السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لماذا أكتب ولم تقرأ؟
أنت تقرأ منذ بدأت تتعلم الأبجدية. تقرأ الأرقام والأسماء والكتب المدرسية ثم تخرج من هذا الطور إلى قراءة اختيارية ليست واجباً بالمعني الدراسي، ولكنها الواجب الكبير بالمعني الحضاري الثقافي.
قد قيل إن الثقافة هي خلاصة تجارب الإنسان على أن يؤثر ذلك في سلوكه، ولكن سلوكنا من سيئ إلى أسوأ. عفواً، سيئ كلمة لا تليق. دعني أقول سلوكنا لم يتغير. فلماذا أكتب ولم تقرأ؟
نحن نقرأ لنتغير، لنصبح أفضل، لنفتح أعيننا على عالم كبير، لنسافر عبر الورق والكلمات. لكننا في هذا الزمن نكتب وكأن المقالة فاتورة وتقرأها أنت بالإحساس نفسه وكأنها فاتورة، فهل انعدمت أحاسيسنا أم أن اللوم ليس على القارئ والكاتب فحسب، نحن الكتاب لا نركض كالأحصنة في المضمار، ولذا فإن الحركة الثقافية ساكنة. ولأن الكاتب والقارئ والناشر كلهم يتنفسون في المحيط نفسه، فالكاتب لا يتحمل وحده مهمة تنشيط عقلك وأحاسيسك، بل أنت الذي تؤثر في نوعية ما يكتب ودرجة ثقافتك هي التي تحدد مسار الكاتب وعمقه. ومن الطبيعي أن يفكر الكاتب بمن يخاطب قبل أن يتناول قلمه، ورئيس التحرير هو الذي يحدد ما يريده القارئ لعملية الطلب والعرض في السوق الإعلامية، فهل نريد جريدة بوسع غرفة ضيقة أو صالون أم نريدها بوسع مدينة؟
الجريدة هي مدينة، فيها المسؤول والمعلم والشحاذ والغني والمفكر والأعرج والفقير والمجنون والعاشق والتائه. هل رأيتم مدينة تخلو من كل هؤلاء؟ مع هذا فإنهم يصيحون «نريد مواضيع مثيرة للجدل»، «طب» ما هي مثيرة للجدل، «فنتجادل فيها ليه»؟ ألم نشبع جدالاً؟ لا، لا نشبع.
المطلوب مواضيع رائجة عالموضة حتى نتكلم وكأننا في سوق نجلس فيها على المقهى، نسلم على بعضنا البعض ونثرثر، فأين الكاتب الذي يخلق لك قلقاً خلاقاً تتلمس من خلاله نفسك وواقعك وتصحو فجأة بعد أن تكون الكلمات أقضت مضجعك؟ وأين الكاتب الذي ينسج لك خيوطاً حريرية أو عنكبوتية ليوقعك في شراكها الناعمة أو الخادعة؟ وأين الكاتب الذي تكون كتاباته إضافة جديدة إلى معرفتك؟ وأين الكاتب الذي يريد أن يقول شيئاً ما، فكرة ما، دعوة ما، رسالة ما؟
إن القراءة جرعة من أكسير وشراب سحري، فأين الكاتب الذي تموج الصور والألوان في كلماته كقطعة فنية؟ لابد إذاً أن يكون الحديث غير الحديث المتداول في الحياة اليومية وإن كان الموضوع نفسه، بل أكثر المواضيع معاصرة هي ما يواجه الإنسان في حاضره وما يراه عبر نوافذ حسه وحساباته عن المستقبل.
وبما أننا فقدنا حسنا وأحاسيسنا فلهذا ما عاد الكاتب يدخل من تلك البوابة التي تفصل بينه وبين القارئ ليصنع التغيير.
احدى المقالات التي قرات واعجبتني فنقلتها لكم
اسم الكاتبه وفاء كريدية
عن جريدة الحياة