|
|
|
شاب مسلم |
ما زالت رحى الإباحية والتفسخ تدور فتطحن شباب المسلمين يوما بعد يوم, وساعة بعد ساعة, بل ولحظة تلو لحظة, وأضحى الشباب في هذا الخضم الهائل من التهتك والعري, تدور أعينهم حيارى يلهثون وراء كل داعٍ للهلاك, وضاعت حياتهم بضياع حيائهم, وكما قال ابن القيم رحمه الله ( فأكمل الناس حياةً أكملهم حياءً, ونقصان حياء المرء من نقصان حياته, فإن الروح إذا ماتت لم تحس بما يؤلمها من القبائح, فلا تستحي منها, فإذا كانت صحيحة الحياة؛ أحست بذلك فاستحيت منه).
ومن ثم أخي الحبيب, كان من العلاجات الشافية لداء الشهوة المستشري في جسد شباب الأمة؛ أن يضع الشباب بذور العفة والحياء في قلوبهم, لتنموا وتترعرع ويشتد عودها, فتثمر بإذن الله غضًا للبصر, وإحصانًا للفرج, وحفظًا للجوارح.
مشكاة يوسف الصديق
ولا يسع متكلم عن الحياء والعفة إلا أن يبدأ أولاً بالحديث عن القدوة القرآنية النبوية في الحياء والعفة: يوسف الصديق عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام, وقصته الشهيرة مع امرأة العزيز, التي غدت نبراسا للباحثين عن العفة والحياء, والذي تضافرت الظروف حوله ليقع فيما حرم الله, ولكنه يأبى إلا عفة نفسه وصيانتها عن الحرام، بالرغم من أن أمورًا عدة كانت تدعو يوسف عليه السلام إلى الوقوع في الفاحشة والاستجابة لمراودة المرأة له، ومنها:
1- العامل الطبعي: فالرجل يميل إلى المرأة، وكل الرجال إلا من شذ, لديه هذه الشهوة.
2- كونه شابًّا، والشهوة عند الشاب تكون أكثر توقدًا منه عند غيره.
3- أنه كان عَزَبًا لم يتزوج بعد؛ فالمتزوج قد يسر الله له طريق الحلال؛ فلو أثاره ما أثاره فأمامه المصرف الشرعي.
4- كونه في بلد غريب، فوجود الغربة قد يدعو الإنسان إلى أن ينطلق وينفلت.
5- أن المرأة كانت ذات منصب وذات جمال، أما كونها ذات منصب فهذا واضح، وأما كونها ذات جمال فإن مِثْل العزيز العادة ألا يتزوج إلا امرأة ذات جمال.
6- كونها غير ممتنعة؛ فإن مما يصد المرء عن المعصية أن تمتنع المرأة وتأبى.
7- أنها طلبت وأرادت وراودت وبذلت الجهد؛ فكفته مؤنة الطلب وبذل الرغبة؛ فهي الراغبة الذليلة وهو العزيز المرغوب فيه، فالشاب قد تدعوه الشهوة إلى أن يواقع المعصية، لكن قد تبقى أمامه عقبة؛ وهي الجرأة والتصريح بالرغبة والطلب.
8- أنه في دارها وتحت سلطانها وقهرها، بحيث يخشى إن لم يجبها إلى ما تطلب أن يناله أذاها؛ فاجتمع له الرغبة والرهبة.
9- أنه لا يخشى أن تنُمَّ عليه لأنها الراضية الراغبة؛ فيزول لديه خوف الفضيحة ومعرفة الناس بما قارف من سوء.
10- التوعد بالسجن والصغار، فإنها قالت:
{وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ} (32) سورة يوسف.
وهي تملك ذلك، فهي زوجة العزيز، والأمر بيديها، وهي ممن وصفت بالكيد العظيم وقد أثبتت قدرتها على ذلك، فدخل يوسف u السجن ولبث فيه بضع سنين.
