يعلم الكثير منا أن رواد الفضاء يعودون للأرض ومعهم الكثير من الحقائق عن العالم الخارجي الغامض، ولكننا لا نعلم أنهم يحملون أيضاً الكثير من المشاكل الصحية التي قد تؤثر عليهم في المستقبل.
فالفضاء يعتبر من البيئات القاسية التى تؤثر على الجسم بطرق عديدة، حيث انعدام الجاذبية التي تسبب فقدان فى العظام بمعدل يترواح ما بين 1 إلى 1.5 % شهرياً.
الأمر الذي يجعل الكثيرين يتساءلون عن طبيعة الغذاء الذي يتناوله رواد الفضاء أثناء قيامهم بالرحلات في مركباتهم الفضائية، وهذا التساؤل تطرحه دراسة جديدة حول الآلية التي يتناولوا فيها طعامهم خصوصاً في ظل انعدام الجاذبية الأرضية.
وقد أكد الباحثون أن رواد الفضاء يتناولون طعامهم على شكل معجون والذي يكون معبأً بعبوات شبيهة بتلك التي توضع فيها معاجين الأسنان، وعمل العلماء على تطوير هذا النوع من الغذاء فترات طويلة من الزمن للوصول إلى الشكل الحالي لهذا الغذاء.
ووفقاً لما نشرته "مجلة تايم الأمريكية"، فقد كانت هذه الوجبات في بدايتها غير مستساغة لرواد الفضاء بسبب طعمها، كما لاحظ العلماء أن أوزان الرواد تنخفض بشكل كبير في كل رحلة كانوا يقومون بها، ما جعل المختصين بالغذاء يبدون قلقهم ويبحثون عن سبب هذا النقص الواضح في أوزانهم.
وتعتبر رحلات الفضاء أكثر صعوبة مما يتوقع الكثيرون، فرواد الفضاء يستهلكون الكثير من طاقتهم، كما تتعرض أجسادهم لإجهاد كبير، وبالتالي فإن احتياجاتهم الغذائية تختلف عما هي عليه في حياتهم الطبيعية.
وعلى سبيل المثال فهم يحتاجون لكميات إضافية من الكالسيوم لتعويض النقص الحاصل في هذا العنصر في عظامهم والذي يبدأ مع انطلاقهم في رحلتهم، وقد يساعد الطعام منخفض الصوديوم على الحفاظ على الكالسيوم في الجسم.
ولكن مع التطور الحاصل في تجهيز الغذاء لرواد الفضاء، أصبح الوضع هذه الأيام أفضل بكثير، فقد تم تحضير قائمة متنوعة من الأطعمة التي يمكن لرائد الفضاء أن يختار منها فمن سلطة التونا إلى الذرة إلى غيرها من الأطعمة المختلفة.
ويتم معالجة الأطعمة حرارياً للحفاظ عليها، كما يتم تجهيزها بشكل يمكن مستهلكيها من تناولها بالملعقة مهما كان نوع الطعام.
واليوم تحتوي قائمة الطعام لرواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية أبولو 185 صنفاً من الأطعمة المختلفة منها الستيك، والجمبري والسلطات وغيرها،، قدمت روسيا 100 نوع في القائمة فيما قدمت اليابان 30 طبقاً عند التحاقها بالمحطة الدولية عام 2008.
هل يوجد جنس في الفضاء ؟
الجنس في الفضاء لا يزال طموحاً نظرياً، فلا يوجد تجربة اختبرت "رجولة الحيمن" في حالة انعدام الجاذبية.
ويؤكد الدكتور بيري لوجان الخبير في علم الجنس، أن "الجنس في انعدام الجاذبية" سيصبح مخيباً، يبرر لوجان هذا التشاؤم بأن انعدام الجاذبية سيضغط على نظام المناعة ويسبب في ضمور العضلات ويجهد وظائف الجسم، وإذا حدث الجنس بشكل ما، فإن الجنين الناتج عن هذه العملية سيدمر في الرحم في كل الأحوال.
