بتـــــاريخ : 7/15/2008 12:36:21 PM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1304 0


    لا دخان بلا نار

    الناقل : heba | العمر :43 | المصدر : www.almoustshar.com

    كلمات مفتاحية  :
    رجل الشباب


     

    لا دخان بلا نار

    الكثير من الشباب يدور في ذهنه سؤال حائر، وخاصة إن كان متابعًا لمقالاتنا السابقة، وأغلبهم لا يجد له جوابًا، وهو: لماذا يطغى هذا الموضوع على تفكيري ويؤثر علي سلبًا بهذه الدرجة إن كان كما تقول أنه أمر فطري؟

    والجواب أيها الحبيب يكمن في حكمة بسيطة ولكنها معبرة، تقول: أنه لا دخان بدون نار؛ أي أنه لا توجد مشكلة بلا سبب حقيقي تنشأ عنه، كالدخان لا يمكن أن يوجد بدون نار مشتعلة ينبعث منها.

    فنحن السبب الرئيس في هذه المعاناة, فطغيان الشهوة لا يحدث إلا للأسباب الآتية:

    1- إيمان واهن:

    إن الإيمان بالله عز وجل هو الضمانة والوقاية من المعصية، وهو الصخرة التي تتحطم عليها شهوات النفس الجانحة، فكلما ضعف إيمان العبد كان أكثر جرأة على محارم الله عز وجل.

    وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن العبد لا يقع في الذنب إلا حين يُؤتى من ضعف إيمانه، فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ...))[رواه البخاري].

    والعلاقة بين ضعف الإيمان وطغيان الشهوة علاقة وطيدة، فكلًّا من الإيمان والشهوات محلهما القلب, ودائمًا ما يكون هناك صراع بينهما، والمنتصر في هذا الصراع هو الذي تطيعه الجوارح فيسخرها لما يريد.

    فإما أن تكون الغلبة للإيمان أو تكون الغلبة للشهوات؛ ولذلك فالشهوة لا تملأ القلب ومن ثم لا تؤثر على الجوارح إلا إذا ضعف الإيمان في القلب؛ فتضعف سيطرة القلب على الجوارح والنفس؛ فتطغى النفس، وتسعى لإشباع رغباتها ونزواتها، وتسخر الجوارح لخدمتها؛ ومصداق ذلك في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: ((... ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)) [متفق عليه]، وصلاح القلب لا يتم إلا بأن يكون هذا القلب عامرًا بالإيمان.

    وخير دليل على ذلك هو أنت شخصيًا, فأنت تعلم تمامًا أنك لا تقع في معاصي الشهوة أو أي معصية أخرى وحالتك الإيمانية جيدة، ولكن تقع فيها وأنت تشكو من ضعف الإيمان.

    كما أنك أيضًا تعلم أن الشيطان والنفس لا يقدران على إيقاعك في الذنب إن كانت إيمانياتك مرتفعة وقلبك موصول بالله، وهذا مجمع عليه بين أغلب الشباب الذين قابلتهم ويواجهون هذه المشكلة.

    2- نافخوا الكير:

    أصدقاء السوء، وما أدراك ما أصدقاء السوء؟! فهم سبب معظم البلايا التي يقع فيها الشباب؛ وقد ذكر الله عز وجل في كتابه آية تبث الرعب في قلب من يعقل؛ فقال تعالى:

    ((وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا)) [الفرقان:27-29].

    تخيل نفسك ـ أخي الحبيب ـ يوم القيامة، وأنت واقف تحت الشمس، وقد بلغ منك العرق بمقدار ذنوبك إلى الكعبين أو الساقين أو الصدر أو الفم ـ وكلٌ أعلم بمقدار كم سيُغمَر منه ـ وأنت تتمنى أن ينتهي هذا الموقف بأسرع ما يمكن وبأي طريقة.

    وحولك يقف أصدقاؤك الذين كنتَ معهم على غير طاعة الله، لا يستطيعون أن يفعلوا لك شيئًا، ولا حتى يكونوا كما كانوا يفعلون في الدنيا (رجالًا) في مواقف المعصية، فهم مشغولون بأنفسهم أيضًا.

    وبينما أنت في هذا الموقف العصيب، تنظر على مقربة منك؛ فترى ظلًا عظيمًا ممتدًا، يقف تحته الكثير من الناس كنتَ تعرفهم بأشكالهم، بل إن منهم من تعرفه باسمه، بل ومنهم من وَقَفْتَ وتكلمتَ معه مرات ومرات، ما بالهم هناك وأنا هنا؟!! 

    بل ما لهم مستظلين وأنا في عرق ذنوبي غريق؟! نعم، أليسوا هم من كانوا يدعونني إلى صحبتهم ويلحون عليَّ في ذلك؟

    أليسوا هم من كانوا يُحذِّرونني من صحبة رفاقي، ويخبرونني بهذا المشهد، ويرجونني ألا أكون في موضعي هذا؟ حينها يملأ الندم قلبك...

    ((وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا)) [الفرقان:27-28].

    ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من أصدقاء السوء أيَّما تحذير، فقال صلى الله عليه وسلم:

    ((المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل))[حسنه الألباني].

