يُعد الكتاب من العناصر الهامة المتعلقة بتطوير شخصية الإنسان وتفكيره، سواء من الناحية الذهنية أو البدنية، حيث إن القراءة المستمرة للكتب الهادفة، لَمن الأمور الهامة، التي تترك بصماتها على الشخص وطريقة تفكيره. و تختلف طبيعة المادة المقروءة تبعاً للمرحلة العمرية التي يمر بها القارئ طوال حياته.
المراحل العمرية والكتاب المناسب لها:
مرحلة الطفولة:حيث إننا نجد أن أغلب ما يميز الكتب في هذه المرحلة هي الصور الملونة، التي تحتوي على رسومات محببة للأطفال، مثل القطارات والسيارات، والحيوانات وغيرها مما هو عامل جذب للأطفال في هذه المرحلة من العمر، كما أن موضوع القصة يكون بسيطاً ليتناسب مع هذا العمر، فالقصص الملونة تلائم الأطفال منذ الخمسة شهور الأولى من العمر لأن الطفل يستطيع الملاحظة والمشاهدة، وبالتالي سيعتاد على القراءة وجلوس الأب أو الأم بجواره لتصفح القصة ومشاهدة ما بها من رسومات وألوان.
مرحلة المراهقة: بعدما يعتاد الطفل على رؤية القصص في العمر الصغير، سوف ينضج متمسكا بهذه العادة، وبالتالي سوف يتم انتقاله بالتدريج من قراءة قصص ملونة تحت رعاية الآباء، إلى قراءة القصص التي تحتوي على معلومة أو عادة صحية جيدة ، أو قصص علمية توسع مداركه وتعرفه بالكون وجسم الإنسان والنباتات أو الأعياد الدينية الهامة، وغيرها من الأمور المفيدة له، و هذه المرحلة من العمر تتطلب من الآباء مراقبة الأبناء في ما يختارونه من قصص أو كتب لأنها مرحلة حالمة يطوف بها خيال المراهق، لذلك وجب علينا التوجيه والإرشاد وأن نأخذهم من الخيال للواقع بأسلوب سهل ويسير ونوجههم إلى الكتب الهادفة التي تصلح لمثل هذا العمر.
مرحلة الشباب:وهي مرحلة اتساع مدارك المراهقين بصورة أكبر، ويكون للبيئة الخارجية دورها بجوار دور الآباء، من خلال المدارس والمكتبات العامة والأصدقاء وغيرهم، فلطالما اعتاد الابن القراءة منذ الصغر سوف ينمى نفسه هو ذاتياً باحثا على المعلومة التي يريد الاستفسار عنها، شاغلاً وقت فراغه بهواية مفيدة وصحية لبدنه وعقله، وفي هذه المرحلة العمرية ينتقل الشباب من قراءة نوعية معينة من الكتب إلى نوعية أخرى، فمن قراءة كتب عن الفلك إلى قراءة كتب عن الآثار، أو كتب عن أشهر المدن في العالم ومعرفة أحوال شعوبها وغيره.
فوائد القراءة:
1.تحسين الأسلوب الكلامي الحواري: فالشخص المعتاد على القراءة نجده حسن التعبير اللفظي، كلامه مرتب ومنظم، ويستطيع التعبير عن مشاعره وآرائه في الحياة.
2.توسيع مدارك الإنسان: حيث يستطيع التعامل مع كافة المستويات الثقافية من الناس، والوصول إلي مضمون العبارات، ويكون أكثر تفهما للمشكلات المحيطة به وبغيره.
3.شغل وقت الفراغ بشيء مفيد: حيث أن" الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك"،فالكتاب خير جليس وصديق للإنسان، وبحور المعرفة لا تنقطع.
4.تنمية الوعي الثقافي: حيث أننا نجد من الناس من هو على قدر بسيط من التعليم، ولكنه ثاقب البصيرة وعلى إطلاع كبير بالكتب والثقافة، وخير مثال على هذا الكاتب الكبير رحمة الله عباس محمود العقاد.
5.تكلفتها كهواية أقل من تكلفة الأنشطة الأخرى: حيث أنها لا تتطلب الاشتراك في أنشطة أو نوادي تكون تكلفتها المادية باهظة للأسرة، ولكن يستطيع الابن اللجوء إلى المكتبات العامة أو مكتبات المدارس أو تبادل القصص مع الأصدقاء أو شراء الكتب المستعملة فبمجرد زرع هذه الهواية به سوف يبحث هو عنها.
القراءة سلاح ذو حدين!
ولكن بالرغم من أن القراءة هواية مفيدة وجميلة للأبناء، لكنها قد تصبح كالسكين على رقبة الأبناء والآباء، وذلك راجع إلى الغزو الثقافي المدمر لعقول شبابنا من الكتب رديئة الفكرة والمضمون، والتي قد يكون محتواها هو سحب الشباب في الأعمار الصغيرة للإطلاع على معلومات وأفكار مدمرة لهم في هذا العمر، وذلك من خلال الُكتاب الذين يسعون للحصول على المال بدون وجود أي وازع أخلاقي أو ديني في عقيدتهم،ولكن وازعهم الفكري هو الحصول على الثروة في فترة قليلة بصرف النظر عن تقديم فكر جيد للشباب، وذلك يعني أن الكتاب والقراءة لديهم ثقافة تجارية رابحة.
دور الآباء:
الأخذ برسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام أسوة حسنه في عدة أمور وهي:
1. أن أول كلمة نزلت على رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام هي كلمة أقرأ، لذلك فهي تعد رسالة من الله سبحانه وتعالى للبشرية جمعاء بأهمية القراءة.
2. تنمية الوازع الديني لدى الأبناء منذ الصغر، وتعليمهم مخافة الله سبحانه وتعالي وذلك عن طريق قصص الصحابة رضوان الله عليهم مثل قصة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبائعة اللبن أو اللبن المغشوش، حتى عندما يعرض عليهم النوعيات الرديئة من القصص التجارية يرفضونها هم أنفسهم مخافة لله عز وجل وليس مخافة للآباء.
3. يجب علينا نحن الآباء أن نعود أنفسنا على القراءة، والقراءة الهادفة من كتب ومجلات حتى يشب الأبناء، ونحن مثال حي لهم على القراءة.
4. مراقبة الكتب التي يقرؤها الأبناء، مع ضرورة النصح والإرشاد في جميع الأوقات وبمختلف الطرق الودية، على ضرورة قراءة الكتب والقصص الهادفة التي نجني منها ثواب الدنيا والآخرة.
والله ولي التوفيق