السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
للتو ألقيت عباءتي بعد عودتي من الدوام مُثقلة بهموم طالباتي !
اليوم كان جدا ً ممتع _ ككل ساعاتي معهن _
و يزيد ارتياحي رغم التعب المعتاد للدوام إقبال قلوبهن الصغيرة نحوي
و طلبهن نصحي بعفوية و براءة !
::
من بداية الاسبوع
و أول حصة دخلت عليهن فيها
قفزت أمام وجهي صغيرتي ( ريما )
أستـــــــــــاذة : أرجــــــــــــــوك ِ أريد أن أنــام !!!!!
نعم ؟ ! ماذا يا ريما ؟
أريــــــــــــــد أن أنــــــــــــــام !!
::
:
:
أقبلت على الصف و هممت بالدخول للصف
وقبل السلام و لم أكد أصل عند باب الصف
إذا بها تقفز إلي ّ ببنيتها الصغيرة اللطيفة
و على قسمات وجهها الأسى و بكل لهفة و رجاء
هَتَفَت :
أستـــــــــــاذة : أرجــــــــــــــوك ِ أريد أن أنــام !!!!!
أستــاذة : أنا منذ زمن لم أنم !
كيف أنام أنا تعبت !
كان سؤالها مفاجأة !
و أسلوبها جعلني أشفق عليها !
لكن كان لابد علي ّ أن أشرح درسي
فقلت لها : نهاية الدرس بإذن الله أستمع لك ِ و أجيبك حبيبتي .
و كأني صببت على قلبها ماء ً باردا فقالت :
حسنا ً يا أستاذة وهو كذلك !
::
شرحت درسي يومها و لم يسعفني الوقت للإجابة عليها
و كانت كلما التقت عيني بعينها في الصف شعرت بأساها !
انتهت الحصة و حين هممت بالخروج
من مقعدها الخلفي نادتني :
أستــــــــــــاذة : أين الجواب ؟ كيف أنام ؟
قلت لها : معذرة يا حلوة فالوقت انتهى ، لا بأس أن تأتيني وقت فراغك لأجيبك
::
بعد الدرس مباشرة و كنت أستريح في غرفة المعلمات
فإذا بطارق يطرق الباب ، نظرت فإذا بها صغيرتي قد لحقت بي !
أستــــــــــاذة : ممكن أحدثك خارج الغرفة ؟ (( بعيد عن أسماع المعلمات ))
ابتسمت لها و خرجت لأريح قلبها الصغير المرهق !
::
اسمعي يا ( ريما )
أخبريني أولا ً هل تشعرين أن هناك سبب يجعلك لا تنامين ؟!
فكرت هنيهة ثم قالت : لا أذكر !
قلت لها :
لعله أثر الإجازة و تعودك على السهر يجعلك لا تستطيعين تنظيم وقتك جيدا ً الآن ؟!
قالت : أنا كنت أسهر ، لكن بعد ذلك صرت أنام باكرا ً ..!
قلت : هل تنامين وقت الظهيرة بعد العودة من المدرسة ؟
قالت : نعم ،،
قلت : إذن يا ريما اليوم جربي أن لا تنامي وقت الظهيرة
انشغلي بالمذاكرة و سيمضي الوقت ، و بعد العشاء مباشرة نامي
ستكوني مرهقة جدا ً و بإذن الله سيزورك النوم .
فكرت قليلا ً ،، ثم قالت : حاضر يا أستــاذة .
ثم سألتها : هل تقرئين الأذكار قبل النوم يا ريما ؟
قالت : لا ..!
فابتسمت و قلت : إذن هذا هو السبب يا ريما !
فقالت : لكني فقط أقول الدعاء (( دعاء النوم ))
قلت : ممتـــاز جدا ً ، و قبلها اقرئي آية الكرسي و المعوذات
و أواخر سورة البقرة و لا تنسي سيد الاستغفار ، ثم توسدي شقك الأيمن .
و بإذن الله ستنامين .
و كأني رأيت البهجة على محياها .
وقبل أن تغادرني قلت لها :
إذن اتفقنا ، اليوم جربي الخطوات التي قلتها لك ِ
و غدا ً أخبريني بالنتيجة
قالت : حسنا ً يا أستاذة ، شكرا ً لك ِ
شعرت بشيء من الراحة لقبولها و دعوت الله لها .
و انتهى الحوار الأول
:
:
:
::
في اليوم التالي
و بعد السلام على زهراتي الحلوات
إلتفت ّ إلى ريما و كأني أنتظر منها النتيجة !