    وقال صلى الله عليه وسلم: ((مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحًا خبيثة)) [رواه الشيخان].

    (وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لا تصحب الفاجر؛ فإنه يزين لك فعله، ويود لو أنك مثله, وقالوا: إياك ومجالسة الأشرار؛ فإن طبعك يَسرق منهم وأنت لا تدري) [فيض القدير، المناوي].

    واعلم أخي الشاب، أنك تحشر يوم القيامة مع من تحب وتصاحب في الدنيا؛ قال الله تبارك وتعالى: ((احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ)) [الصافات:22].

    والمقصود بالأزواج في هذه الآية ليس الزوج بالمعنى المعروف أو الزوجة، كلا؛ إنما المقصود بالأزواج هم الأشباه والنظراء؛ نظراء الإنسان في دينه وطريقه ومنهجه؛ وقال تعالى:

    ((وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ)) [التكوير:7].

    أي: قُرنت وحُشرت مع أشباهها ونظرائها يوم القيامة, إذًا مَن أحببته فاعلم أنك معه في الدنيا والآخرة، فإذا أحببت المؤمنين؛ فاعلم أنك معهم في الدنيا على الإيمان والعمل الصالح، وأنك محشور معهم إن شاء الله يوم القيامة، ومن أحب غيرهم؛ فشأنه وشأنهم كذلك.

    قال مالك رحمه الله: (الناس أشكال كأشكال الطير، الحمام مع الحمام، والغراب مع الغراب، والبط مع البط، وكل إنسان مع شكله) [روضة العقلاء، ابن حبان].

    ومعاصي الشهوة تحديدًا من أكثر المعاصي التي يكون أصدقاء السوء سببًا فيها، وهاك الدليل من واقعنا المعاصر:

    يقول أحد الشباب [في تحقيق أجرته جريدة الأنباء الكويتية]: (أول مرة شاهدت فيها هذه الأفلام كان منذ سنين؛ حين كنت في زيارة لأحد أصدقائي، وكان في غرفته فيلم إباحي، فقام بتشغيله ...).

    ومثال آخر، ولكنه أشد إيلامًا وأكثر عمقًا لفتاة قادتها الصحبة السيئة إلى مقدمات الزنا ثم الزنا والعياذ بالله، تقول الفتاة: (تعرفت على صديقة سيئة في الجامعة، عرفتني بدورها على شاب كانت مؤهلاته: الأناقة، والوسامة، وأصول الإتيكيت ـ كما يقال بيننا معاشر الفتيات ـ وأنه (رومانسي) لا يوجد مثله، استطاع أن يصطادني بأسلوبه وخفة دمه.

    ولقد كنت أتحدث إليه عن طريق الهاتف الساعات الطويلة، وتطورت العلاقة مع هذا الشاب حتى قويت الصداقة أكثر، ونحن ننتظر الفرصة المناسبة للخروج معًا، وكان الشيطان يستدرجني بتعلقي بهذا الشاب.

    وفي لحظة غفلة من أهلي خرجتُ معه مرات عديدة؛ لتقع المصيبة الكبرى، الجريمة العظمى؛ الزنى، وبعد أشهر حملتُ منه سفاحًا!! فأخفيته عن أهلي لنتفق سويًا على إيجاد حلًا لهذه الكارثة.

    اتفقنا ـ سامحنا الله ـ على إجهاضه وقتله، وتحت جُنح الظلام أُجهض الحمل، لكنَّ الله كان لنا بالمرصاد، فهو الذي يمهل ولا يهمل؛ فكشف الله الجريمة على يد رجال الأمن؛ ليخرج الصباح وتستيقظ الأسرة على مصيبة تنوء بحملها الجبال الراسيات.

    بكيتُ كثيرًا وأنا في السجن؛ فالحادثة مهولة والنهاية فاجعة بالنسبة لي ولأهلي، وأقول بمرارة وألم: بأي وجه أقابل أمي الحنون!! وبأي حال أقابل أبي الكريم!! وهو مطأطئ الرأس مسود الوجه، قد ذبحتُه بغير سكين، كيف لا!! والجريمة بشعة، والمصير السجن لا محالة) [دموع السجينات، حمد بن سليمان اليحي].

    هذه المأساة ـ أخي الحبيب ـ كان سببها الرئيس هو تلك الصديقة التي عرفتها على هذا الشاب عديم الخلق؛ فكانت سببًا في تعاستها وتعاسة أسرتها إلى الأبد.

    ربما تكون هذه القصة قاسية بعض الشيء، بل وربما تحدثك نفسك الآن أن أصدقاءك لا يمكن أن يوصلوك إلى هذه الدرجة, ولكن عليك أخي الحبيب أن تعترف بالحقيقة المُرَّة ولو لمرة واحدة؛ فكم من شاب كان لا يعرف شيئًا عن العادة السرية أو المواقع الإباحية أو مواعدة الفتيات، ولكن أغراه أصدقاؤه وزينوا له المعصية إلى أن ولج بقدمه إلى هذا المستنقع، وعانى كثيرًا حتى استطاع أن يخرج منه، ومنهم من لم يستطع أن يخرج إلى الآن؟

     

    كلمات مفتاحية  :
    رجل الشباب

    تعليقات الزوار ()