11- أن الزوج لم يظهر الغيرة والنخوة التي تليق بالأزواج، فحين شَهِد الشاهد واتضح الأمر أمامه؛ قال هذا الزوج ليوسف u:
{يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا}
وقال للمرأة: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ}(29) سورة يوسف
وبالرغم من كل هذه العوامل، فإن يوسف uلم يستجب لداعي الشهوة ووساوس الشيطان، بل جاهد نفسه وكان قراره النهائي في غاية القوة والحسم:
{قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ } (33) سورة يوسف.
لقد تعرض يوسف عليه السلام لمحنتين عظيمتين لا يقوى على الصمود أمامهما إلا من وفقه الله عز وجل:
الأولى: في مراودة امرأة العزيز له وقد بينا ما أحاط بهذه المحنة من أسباب تعين الشيطان عليه ولكن نجاه المولى منها
والثانية: عندما راودته باقي النسوة عن نفسه وحاولت كل واحدة منهن أن تراوده عن نفسه كما فعلت امرأة العزيز, يقول صاحب الظلال: (واندفع النسوة كلهم إليهيراودنه عن نفسه.. كل منهن أرادته لنفسها.. ويدلنا على ذلك أمران: الدليل الأول هو قول يوسف عليه السلام((رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ)) فلم يقل (ما تدعوني إليه).. والأمر الآخر هو سؤال الملك لهم فيمابعد((قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَننَّفْسِهِ)) ).
أما المحنة الأولى فقد نجاه الله تعالى منها لأنه كان المخلصين كما جاء في كتابه (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) وقد فسرها أكثر المفسرون بأن معناها هو أنه كان مخلصا في العبادة أي أنه كان يتقن العبادة وكانت نيته فيها خالصة لله تعالى
وأما في الثانية فقد نجاه الله تعالى بعد أن استغاث به ودعاه دعوة الخائف الضعيف {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) [يوسف/33، 34]
فانظر وتأمل أخي الحبيب كيف نجَّا الله تعالى يوسف من هذه الفتنة بأمرين فقط؛ وهما إخلاصه في العبادة, ودعاؤه ومناجاته له عز وجل.
أعلم أنك الآن ستقول بصراحة: ولكن هذا نبي مرسل يوحى إليه من الله عز وجل، فأنَّى لنا أن نصل إلى ما كان عليه من العفة؟ فمن الظلم أن نقارن أنفسنا بيوسف u.
إن كان هذا رأيك فتأمل ما سأسرده لك من الوقائع والتي لن نختلف عليها إن شاء الله؛ لأن أبطالها مثلي ومثلك من المسلمين، الذين لم يكونوا أنبياء ولا مرسلين:
1- نسمة من الربيع:
أمر قوم امرأة ذات جمال بارع أن تتعرض للربيع بن خثيم فلعلها تفتنه، وجعلوا لها إن فعلت ألف درهم, فلبست أحسن ما قدرت عليه وتطيبت, ثم تعرضت له حين خرج من المسجد، فأسفرت عن وجهها، فراعه ذلك المنظر؛ فقال لها الربيع: كيف بكِ لو قد نزلت الحمى بجسمكِ فغيرت ما أرى من لونكِ وبهجتكِ؟ أم كيف بكِ لو قد نزل بكِ ملك الموت فقطع منكِ حبل الوتين؟ أم كيف بكِ لو قد ساءلكِ منكر ونكير؟
فصرخت صرخةً وسقطت مغشيًا عليها، فوالله لقد أفاقت يوم أفاقت فبلغت من العبادة حتى ماتت يوم ماتت؛ وإنها لجذع محترق.
2- لمحة من عبيد بن عمير:
ذكر أبو الفرج أن امرأةً جميلةً كانت في مكة وكان لها زوج، فنظرت يومًا إلى وجهها في المرآة فقالت لزوجها هذه المغرورة: أترى أحدًا يرى هذا الوجه ولا يفتتن به؟ قال: نعم. قالت: من!! قال: عبيد بن عمير. قالت: فائذن لي فلأفتننه قال: قد أذنت لك.