و لم أنتظر طويلا ً فقد هتفت صغيرتي :
أستـــــــــــاذة : لقد نمت !!
قلت : ممتـــــــــــــــاز ,, هل فعلت ِ ما أخبرتك ِ
(( وسط دهشة الطالبات فهن لا يعلمن ما دار بيننا من حوار ))
قالت ريما : لا يا أستاذة عدت من البيت و لأني لم أنم الليلة السابقة
لم أستطع المقاومة ، نمت الظهر 5 ساعات !
ثم صحوت و نمت ليلا مرة أخرى 5 ساعات !!
قلت لها : ريما أهكذا اتفقنا ؟ أين العزيمة ؟
ثم قالت : أنا نمت لأني كنت لم أنم قبلها ، لكن لو أردت النوم الطبيعي فلا يأت
قلت لها بابتسامة : بإذن الله ستنامين .
و قامت الطالبات كل واحدة تخبرني بساعات نومها و كيف تنام و غيره .
و بدأت درسي و انتهى الأمر
و لم أزد ريم على حلي السابق .
لاحظت أن ريم تشكو حالها هذا لعدد من المعلمات !!
كلما دخلت عليهن معلمة أخبرتها الخبر !
أريد أن أنــــــــــــــام !
سبحان الله ، رغم أنها لا تنام كما يجب إلا أنه لا يبدو عليها الخمول في الصف
بل هي اللهم بارك من أكثر الطالبات نشاط ! !
مضى يومان ،، و نسيت الأمر ،،
:: ما أثـــــــــــارني و جعلني آتي لكن هنا و اخبركن الخبر هو الحوار الآتي ::
:
:
:
:
في حصة القرآن المحببة لي و لهن (IMG:style_emoticons/default/smile.gif)
بدأت في شرح الآية 30 من سورة الشورى :
(( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفوا عن كثير ))
الكل كان يصغي للشرح فهي حصة حضور الملائكة معنا (IMG:style_emoticons/default/smile.gif)
فبدأت بالشرح و قلت لهن :
المعنى العام للآية يا حبيبات هو /
أن ما يبتلي الله به عبادة في الدنيا من مصائب
إنما هو من كسب أيديهم ، أي بسبب أعمالهم من ذنوب و معاصي
فالله يمهل و لكن لا يهمل !
فيجب علينا الحذر من المعصية حتى نتجنب المصائب و آثارها !
(( فهو شرح بسيط يتناسب مع سنهن الصغيرة / خامس ابتدائي ))
رفعت مها يدها و سألت سؤال :
أستاذة ، أنا مرضت في أحد الأيام مرض شديد
فقال لي أخي : أن هذا المرض لأن الله يحبك !!
قلت لها : وما أدراه أن الله يحبك ؟ !
قالت : هو يقول أن المرض ابتلاء لمن يحبهم الله !
قلت يا صغيرتي : هذا الكلام صحيح لكنه ليس عام !
يعني : الله سبحانه يبتلي المستقيم و العاصي !
فالمستقيم زيادة له في الدرجات إن صبر و شكر
و العاصي : تنبيــــــــــــــه له من الله أن احذر يا إنسان فأنت تعصيني و أنا المنعم عليك !!
رأيت شيء من علامات الدهشة على وجوههن الصغيرة
فقالت مها : كيف أعرف يا أستاذة إن كانت المصيبة أو البلاء الذي ابتلاني به الله
لأنه أحبني أو لأني مذنبة ؟ !
قلت : يا مها ، كل إنسان أعلم بنفسه !
تأملي يومك خلال الـ 24 ساعة و أنت ِ فطنة تعرفين الصواب من الخطأ
و انظري ،، إن كنت ِ ممن يطيع الله في كل حال فأبشري ،
و إن كنت ِ ممن يطيل الذنب و لا يتوب و لا يستغفر _ و الذنوب في اليوم كثيرة
مثل سماع الغناء أو النظر لمحرم كالأفلام الغير لائقة و الغيبة و النميمة و غيرها _
فالمصيبة هنا تحذير و تنبيه لتعودي
إلى الله و تستغفريه .!
:
كل هذا الكلام موجه إلى مها إجابة على سؤالها
وهي تسمع باهتمام و الطالبات يستمعن بنفس اهتمام مها .
:
و يأتي دور ( ريما ) الذي شدها الحديث لترفع يدها و تقف مُخبرة :
أستــــــــــــــــــــــــــــــــــاذة
إذن أنا عرفت لماذا لا أنـــــــــــــــــــام !!