وإذا تم الحمل في الفضاء، فالطفل حسب تقديراته سيفقد القدرة على التطور والنمو ووضعه سيكون سيئاً بشكل لا يستطيع فيه العودة إلى الأرض، فالجاذبية عندئذ ستسحقه لأنه ولد في انعدامها.
اختراعات فضائية جنسية
العلماء الروس صمموا بدلات فضائية أطلقوا عليها "Chibis" مهمتها تسريع الدم إلى الأقدام واستخدمت هذه البدل الغالية على نطاق واسع للمصابين بتعطل القذف، وفاز هذا الاختراع بعدة جوائز دولية ومن الممكن أن يزودوا رواد الفضاء بهذه البدل، إن لم تكن لديهم أصلاً مع كثرة الشائعات على ممارستهم الجنس في الفضاء.
وأكدت وكالة ناسا إنها لم تصمم بدلة مشابهة، بل صممت سرير أطلقوا عليه "المفارش الذكية" تحتوي على رغوة مطاطية أساسها مادة "الفيسكوس" الخاصة بالتأثير على الدماغ وحيز الذاكرة فيه، تؤمن نوماً عميقاً مضموناً بلا أحلام جنسية.
ازدادت في الآونة الأخيرة الأبحاث التى يجريها علماء الفلك على كل ما يحتاجه رواد الفضاء، وذلك لاكتشاف المزيد من أسرار الكون ولتوفير كل سبل الراحة لهم، حيث طلبت وكالة الفضاء الأمريكية من إحدى المؤسسات الصناعية الروسية المصنعة للتقنيات الفضائية "انريجيا" أن تصنع مرحاضاً للملاحين الأمريكيين في المحطة الفضائية الدولية.
وأوضحت الوكالة أن المرحاض الفضائي يختلف اختلافاً كبيراً عن مثيله الأرضي، فهو مجهز مثلاً، بمثبتات القدم وإلا لن يستطيع رائد الفضاء اتخاذ الوضعية المناسبة، وسوف يزود المرحاض الذي يصنعه الخبراء الروس بجهاز متميز يتيح تحويل البول إلى ماء الشرب.
وذكرت إحدى الصحف الأسبوعية الروسية ارجومينتي نيديلي، أن الولايات المتحدة أبدت استعدادها لدفع مبلغ مليون دولار كأتعاب لمن يصنع المرحاض في روسيا.
وقد بدأ رواد محطة الفضاء الدوليةً في شرب بولهم، بعد أن حمل المكوك "انديفور" في رحلته الأخيرة ماكينة لإعادة تدوير "المخلفات المائية لسكان المدار الأرضي".
وأشار بوب باجديجيان كبير مهندسي جهاز التكرير بوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، إلى أنه قام بتجربة عمياء لاختبار طعم المياه "البول"، ولم يبد أحد اعتراضاً قوياً سوى نكهة خفيفة لليود.
وتعمل "ناسا" على ضمان تشغيل جهاز تكرير المياه بصورة فاعلة قبيل إرسال ثلاثة رواد إضافيين إلى المحطة المدارية، وسيعد إعادة استخدام المياه بالمحطة الدولية من أهم مشاغل "ناسا" قبل إحالة أسطول مكاكيك الفضاء للتقاعد.
وتتوقع "ناسا" أن يستخدم جهاز التكرير في معالجة ستة جوالين من المياه "23 لتراً" في اليوم، ,استعادة قرابة 92 في المائة من المياه في بول الرواد بالإضافة إلى الرطوبة في الهواء، وستتم معالجة "الفضلات المائية" باستخدام سلسلة مكثفة ومقعدة من تقنيات التقنية، وتتضمن التقطير، والترشيح، والتأكسد إلى جانب التأيين.
