بتـــــاريخ : 11/17/2009 7:13:20 AM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1248 0


    الإرادة القوية من أخلاق الكبار(2(

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | المصدر : amrkhaled.net

    كلمات مفتاحية  :

     

    كيف تقوى الإرادة :

     

     

    الإيمان الحق: يقول الشيخ محمد الغزالي "... تلك طبيعة الإيمان إذا تغلغل واستمكن ، إنه يُضفي على صاحبه قوة تنطبع في سلوكه كله ، فإذا تكلم كان واثقاً من قوله، وإذا اشتغل كان راسخاً في عمله ، وإذا اتجه كان واضحاً في هدفه ، وما دام مطمئناً إلى الفكرة التي تملأ عقله ، وإلى العاطفة التي تعمر قلبه ، فقلّما يعرف التردد سبيلاً إلى نفسه ، وقلما تزحزحه العواصف العاتية عن موقفه ، بل لا عليه أن يقول لمن حوله :" اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ[الزمر:39-40]

     

     

    هذه اللهجة المقرونة بالتحدي ، وهذه الروح المستقلة في العمل ، وتلك الثقة فيما يرى أنه الحق ، ذلك يجعله في الحياة رجل مبدأ متميز ، فهو يعاشر الناس على بصيرة من أمره ، إن رآهم على الصواب تعاون معهم ، وإن وجدهم مخطئين نأى بنفسه واستوحى ضميره وحده1. اللجوء والتضرع إلى الله : الثبات والقوة من عند الله وليست بإمكانيات الأفراد وقدراتهم ، وهذا ما دعا الفئة المؤمنة في قصة طالوت وجالوت أن تلجأ إلى الله " رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ "[البقرة:250]

    وضوح الرؤية : طريق الدعوة إلى الله يأخذ طبيعة الجهاد في سبيل الله من نزول الأذى ، والتعرض للتضييق والحبس والظلم والاضطهاد ، فهو طريق مليء بالصعاب والمشاقّ ، ووضوح هذه الصورة لدى أصحاب الدعوات له أثره الملحوظ في الثبات والصبر.

    الرغبة القوية : في الوصول للهدف وتحقيق الأمل لهما بالغ الأثر في الثبات على الأمر ، وتحمل كل الآلام في سبيل الوصول إليها ، فإذا صدق العبد في رغبته المعلنة أعانه الله" وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ "[العنكبوت:69] 

     

    مدرسة الإرادة:

    وللكبار مدرستهم التي تخرجوا منهم ، والتي علمتهم كيف تقوى الإرادة وتزداد صلابتها ، إنها مدرسة الصوم التي يمتنعون فيه عن الحلال المباح في فترة زمنية محددة ، وفي وقت محدد من العام ، وكأنه تدريب عملي على زيادة قدرة التحكم في شهوات النفس ورغباتها.

     

    فتقوية إرادة الإنسان من أعظم أسباب نجاحه في دنياه آخرته، والصوم يقوي الإرادة ويربي الإنسان على تحمل المشاق في أمور الحياة كلها، وهي لا توجد إلا عند الناجحين الذين استطاعوا أن يحققوا هذه الرغبات من خلال استخدام القوة الموجودة لديهم .

    حملات التشكيك :

    الكبار أصحاب مبدأ آمنوا به ، واقتنعوا بصحته ، ورسخ ذلك في عقولهم ، فلا مجال عندهم للتزحزح عنه أو التنازل عن الانتصار له وإعلاء رايته ، وليس من الهيِّن أن يحيدوا عن تلك المبادئ التي ارتضوها لأنفسهم مهما كانت حملات التشكيك ضدهم أو ضد فكرتهم ، لذا فكلام الناس بالنسبة للكبار ليس له تأثير كبير على إرادتهم فهم يوقنون أن الناس من الممكن أن يكونوا أعباءً لا أعواناً .

    والكبار لا يبنون سلوكهم على توجيهات الناس وآرائهم ، فيتلونون بألوانهم ، ويتشكلون حسب رغباتهم ، بل إنهم لا يعبأون كثيراً بحملاتهم ونقدهم فما كان في كلامهم من خير أخذوه وما كان فيه من تثبيط للهمم ، وإضعاف للعزائم تركوه متمثلين في ذلك قول الشاعر العربي في تجاهل السفهاء:

    لو أن كل كلب عوى ألقمته حجراً    لأصبح الصخر مثقالاً بدينار

    وإن أحسن ما قيل في إدراك صواب الجماهير والعامة للصواب هو قوله تعالى:" وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ"[الأنعام:116] 

    عقبات الطريق :

    وعقبات الطريق لا تفتُ في إرادة الكبار ، ولا تُوهن من عزائمهم ، ولا تُضعف من قواهم ، لأن الطريق مرسومة خطواته ، معلومة مراحله ، قالها ورقة بن نوفل لرسول الله منذ بداية الوحي حينما ذهب إليه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ليستشيره فيما رأى في غار حراء " أَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى ، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ قَالَ نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ ...."