فأتته كالمستفتية، دخلت المسجد وهو في ناحية المسجد، ولما اقتربت منه ظنها تستفتي، فأسفرت عن وجه كفلقة القمر، فقال: يا أمة الله، استتري، قالت: قد افتتنتُ بك، قال: إني سائلك عن شيء، فإن أنت صدقتني؛ نظرت في أمرك، قالت: لا تسألني عن شيء إلا صدقتك.
قال: أخبريني لو أن ملك الموت أتاكِ ليقبض روحكِ، أكان يسركِ أن أقضي لكِ هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا، قال: صدقتِ.
قال: فلو دخلتِ قبركِ وأُجلستِ للمساءلة، أكان يسركِ أني قضيتها لكِ؟ قالت: اللهم لا، قال: صدقتِ.
قال: فلو أن الناس أعطوا كتبهم ولا تدرين أتأخذين كتابكِ بيمينك أم بشمالك، أكان يسرك أني قضيتها لك؟ قالت: اللهم لا، قال: صدقت.
قال: فلو أردت الممر على الصراط ولا تدرين أتنجين أو لا تنجين، أكان يسركِ أني قضيتها لك؟ قالت: اللهم لا، قال: صدقتِ.
قال: فلو جيء بالميزان وجيء بكِ فلا تدرين أيخف ميزانك أم يثقل، أكان يسركِ أني قضيتها لك؟ قالت: اللهم لا، قال: صدقتِ.
قال: اتق الله، فقد أنعم الله عليكِ وأحسن إليكِ، فرجعت إلى زوجها، فقال: ما صنعتِ؟ قالت: أنت بطال ونحن بطالون.
فأقبلت على الصلاة والصوم والعبادة فتفرغت للعبادة وانشغلت عن الزوج، فكان زوجها يقول: ما لي ولعبيد بن عمير، أفسد عليَّ امرأتي، كانت في كل ليلة عروسًا فصيَّرها راهبة.
3- عطاء الله لعطاء:
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: خرج عطاء بن يسار وسليمان بن يسار حاجِّين من المدينة، ومعهما أصحاب لهم، حتى إذا كانوا بالأبواء نزلوا منزلًا، فانطلق سليمان وأصحابه لبعض حاجتهم، وبقي عطاء بن يسار قائمًا في المنزل يصلي.
قال: فدخلت عليه امرأة من الأعراب جميلة، فلما رآها عطاء ظن أن لها حاجةً فأوجزَ في صلاته، ثم قال: ألك حاجة؟ قالت: نعم، قال: ما هي؟ قالت: قم فأصِب مني، فإني قد ودَقتُ ولا بعل لي، فقال: إليك عني، لا تحرقيني ونفسك بالنار, فجعلت تراوده عن نفسه ويأبى إلا ما يريد، قال: فجعل عطاء يبكي، ويقول: ويحك إليك عني، قال: اشتد بكاؤه فلما نظرت المرأة إليه، وما داخله من البكاء والجزع؛ بكت المرأة لبكائه.
قال: فجعل يبكي والمرأة بين يديه تبكي، فبينما هو كذلك إذا جاء سليمان من حاجته، فلما نظر إلى عطاء يبكي والمرأة بين يديه تبكي في ناحية البيت؛ بكى لبكائهما لا يدري ما أبكاهما.
وجعل أصحابهما يأتون رجلًا رجلًا، كلما أتى رجل فرآهم يبكون جلس يبكي لبكائهم لا يسألهم عن أمرهم، حتى كثر البكاء وعلا الصوت, فلما رأت الأعرابية ذلك قامت فخرجت.
قال: فقام القوم فدخلوا، فلبث سليمان بعد ذلك وهو لا يسأل أخاه عن قصة المرأة إجلالاً له وهيبة، قال: وكان أسنَّ منه.
