بتـــــاريخ : 3/15/2009 1:38:42 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1246 0


    صفحات عن سقوط الخلافة (1- 2)

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : ياسر عبد التواب | المصدر : www.salafvoice.com

    كلمات مفتاحية  :
    تاريخ صفحات سقوط الخلافة
    صفحات عن سقوط الخلافة (1- 2)

    كتبه/ ياسر عبد التواب

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

    دعونا نتأمل في بعض صفحات من التاريخ عسى أن يجدي ذلك نفعاً أو يصقل وعياً، فما أشبه الليلة بالبارحة!!

    وصفحات الصراع المعاصر بيننا وبين الغرب هي حلقات ممتدة يغفل عنها أبناء أمتنا؛ لكونهم لا يربطون بين السياسات الحالية والأفكار المسبقة التي يتعامل بها الغرب وسياسيوه؛ هم يقرؤون التاريخ جيداًَ، ويتعاملون معنا على أساس حلقاته، بينما نحن نقطع التاريخ عن جذوره، ونتعامل مع كل سياسي، أو ننظر لكل حدث على أنه حالة منفردة لا ترتبط بنتاج فكري لمن سبقوه، أو تندرج تحت قائمة المشاريع الإستراتيجية للقوم.

    والغريب أن أمة مثلنا لها تاريخها الذي تفخر به تُهمل النظرَ في التاريخ عموماً، بينما أمتهم التي خرجت لتوها من مخازي تاريخية وسوءات فكرية لا تزال تتعامل مع التاريخ كوحدة واحدة.

    دعونا نجمل شيئاً من الصراع لما حدث في تلك الحقبة من اعتداءات، ثم نتحدث عن المنظمات المنبثقة عن ذلك الصراع، وانعكاسات ذلك على أمتنا.

    لقد شهد وقت سقوط الخلافة تكالب الدول الاستعمارية على ميراث الدولة العثمانية "المريضة"، فاحتلت إيطاليا ليبيا عام 1911م، وتنضم بذلك إلى زمرة الدول الاستعمارية، ويقتطع جزء عزيز من جسد أمتنا العربية والإسلامية، وفعلت فرنسا وإنجلترا الشيء نفسه في أملاك الدولة العثمانية في أوروبا وآسيا وأفريقيا، مما اضطرها إلى التحالف مع ألمانيا خلال الحرب العالمية  الأولى؛ لتوقف النهب الذي تمارسه فرنسا وبريطانيا لأراضيها؛ وخاضت بالتالي معارك في سوريا ولبنان والعراق وفلسطين، وأصبحت واقعة بين نيراني الدول الأوربية الاستعمارية من الخارج، والثورة العربية من الداخل والتي قادها الشريف حسين والعرب الذين خدعتهم إنجلترا ومنتهم بالاستقلال بعد انتصارها على الألمان، وكان بطل الخديعة لورانس العرب.

    في هذه الأثناء زاد الروس من إحكام سيطرتهم على حقول النفط في أذربيجان تحسباً لثورة سكانها المسلمين، ونزلت القوات البريطانية شط العرب في العراق، وبعد مقاومة عنيفة من الأهالي، وبفضل المدد الذي جاءها من مستعمراتها في شبه القارة الهندية استطاعت هزيمة الدولة العثمانية، ودخول بغداد عام 1917م، وحشْد أفراد الشعب العراقي للقيام بأعمال السخرة خدمة للمجهود الحربي.

    ووقف الأمير فيصل بن الحسين مع الإنجليز حينما أغراه لورانس العرب بنقل الخلافة من الأتراك إلى العرب، وفى الخفاء كان يتم اقتسام الغنيمة، فكانت اتفاقية سايكس بيكو عام1916م التي تقاسمت بموجبها إنجلترا وفرنسا عالمنا العربي.

    وتستمر الأحداث؛ وتفرض الحماية البريطانية على مصر، ويدخل الإنجليز بقيادة الجنرال اللنبى إلى فلسطين، ويحتل القدس الشريف تمهيداً لتنفيذ وعد بلفور على أرض الواقع بفتح باب الهجرة اليهودية إلى فلسطين.

