الدعوة الوهابية في نجد وما حولها (2)
كتبه/ د.علاء بكر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في بلدة العيينة شمال غربي الرياض,على بعد 40كيلومتر من الرياض,حيث عرفت أسرته بالعلم والصلاح, و تولى أبوه قضاء العيينة, فدرس على أبيه أولا, وتعلم التفسير والحديث, وتفقه على المذهب الحنبلي الذي كان سائداً في نجد وقتها, حفظ القرآن الكريم كاملاً قبل بلوغ العاشرة, و لما بلغ زوجه أبوه, وحج إلى بيت الله الحرام. وقد لاحظ أبوه عليه علامات الذكاء والنباهة والفطنة, وعرف بالفصاحة وسرعة الحفظ وقوة الفهم, ودفعه شغفه بالقراءة وحبه لها إلى مطالعة كل ما يقع تحت يده من الكتب الدينية, فكان منها مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم -رحمهما الله-, فتأثر بها غاية التأثر, وصحح من خلالها عقيدته, وأدرك ما عليه أهل نجد من الضلالات والشركيات والبدع والخرافات.
السفر في طلب العلم:
لما أتم الشيخ تعلمه في بلدة العيينة عزم على طلب العلم خارجها, فقصد مكة للحج - للمرة الثانية-, ثم اتجه إلى المدينة المنورة، فأقام بها للأخذ من علمائها, فكان من جملة من تلقى عنهم العلم فيها: الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي, الذي توسم فيه الخير فبذل جهده في تعليمه, واستفاد منه الشيخ كثيراً. كما أخذ عن الشيخ محمد حياة السندي صاحب حاشية السندي على صحيح البخاري, و أخذ عن الشيخ علي أفندي الداغستاني, والشيخ إسماعيل العلجونى, والشيخ عبد اللطيف العفالقي الاحسائي, والشيخ محمد العفالقي الاحسائي, وغيرهم. وقد نال الإجازة من بعضهم.
التوجه إلى البصرة بالعراق:
توجه الشيخ بعد ذلك إلى البصرة, وأقام فيها طلباً للعلم على يد جماعة من علمائها, كان في مقدمتهم الشيخ (محمد المجموعي ) الذي قرأ عليه في النحو والصرف واللغة والحديث.
التوجه إلى الإحساء:
كانت رغبة الشيخ المضي إلى الشام لطلب العلم فيها, ولكن نفقته المالية لم تكفه, وقيل: بل فقدت منه نفقته, فآثر العودة إلى نجد, وفي طريقه إليها نزل بالإحساء, فأقام لطلب العلم فيها, وممن لقاه فيها: الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف الشافعي, وعبد الله بن فيروز أبو محمد الكفيف.
الاستقرار في حريملاء:
عاد الشيخ من رحلته في طلب العلم إلى أسرته, وكان أبوه قد انتقل إلى (حريملاء), وصار قاضيها, فلازمه من جديد, واشتغل في تحصيل العلم, و كان قد كتب العديد من المباحث العلمية, فألف كتاب (التوحيد الذي هو حق الله على العبيد)، وصارت له آرائه العلمية, حيث عكف على دراسة كتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم- رحمهما الله-, فزادته تلك المؤلفات علماً وبصيرة, وأوجدت في نفسه العزيمة والإصرار على الدعوة إلى التوحيد الخالص, فوجد لزاماً عليه أن يبدأ دعوته ويجهر بها رغم ما ينتظره من عوائق وعقبات ليبدأ مرحلة جديدة في حياته العامرة.
والحمد لله رب العالمين