قال: ثم إنهما قدما مصر لبعض حاجتهما، فلبثا بها ما شاء الله، فبينا عطاء ذات ليلة نائم إذ استيقظ وهو يبكي، فقال سليمان: ما يبكيك يا أخي؟ قال: فاشتد بكاؤه، قال: ما يبكيك يا أخي؟ قال: رؤيا رأيتها الليلة، قال: وما هي؟
قال: لا تخبر بها أحداً ما دمتُ حياً: رأيت يوسف النبي u في النوم، فجئت أنظر إليه فيمن ينظر إليه، فلما رأيت حسنه بكيت فنظر إليَّ في الناس فقال: ما يبكيك أيها الرجل؟ فقلت: بأبي أنت وأمي يا نبي الله، ذكرتك وامرأة العزيز وما اُبتلِيتَ به من أمرها وما لقيتَ من السجن وفرقة يعقوب، فبكيت من ذلك وجعلت أتعجب منه.
قال: فهلا تعجبت من صاحب المرأة البدوية بالأبواء؟ فعرفت الذي أراد، فبكيت واستيقظت باكيًا.
قال سليمان: أي أخي، وما كان من حال تلك المرأة؟ فقصَّ عليه عطاء القصة، فما أخبر بها سليمان أحدًا حتى مات عطاء، فحدَّث بها بعده امرأةً من أهله.
4- نفحة من المسكي:
أبو بكر المسكي، قيل: إن سبب تسميته بهذا الاسم أن امرأة استدرجته إلى بيتها وكان يبيع، فدخل، ثم أرادته بالحرام، فأغلقت الأبواب، فقال: أريد دورة المياه، فدخل الخلاء، قيل: إنه لطخ نفسه بالقاذورات، فلما خرج فرقت منه، وفتحت الباب، ومشى، فقيل: كان رائحته مسكًا بعد ذلك.
أعتقد أنك الآن أخي الحبيب على يقين جازم أن الأمر لم يعد كما كنت تظن، وأن هناك بشر مثلي ومثلك استطاعوا أن يتغلبوا على ما هو أشد من عادة سرية، أو مواقع إباحية، أو أفلام جنسية, أو مكالمات هاتفية...؟؟
هؤلاء ـ أيها الحبيب ـ تغلبوا على أشد صور الإغراء، وهو أن تدعوك المرأة بنفسها، وتقول كما قالت امرأة العزيز: هيت لك، فكان جزاؤهم كما أخبر النبي r:
(( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين ... )).[صححه الألباني]
ونأتي إلى الجزء الأهم وهو: كيف أبني الحياء والعفة في قلبي؟ ونوجز لك الأمر في خطوات بسيطة، أخي الحبيب:
1- ازرع الوقار والسكينة في قلبك:
قال بشر بن كعب: ( مكتوب في الحكمة أن من الحياء وقارًا وأن من الحياء سكينة ).
يوضح لنا ذلك الإمام القرطبي رحمه الله بقوله: ( أي أن من الحياء ما يحمل صاحبه على الوقار بأن يوقر غيره ويتوقر هو في نفسه، ومنه ما يحمله أن يسكن عن كثير مما يتحرك الناس فيه من الأمور التي لا تليق بذي المروءة ), وبذا يضع لنا الإمام القرطبي فائدة جلية في وسائل زراعة الحياء وهي: الوقار والسكون؛ وقار يتكلفه المرء يكون بتوقير الغير بداية واحترامهم وإجلالهم لكبر في سنهم أو لمزيد فضل أو علم أو خلافه.
ثم بعد ذلك يتوقر العبد في نفسه بأن يكبر بها, لا على الناس ولكن على نفسه؛ فينضج في تصرفاته، ويقبح لنفسه التصرفات التي تقلل من شأنها بين الناس كإصدار الأصوات المزعجة، والمشي بطرق ليس فيها وقار، وارتكاب الأفعال التي تجعل الناس ينظرون إلى المرء على أنه لا يراعي قيمًا ولا تقاليد ولا أعرافًا.
فيصون العبد نفسه عن ذلك كله؛ فلا ينادي مثلاً على أصحابه بصوت مرتفع في الطريق، بل يصعد إلى بيوتهم يسأل عنهم على الأبواب, ويجتنب عند ذلك أن يقف في مواجهة الباب حتى لا تكشف عينه ما يستره أهل البيت، وهذا كمثال فقط على توقير الإنسان نفسه.