    وفى استانبول عاصمة الخلافة يدخل الجنرال الفرنسي "فرجيه" بعد هزيمة الدولة العثمانية في البلقان وتوقيع معاهدة ميدروس عام 1918م. وقبل أن تنتهي الحرب دخلت الولايات المتحدة الأمريكية الميدان لتشارك في القضاء على آخر أمل لألمانيا في النصر.

    أما الجنرال الفرنسي "جورو" الذي دخلت قواته سوريا فقد توجه على الفور إلى دمشق، وبالتحديد إلى قبر صلاح الدين الأيوبي، وقال مقولته المشهورة: "ها قد عدنا يا صلاح الدين". كأنه يقصد الانتقام لأجداده الصليبيين الذين هزمهم صلاح الدين في معركة حطين الخالدة وأجلاهم عن بيت المقدس، وحرر المسجد الأقصى من دنسهم.

    قسمت التركة إذن مع الأسف، ودفعنا ثمناً باهظاً من أموالنا لتلك الحرب، ومما يحزن أنهم استخدمونا لقتال بعضنا، فلقي الجيش التركي المسلم هزيمته على يد إخوانه العرب في العراق أو في فلسطين.

    عصبة الأمم:

    نشأت عصبة الأمم كنتاج للحرب العالمية الأولى، وكانت الرغبة المعلنة في ذلك الوقت هي العمل على الحيلولة دون تكرر مثل ذلك الحدث مرة أخرى.

    وكانت فكرة إنشاء ذلك التجمع قد ساقها الرئيس الأمريكي "ودرو ولسون" في رسالة وجهها إلى الكونجرس الأمريكي "يناير 1918م"، اشتملت على أربع عشرة نقطة، نصت النقطة الأخيرة فيها على أنه: "يجب إنشاء منظمة عامة للأمم، بهدف إعطاء ضمانات متبادلة للاستقلال السياسي والسلامة الإقليمية للدول الكبرى والصغرى".

    أما حلفاء أمريكا -فرنسا وإنجلترا- فقد بديتا غير شغوفتين بتلك الدعوة، ومن الغريب أنه عندما عقد الاجتماع التأسيس الأول للعصبة في يناير 1920م -بباريس- لم تشارك الولايات المتحدة نفسها في ذلك الاجتماع؛ نظراً لمعارضة الكونجرس لاتفاقية "فرساي" من الأساس!

    الميثاق والعضوية لعصبة الأمم (2):

    أهم المبادئ التي تضمنها ميثاق العصبة هي:

    - أن تقبل الدول بالالتزام بعدم العودة إلى الحروب.

    - أن تقوم العلاقات بينهما على أساس العدالة والشرف.

    - أن تلتزم باحترام قواعد القانون الدولي العام.

    - أن تحقق العدالة وتحترم الالتزامات التي تقرر في المعاهدة.

    العضوية:

    دول الحلفاء الذين وقعوا على معاهدة 1919م-1920م.

    الدول التي بقيت محايدة أثناء الحرب شاركت في التوقيع على الميثاق والتصديق عليه خلال شهرين!

    كل دولة مستقلة قبلت الالتزامات الدولية الناجمة عن الميثاق، ووافقت الجمعية على عضويتها بأغلبية الثلثين.

    تعليق:

    - يثير الحفيظة كثيراً تناقض المبادئ المعلنة مع حقيقة ما يحدث، فعندما تتكرر كلمة العدالة والشرف وعدم العودة إلى الحروب، يشعر الناس بطمأنينة، فإذا نظروا إلى واقع ما يحدث، فوجئوا بالوجه السافر للظلم والعدوان.