ملابس خاصة
رواد الفضاء يحتاجون إلى ملابس مختلفة، فكل طقم مخصص لحدث بذاته، فهناك بدلة للاستعداد للانطلاق إلى الفضاء الخارجي، واخرى بعد الوصول إلى الفضاء، وملابس رياضية معينة أثناء التدريبات التي يمارسونها، واخرى عند المشي خارج المركبة أو المحطة الفضائية الدولية، وكلها ملابس تتوافر فيها اعتبارات الحماية والراحة.
ويختار كل رائد فضاء ملابسه قبل انطلاق الرحلة بعدة أشهر، حتى يتسنى إعدادها وارسالها إلى المحطة الدولية عبر مركبات الامداد التي تصل إليها كل فترة، أما رواد المركبات الذين يذهبون في مهمات محددة أيام معينة فيأخذون ملابسهم معهم، ويمكن لرائد الفضاء الاختيار بين نموذجين من الألبسة، أما الامريكي وأما الروسي والفروق بينهما قليلة لأنها يجب أن توفر في كل الأحوال الراحة والأمان.
كما يعتمد الاختيار على طبيعة المهمة والمدة التي تستغرقها لأن رواد الفضاء لا يبدلون ملابسهم إلا كل فترة، ولا يقومون بالاستحمام فهم يستخدمون فقط مناشف مبللة معدة طبياً لهذا الغرض لأن الماء نادر في الفضاء، ولا يمكن الاستحمام بالطريقة المعروفة في ظل انعدام الجاذبية، لذا تصمم الملابس من مواد غير قابله للاتساخ.
وتعتمد الأطقم الرياضية على "تي شيرت" و"شورت" وهي الأكثر عدداً، حيث يتم استبدالها كل ثلاثة أيام على الأقل، أما أطقم العمل داخل المركبة فلا يتم استبدالها قبل 10 أيام، وملابس العمل تحتوي في تصميمها على الكثير من الجيوب حتى تمكن الرائد من الاحتفاظ بأي أدوات عمل يحتاجها بالقرب منه.
كما يحصل كل رائد فضاء على حذاءين رياضيين مصممين خصيصاً لممارسة التمارين التي يؤدونها على العجلة الخاصة بذلك في المحطة الدولية، ويرتدي الرائد ملابس مختلفة طوال اليوم يبدأها بالملابس الرياضية لممارسة تمارين ويتبعها بملابس العمل التي تتوقف على وجوده داخل المركبة أو المحطة أو خروجه إلى الخارج.
وفي المساء هناك ملابس مخصصة للعشاء والنوم، والمحطة الدولية مزودة بنظام آلي من خلال شاشة كبيرة حساسة يعلن فيها أي رائد عن مفقوداته اذا لم يجد أية اغراض خاصة به والشاشة مصممة الكترونياً للبحث عن المفقود بمجرد ابلاغها بمواصفاته.
وفي نهاية المهمة يجمع كل رائد هذه الملابس مع الأشياء الاخرى التي قد يكون استهلكها خلال الرحلة ويجمعها في كيس النفايات التي يتم تجميعها ويتم إلقاء الكيس عند الاقتراب من الغلاف الجوي للأرض.
وفي نهاية الرحلة، فإن الرائد يرتدي بدلة خاصة بالاستعداد للهبوط توفر نظاماً احتياطياً للأكسجين للطوارئ وباراشوت للهبوط المفاجئ يفتح أتوماتيكياً، وسترة نجاة للطفو على الماء، ولتري ماء نقي، وأجزاء في جيوب السترة تحتوي على راديو وبوصلة ومرآة وآلة حادة وقلم حبر وآلة لإطلاق النور في الجو وأداة لإشعال النار.
الضريبة الذي يدفعها الرواد
يفقد رائد الفضاء الكثير من الميزات التي يتمتع بها على الأرض، لذلك فإن رواد الفضاء يصابون بأمراض تسمى "أمراض الفضاء" "Space Sickness" وهي أمراض ناتجة عن فقدان نعمة الجاذبية الأرضية.