والشق الثاني من الأثر هو السكينة أو (أن يسكن عن كثير مما يتحرك الناس فيه من الأمور التي لا تليق بذي المروءة).
فإذا كنت تقود سيارتك وآذاك آخر بسيارته؛ فكن صاحب الحياء الذي لا يندفع في رد الإيذاء بإيذاء، والصوت المرتفع بأعلى منه، وثق أن مكسبك من هذا السكون أعظم من الاندفاع؛ هدوءًا في الأعصاب، وصيانة للنفس عن النزول بمستواها، ورفعًا لقيمة الحياء عندك.
2- استحي من الله كما تستحي من الرجل الصالح من قومك:
إن وصية النبي r لأحد أصحابه: (( أوصيك أن تستحي من الله تعالى، كما تستحي من الرجل الصالح من قومك )) [صححه الألباني].
هي من التوجيهات المباشرة لكيفية بناء الحياء في النفس البشرية؛ أن يتلمح المرء نفسه كيف تستحي من الصالحين في أهله وجيرانه ومعارفه, ويلزمها أن تنقل هذا الاستحياء إلى عالم الغيب مع الله تعالى.
وإن مشهد الرجل الممسك بالسيجارة في يده ينفث بها الدخان من فمه، مشهد هذا الرجل وهو يفاجأ في الطريق بعابد أو عالم يعرفه، مشهده وهو يقذف بسيجارته جانبًا أو يخفيها وراء ظهره؛ لَيجعلك تتلمس فيه بعض معاني الحياء التي تدعوه أن يتأمل نفسه في هذا الموقف، فيرتقي بها مخاطبًا إياها: (( فالله أحق أن يُستحيا منه من الناس)) [حسنه الألباني].
3- أن تعمل بما جاء في هذا الحديث الجامع لصفات الحياء
عن عبد الله ابن مسعود t عن النبي r أنه قال: (( استحيوا من الله حق الحياء )) قلنا: يا رسول الله، إنا نستحي والحمد لله، قال: (( ليس ذلك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى.
ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، وآثر الآخرة على الأولى؛ فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء))[حسنه الألباني].
وأهم ما جاء فيه قوله r: (( أن تحفظ الرأس وما وعى )).
فهذه أهم وسائل بناء الحياء، فقد يكون الإنسان حيِيًّا في تعامله بأنفه أو أذنه؛ فليس من خلقه التصنت على الناس وتلمس أخبارهم، وكذا ليس من خلق أذنه سماع ما يغضب الله تعالى, لكنه في الوقت ذاته، تنطلق عينه هاتكة ستر حيائها، مجترأة على ما يكون سببًا في غضب ربها منه.
وحفظ الرأس وما حوى يتكون من مفردات هي: العين والأنف والأذن واللسان، وقبل كل ذلك وبعده الفكر, فهو كذلك من أهم الأمور التي ينبغي الحرص على الحياء فيها.
فأية فكرة ترد على الذهن، سل نفسك: هل تحب أن يطلع عليها أحب الناس إليك من صالحي أهلك أو أصدقائك، فإذا كانت الإجابة بـ(لا)؛ فأسرع بطردها وعدم الاسترسال معها.
أخي الحبيب....
حياؤك حياؤك أخي الحبيب هو حياتك وهو خلق الإسلام كما قال نبي الإسلام في الحديث المبارك والذي نختم به حديثنا معك عن الحياء كعلاج لطغيان الشهوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لكل دين خلقا, وإن خلق الإسلام الحياء)).
أهم المراجع:
1. كتاب التوابين....... ابن قدامة.
2. في ظلال القرآن....... سيد قطب.
3. روضة المحبين ونزهة المشتاقين...... ابن القيم.
4. مدارج السالكين ....... ابن القيم.
5. صفة الصفوة........ ابن الجوزي.
6. المواعظ والمجالس......... ابن الجوزي.
7. الجزاء من جنس العمل.......... العفاني.
8. مواقف إيمانية.......... أحمد فريد.