث في النفوس أخلاقاً مناسبة لخلق المنظور إليه!ومن المشاهد أن الماء والهواء يفسدان بمجاورة الجيفة، فما الظن بالنفوس البشرية؟!)

    وهذه الحقيقة يدركها كل من يصدق الحديث مع نفسه ممن صاحب رفقة السوء، يعلم جيداً أن خور عزيمته وضعف همته وسفولها إنما هو عدوى من رفقاء السوء الذين لا ينشطون إلا للرذائل.ولكن قد يرد أن من الشباب من يبتعد عن صحبة أهل الإجرام والفساد، وكل ما في الأمر أنه صديقه لا يفيده بشيء، وليست له اهتمامات جادة ولا أهداف سامية، ويضيع معه كثير من الوقت عديم الفائدة، ويظن الشاب أنه بذلك في أمان مع ذلك الصديق.لا أيها الحبيب،

    فمثل هذا الصاحب إنما تتردى بصداقته من حيث لا تدري، حيث أن هذه الشخصيات عندها القابلية للانحراف، وإذا انحرف فيخشى عليك العدوى في ظل تمسكك بصداقته، وإذا افترضنا أن هذا احتمال غير وارد، فحسبك منه أن يعتريك ما نحذر منه في هذه الفقرة، ألا وهو ضعف الهمة .وذلك مما لم يختلف عليه العقلاء، استناداً إلى كون ذلك التماثل حقيقة شرعية، وهو ما يقرره الواقع ، وتثبته كل الدراسات النفسية والاجتماعية من حقيقة تأثر الصديق بصديقه، بما يمكن أن نسميه مجازاً باستطراق الصفات، فقد يكون بين الصديقين بوناً شاسعاً في الصفات، ومع طول زمن الصحبة تمزج صفاتهما حتى تصير هذه وتلك في منسوب واحد تقريباً.

    واستمع إلى إحدى درر ابن القيم رحمه الله حيث قال: "اجتماع الإخوان قسمان: اجتماع على مؤانسة الطبع وشغل الوقت، فهذا مضرته أرجح من منفعته، وأقل ما فيه أنه يفسد القلب ويضيع الوقت.واجتماع بهم على التعاون على أسباب النجاة والتواصي بالحق والصبر فهذا من أعظم الغنيمة وأنفعها"

    فاعلم يقيناً أيها الحبيب أن هذا الصديق سيضعف همتك فتقصر بك عن الوصول إلى المعالي في أمر دينك ودنياك، أتعرف كيف؟

    أولا: عندما تريد تقييم نفسك، فمن الطبيعي أن تقيس أحوالها على قرينك هذا، وحينئذ سترضى عن نفسك وترضى باليسير من الإيجابيات، وتسد عنك أفق النجاح، ولن تتقدم خطوة في أي مجال من أمور الدنيا أو الدين؛وكلما حاولت التقدم اجتذب نظرك إلى الوراء، فتثبطك أحواله.

    ثانياً: ذلك الكنز الثمين الذي تنفقه بسخاء على ذلك الصديق: الوقت الذي هو رأس مالك، وذهاب شيء منه إنما هو ذهاب بعضك، فكما قال الحسن: "إنما أنت أيام مجموعة فإذا ذهب يومك ذهب بعضك" .تضييع هذه الأوقات معه فيما لا ينفع مع ما فيه من وأد للإنجازات ومساعي النجاح، يورثك كذلك الراحة والغفلة، ويقتل فيك روح الإيجابية والبذل.

     

    كلمات مفتاحية  :
    رجل الشباب

    تعليقات الزوار ()