وأول اضطراب يُصاب به رائد الفضاء هو اضطراب بصري، حيث تختل الإشارات الصادرة عن العين وتختلط مع الإشارات السمعية، وبالتالي فإن رائد الفضاء وبسبب فقدان التوازن في حاسة الرؤيا يحس بأن بصره قد أصابه التشويش ويفقد التنسيق بين الأذن والعين، وهذه الحالة تشبه حالة إنسان شرب الخمر وفقد التوازن واضطربت حاسة الرؤيا لديه!!
ويقول الأطباء إن الجسم يعاني من حالة فقدان التوازن وفقدان الوعي بشكل كبير ولا يعود الإنسان مدركاً ماذا يفعل. حتى إن معظم رواد الفضاء يفضلون تناول الأدوية المخدرة للتغلب على هذه الأحاسيس والاضطرابات.
وبسبب انعدام الجاذبية يحدث فقد في العظام بمعدل يتراوح ما بين 1 إلى 1.5% شهريا؛ مما يؤدى إلى تسريع في ظهور أعراض الشيخوخة مثل هشاشة العظام، وتقل كثافتها وقوتها، وهذه الأعراض تكون واضحة بصورة كبيرة في بعض مناطق العمود الفقري.
ويؤكد العلماء أن استمرار التعايش مع حالة انعدام الوزن تزيد من خطر الإصابة بحصوات الكلى وكسور العظام، وبما أن القلب يعتمد على عدد من العضلات الفريدة والهامة في الجسم؛ فإنه يجب الانتباه جيداً؛ لأنه قد يحدث خلل في وظائف القلب مثل اضطراب في دقات القلب مما قد يعرض رائد الفضاء للوفاة.
وعلى الجانب الآخر، فإن الفضاء غني بالأيونات الثقيلة التي تمثل أكبر خطر على صحة الإنسان في الرحلات الطويلة، هذه الأيونات يمكن أن تصيب الإنسان ببعض الأمراض الخطيرة مثل السرطان، كما يمكنها أن تعكس العمليات الفسيولوجية بالجسم.
وهكذا يحس من يعيش خارج الأرض وكأنه قد فقد توازنه والقدرة على التحكم بنفسه فهو كإنسان مسحور لا يدرك ماذا يفعل وبخاصة في الأيام الثلاثة الأولى لرحلته، فلا يُسمح له بممارسة أي نشاط تقني حتى يتأقلم مع الوضع الجديد.
ولذلك وصف لنا رب العزة تبارك وتعالى حال من يخرج خارج الأرض باتجاه السماء بأنه يحس بحالة أشبه بالسُّكر أو السحر بسبب هذه التغيرات الغريبة التي تحصل له، يقول تعالى: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ، لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) [الحجر: 14-15].
رواد المستقبل بلا عيوب
لا خدوش، لا أمراض خطيرة في آخر ثلاثة أجيال من العائلة ولا تسوسات الأسنان، هذه هي بعض متطلبات اختيار رواد الفضاء من بين 100 متطلب أخر، وذلك للتنافس علي الدخول بين فريق الصين القادم.
وتقوم الصين باختيار المجموعة الثانية من رواد الفضاء، ومن المتوقع أن ينحو جانبا أولئك الرواد الذين يصابون برشح الأنف ومرض القوباء الحلقية الجلدي والحساسية من الأدوية أو سوء التنفس.
وقال شي بينج مسئول في مستشفي نانجينج، إحدي ستة مستشفيات مسئولة عن الكشف عن رواد الفضاء، إن الرائحة السيئة، قد تؤثر علي زملائهم في الفضاء الضيق.
وبعيدا عن المتطلبات الجسدية للمرشحين، فإن علي المرشح أن يكون لديه طباع لطيفة وسهلة التكيف مع الآخرين.
وكانت الصين قد أرسلت أول رائد فضاء يدعي تشاي تشي قانج، للسير في الفضاء في سبتمبر الماضي، حيث أظهر خلال رحلته علم صغير للصين، بمساعدة زميله ليو بو مينج، الذي تمكن من أخرج رأسه لفترة قصيرة من الكبسولة الفضائية.