    المساومات:

    وحينما تثبت إرادة الرجال ، ويقوى عودهم ، وتثبت أقدامهم أمام موجة معارضيهم ، وتفشل محاولات الإثناء بالقوة ، يلجأ أهل الباطل إلى المغريات والمساومات.

    والكبار لا تُجدي معهم المغريات أو المساومات مهما كان حجمها ، فإرادتهم قوية لا يتطرق إليها ضعف ، عصية لا يلحق بها ملاينة أو مداهنة ، فلن تُثنيهم تلك المغريات عن مشروعهم الذي اختاره الله لهم وارتضوها لأنفسهم طريقاً ، كما كان قدوتهم رسول الله صلى الله عليه حينما ساومه قومه على دعوته وقالوا له :" فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب مالا جمعنا لك من أموالنا، حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت إنما تطلب الشرف فينا سودناك علينا، وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك بما يأتيك رئيا تراه قد غلب عليك، وكانوا يسمون التابع من الجن الرئى - فربما كان ذلك، بذلنا أموالنا في طلب الطب حتى نبرئك منه أو نعذر.

    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبات ويقين  " ما بى ما تقولون، ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم، ولا الشرف فيكم، ولا الملك عليكم، ولكن الله بعثني إليكم رسولا، وأنزل عليَّ كتابا، وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا، فبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم، فإن تقبلوا منى ما جئتكم به فهو حظكم من الدنيا والآخرة، وإن تردوه على أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم ". 

    تخلي الآخرين :

    والكبار لا تنكسر إرادتهم إذا تخلى الناس عنهم ما داموا على الحق ، ولا تنكسر إرادتهم إذا رمتهم الأقلام ووصفتهم بما هم منه براء ، ولا تنكسر إرادتهم إذا اعتزلهم الناس خوفاً على مصالحهم أو طمعاً فيما عند خصومهم ، فعندما ذهبت قريش لعم النبي صلى الله عليه وسلم طالبة منه أن يمنعه من دعوته أو يخلي بينهم وبينه " .... ثم إنهم مشوا إلى أبى طالب مرة أخرى، فقالوا: يا أبا طالب إن لك سنا وشرفا ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين.

    فعظم على أبى طالب فراق قومه وعداوتهم ولم يطب نفسا بإسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خذلانه.

    فكان الثبات على الحق ، والإرادة القوية الواثقة بموعود الله تمثلت في رد رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : " يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك فيه ما تركته "

    السخرية والاستهزاء:

    والسخرية والاستهزاء هي إحدى الوسائل التي يلجأ إليها الأعداء للنيل من إرادة الكبار وإضعافها ، فتارة يسخرون من أفكارهم فيرمونهم بالتخلف والرجعية ، وأخرى يسخرون من لباسهم فيصفونه بالخيمة المتحركة ، وثالثة يسخرون من التزامهم فيصفونهم بالتستر خلف الدين ، ورابعة يسخرون من برامجهم فيصفونها بالسطحية واللاواقعية وغيرها وغيرها .

    والكبار أمام هذا السخرية ثابتون على دعوتهم ثبات الشم الرواسي ، لا يتزحزحون عنها ولا يفترون ، إرادتهم قوية في التغيير، أخبرهم ربهم بكل هذا مسبقاً فازدادوا بذلك يقيناً وإصراراً وقوة في صحة طريقهم وصواب منهجهم قال تعالى"وَإِذَا رَآَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آَلِهَتَكُمْ"[الأنبياء:36]

    ومن قبل ثبت نوح عليه السلام ، ولم تلن له قناة أمام سخرية قومه منه "وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ"[هود:38] فأجابهم في قوة المؤمن الواثق " قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ"[هود:38]

    ثم كانت رسالة التطمين الإلهية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأمته من بعده ، حتى لا يُصيبهم اليأس أو الضعف من سخرية الساخرين "وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ"[الأنعام:10] 

    النفي والتعذيب :

    والنفي والتعذيب والتنكيل وسيلة الأعداء الأخيرة في ثني إرادة الكبار ، ومحاولة إضعافها أو النيل منها ، "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ"[إبراهيم:13]

    وهذه الوسيلة أيضاً لا تُجدي نفعاً مع أهل الإيمان الذين وهبوا أرواحهم وأجسادهم فداءً لهذا الدين فكان شعارهم الدائم "وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ"[إبراهيم:12]

    ويبدو أنها وسيلة قديمة قدم الأنبياء على هذه الأرض فها هم قو شعيب عليه السلام "قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا...."[الأعراف:88]

    فما كان جوابهم إلا أن قالوا في قوة وثبات "... قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88) قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ"[الأعراف:89]

    وتمثلوا ثبات سحرة فرعون حينما هددهم بالتمثيل بأجسادهم أحياء ، فلم يستطع كسر إرادة الإيمان في قلوبهم ، زحزحة المبدأ في نفوسهم " قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى"[طه:71] فكان الرد الحاسم ، والجواب السديد الذي يعكس مدى قوة الإيمان في قلوبهم " قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا"[طه:72] 

    فالثبات الثبات يا دعاة الإسلام ... والصبر الصبر يا مجاهدين و "اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" [الأعراف:128]



    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()