إذا كانت ثقتكِ بنفسكِ مترتبةً على مكانةٍ أحرزتِها بعمل دؤوب واضح الإيجابيات تقطفين أنتِ وغيرك ثماره, أو من علمٍ سامٍ حصنتِ عقلكِ به من ظلام الجهل ونفعتِ به غيرك فنعم تكون الثقة أما أن تكون الثقة قد اكتسبتِها عن طريق نظرات الهائمين بأنوثتك التي تجعلهم يتسابقون إلى إرضائك في دقائق احتكاكهم بك ويعطوك ما لا يجب لك ويزكونك على من هو أنفع منك للمجتمع فلتعلمي أن هذا مجد موهوم وثقة غير فاضلة أبعدي نفسك ولا تركني إلى هذا المجد
إن اعتقادك أن جمالك هو الذي وضعك موضع الرفعة والاحترام سيدخلك عالم التنافس مع الأكثر جمالاً واللواتي لن يتورعن عن إبراز ما خفي من مفاتن ليغيرن أسس التفاضل بما يسنح لهن أن يكن في السبق والنتيجة تكون هتك ما بقي من حدود الحشمة بحجة عدم حرمانك من كنوزك الخفية وسيؤول بك التنافس مع أمثال أولئك الفتيات إلى التعود على إظهار كل المفاتن بدون حدود حتى وصل الحال ببعضهن إلى تغيير خلقتهن للوصول إلى الشكل الموهوم أنه الأجمل
ستجدين من يسوق لك أساليب وفنون الحفاظ على جمالك وفتنتك (غايته المال الذي يدر له هوسك الكثير ) ويسوغ لك إبراز الأجمل مما لديك حتى يزين لك أن كل جسدك تحفة رائعة تعرضين منها ما يكفي لأن تظلي على عرشك فتصبح الغواية لديك خصلة والجمال رأسمالك
إنك لن تستطيعي تحاشي ود الجميع واستلطافهم بعد أن جعلت لفت النظر ديدنك وحيث أنك لن تسوي بين الوسيم الذي تميلين إليه وبين الدميم الذي قد يؤسر بك فتعرضين عن الدميم وتبتسمين للوسيم مما يدفع الأول لاتهامك بالغواية
والأصعب من ذلك أنك ستزدرين من أخذ بك ممن طعن في السن فلم يشفع له سنه أن يتخلص من فتنتك بل ماذا ستفعلين إن أشرفت نفس عاجز عليك أو متزوج بذات أقل جمال منك
سيدفعك إعراضك عن هؤلاء إلى عدوانية تبررينها مع مثيلاتك وتعللين إقبال من لا ترغبين عليك بالضعف والسخف مع أنهم قابلوك بمثل ما قابلك به من كان أوفر حظاً باستمالتك إليه ثم لا تلبثي أن تسخري من شيء وضعه الخالق في الرجال ليكون منه البقاء لمجرد أنك وظفته لرفعتك
كيف ستكون حالك إذا قلت نظرات الإعجاب المتوالية عليك ثم اختفت
أي مكانة ستجدين لنفسك في واقعية الناس وعقلانيتهم التي ستفاجئك بعد أن تخلى عنك سلاحك الذي كنت تشهرينه في وجوههم والذي كان كل ما عولت عليه وكل زادك
كيف تقبلين أن تبني شخصيتك على إقبال الهائمين الذين قد يختلفون في ضبط وجدهم حسب فهمهم لما يرضيك أو أملهم في الوصول إلى ما لا يفهمون
إنما دفع بعضهم شهوة قد وجدت فيك متنفساً بلذة مفترة توقدينها بأدنى تجاوب منك وان لم تفعلي جعلت أهواءهم تتقلب بفتنتك حتى يزدادوا هوى وولهاً يمنعهم عما ينفعهم
ألم تذكري أن من يرقبك قيوم السماوات والأرض تتقلبين في ملكه وتصدين عباده عنه وقد جعل لك عن يسارك ملكاً يسجل عليك كل طرفة عين شغلت بك عنه
فاحترسي