هي مصيبة و ابتلاء من الله لأنه عندي سلوكين خاطئين أقوم بهما في يومي
لا يمكنني تركهما و أظن أنه سبب عدم قدرتي على النوم !!!!!!!!!!
اتجهت إليها مستبشرة أن كانت فطنة للحديث
قلت لها : ما هما ؟ ! _ إن أردت ِ ذكرهما الآن _
ترددت ، ترددت
ثم قالت : سأخبرك الآن ، هما :
الأغاني و الأفــــــــــلام !!
أنا يا أستاذة 24 ساعة أسمع الأغاني حتى إذا أردت تصفح الانترنت
أضع السماعات في أذاني و أسمع ،
وكذلك أشاهد الأفلام الأجنبية لكن !!
لكن ماذا يا ريما ؟
لكن لو كان هناك لقطات غير لائقة في الفلم أغلق الجهاز !!!!
قلت في دهشة و ألم : وما أدراك ِ أن هناك لقطة قادمة غير لائقة ؟ !
قالت : ( ........ أعذروني عن ذكر إجابتها حــاليــا ً ..... ) !!
و ارتسمت علامات الدهشة على وجوه طالباتي !
فقالت :
أنا يا أستـــــــــــــــــــاذة لا أنـــــــام لأني أبقى أفكـــــــــر !!
قلت : آآآآ يا ريما ، إذن أنت ِ تفكرين في الاغنية التي سمعتيها
و الفلم الذي رأيتيه ؟ !!!
قالت و قد أطرقت برأسها : نعـــــــــــــــــــــــم !!!
/
:
:
دقّ الجرس
و هممت بالخروج و قد تدثرت الأسى الذي كانت تحمله ريما ..!
كيف تُغتال الطفولة هكذا ..؟
ريما لا تنام لتبقى طوال اللـيـل تفكر في أغنية و لقطة الله يعلم بها من فلم !!
إلتفّت حولي الطالبات متجمهرات عند الباب ترنو قلوبهن لجواب شافي !
و ريما في المقدمة .. ماذا أفعل يا أستاذة ؟
قلت : طالما وضعنا يدنا على الجرح فسيبرأ يا ريما
و طالما علمنا السبب يجب أن نعالجه و نحتاج عزيمة !
قالت : كيــف ؟ ! !
قلت : بهجر الأغاني و الأفلام فقط !
قالت بملئ فيهها : لا ا ا ا أستـــــــــــــطيع ، لا يمكن !
قلت : بما أنك ِ تعرفين أن فعلك ِ خطأ و بلسانك أخبرتني فيجب عليك أن تساعدي نفسك بنفسك
و نحتاج للصدق مع النفس و العزم !
قالت مها : و أنا يا أستاذة أصلي في وقتها و أطيع والدي ّ لكني أسمع الاغاني و أرى الافلام
لكني أنــام ، هل يحبني الله ؟ !
شعرت بالارهاق الفكري معهن ، و الحصة انتهت
فقلت لهن : أعدكن بحصـــــــــة مستقلة أجيبكن على كل الأسئلة !
::
انتهى الحوار بيني و بين طالباتي
و
~ ^ | القضيــــــــــــة | ^ ~
من المسئول عن وأد طفولة ريمــــــــــا ؟
من المسئول عن سلب ريما نعمة الشعور بالراحة و الاطمئنان ؟
من المسئول عن جعل ريما تستلذّ التفكير في أغنية ماجنة أو فلم أجنبي و تهجر النوم
رغم شعورها بالحاجة الماسة إليه ؟ !
أخبروني !!
ما الخطوات المقترحة علي ّ كمعلمة لأخطوها مع ريما كمراحل علاجية ؟!
أخبروني !!
هل أشرك والدتها في الأمر ؟ ! أ أخبرها بمعاناة ابنتها ؟ !
::
اتمنى أن لا يُهمل أي سؤال من السابق
فمعا ً نبني أمـــــــــــة
و نزيح الغبار عن قلوب و عقول حيرى ،،
ساعدوني ،،
الأسبوع قبل العيد ..... تـم ّ فصل ( ريما ) يومين من المدرسة !!
و السبب ....................( أجزم أنه تقليد لمقطع من فلم ) ...!
وقد تأسفت على فعل الإدارة بالفصل .. فريما ليست سوى مترجمة لتربية والديها لها فقط ..!
و إلا فهي طفلة لا تعي من تصرفاتها غير ( التقليد ) لما تراه في المسلسلات و الأفلام !
و الأم .. في عالم ثالث !