    فمع ظهور عصبة الأمم ظهرت مصطلحات جديدة كـ "الانتداب"، و"الوصاية"، و"الحماية"، فهل بدا للمؤتمرين أن أيسر الطرق لمزيد من امتصاص خيرات الشعوب هو خداع الناس بمصطلحات برَّاقة تخفي في ظنهم ما يفعلون؟! وهم بجهلهم يجهلون أن ذلك لا ينطلي إلا على السفهاء، بينما لا يزيد العقلاء إلا حُنقاً، ولكن العقلاء ليس بيدهم مع الأسف قوة يدافعون بها عن الحق الذي يعتقدون. لَكَمْ يكون مؤلماً حقاً عندما تجد إقرار عصبة الأمم لاحتلال البلاد حيث في ظلها:

    أ- استولت إيطاليا على ليبيا.

    ب- استكملت فرنسا سيطرتها على الشمال الإفريقي.

    ج- مدت إنجلترا نفوذها على السودان وبعض البلاد الإفريقية الأخرى.

    د- وواصلت إنجلترا تثبيت أقدامها في شبه القارة الهندية، وأرخبيل الملايو.

    فإن ذلك وغيره يصلح دليلاً على فشل مثل تلك المنظمات في دورها الذي ادعته. وأخيراً عملت تلك الممارسات على التمهيد للحرب العالمية الثانية، وهو ما حدث بعد سنوات.

    - العضوية كانت مقصورة على الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى، ولذا فكيف تكون عصبة الأمم تطبيقاً لرغبة الرئيس الأمريكي التي سبقت قبل أسطر، وقد ضمنها رغبته في أن تكون منظمة "عامة" للأمم، وكان هناك كلام عن "الضمانات المتبادلة"، والاستقلال السياسي "السلامة" الإقليمية للدول الكبرى و"الصغرى".

    أي دول تلك التي يسعون لسلامتها واستقلالها إن كانوا يحتلون الدول ويمتصون خيراتها ؟! في كل زمان ومكان لا نستطيع أن نَصِمَ الناس جميعاً بنفس الصفات، أو ندعي اتصافهم بصفات واحدة، فالبشر يختلفون في صفاتهم كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب وبين ذلك) رواه أحمد، وصححه الألباني. فليس بعيداً أن تجد من الناس من كان يحرص على تطبيق المبادئ، لكن المشكلة أنهم لا يستطيعون الوقوف أمام تيار الظلم الهادر أو تنازعهم الأهواء؛ فلربما بدا لهم أن يتخلوا عن مبادئهم لتعصب أو إغراء، إذ ليس لهم من دين عاصم ولا هداية ربانية.

    لعلنا بمثل ذلك التعليق نجد تبريراً لتصرفات من قبيل رغبة الرئيس الأميركي في تلافى الحرب من البداية، ووصفه إياها بأنها عودة إلى الهمجية، ومن ثم حرصه على الدعوة إلى تلافي أثار الحرب بعد وقوعها، وذلك بالدعوة إلى مبادئ كعصبة الأمم، وهو ما خالفه فيه "كليمنصو" رئيس وزراء فرنسا، و"ديفيد لويد جورج" رئيس وزراء بريطانيا.

    لكن لم تستمر أمريكا على هذا النهج أبداً، بل ازدهر فيها داء الفرعنة حتى ورثت كل هذا الاستكبار العالمي الحديث فتولت كبر الاحتلال الحديث.

    تلك صفحة أبانت عن أن الجميع شارك في اقتسام الكعكة، ولم يكن منهم رغبة في الإنصاف، ولم يتورع أيهم عن احتلال شعوبنا، وحتى المنظمة التي أقاموها أقيمت في ظل الاحتلال والانتداب، إما كنوع من التبرير وإظهار وجه حضاري خداع، أو على أحسن الظروف أنشئت بعد صراع القوى المختلفة المتحضرة والمجرمة، ولكن لم تسلم من تسلط الصقور.

    فكيف كان الحال في هذا الوقت في موقع الحدث أعني الأمة نفسها؟؟ فهذا موضوع حديث لاحق إن شاء الله -تعالى-.

    كلمات مفتاحية  :
    تاريخ صفحات سقوط الخلافة

    تعليقات الزوار ()