هناك زوجة سمعتها تقول أنها أصبحت تهتم بالكورة لتجذب زوجها تجاهها فنجحت في ذلك وأصبحت كصديقة له .. وأخرى اهتمت بمجال عمل زوجها وأصبحت جهة من الجهات التي يرجع اليها في المشورة وفي تطوير عمله .. وقد ترى أخرى أن الرياضة من اهتمامات زوجها فتخرج معه لتشجيعه ومشاركته وحث الأبناء على الاقتداء به،
هناك مئات الأفكار من أتفه الاهتمامات إلى أعقدها ولكن لا أحد يريد حلا فيه مشقة له
مع أن هذه الحلول الصغيرة تفعل أفعال السحر في العلاقة بين الطرفين.
واذكر أن احدى زميلاتي كانت تشتكي لي وهي على آخرها، تقول لي أظل اتحدث في موضوعات عدة، وزوجي ينظر إلى شاشة التليفزيون ولا يرد بكلمة واحدة أو حتى بحركات تدل أنه يسمع، فقلت له:"ما ترد؟ إنت باصص للتليفزيون ومش سامعني خالص؟ خلاص مش حأتكلم. فيرد عليها قائلا: لأ انا سامعك كويس تحبي أسمعلك اللي انت قلتيه.
وهذه مشكلة يتسبب فيها عدم قدرة أحد الأطراف أو كلاهما على حسن الاستماع للآخر، وحسن الاستماع ليس بمجرد ترديد ما تم قوله من أحد الأطراف، "احنا مش في مدرسة"، ولكن حسن الاستماع يبدأ بالنظر في العينين، في السؤال عن بعض النقاط في الموضوع، اعطاء الاهتمام في شكل تقييم للموقف الذي تم التحدث بشأنه أو بمجرد بعض الايماءات بالوجه، وهذا حق لكل طرف على الآخر، وحين يفعله طرف مع الآخر هو يضع ذلك نظاما سيفعله الآخر معه حين يحتاجه.
وأهمية هذا الموضوع تأتي من أنه إذا لم يجد احدهما شريكه الآخر ليسمعه فسيجد من يسمعه خارج البيت الكثير، وكم من زملاء عمل زين لهم الشيطان أعمالهم فقاموا بهذا الدور على سبيل واجب الزمالة، وكان ذلك هو الدافع الرقيق اللين الذي دفع بهذا البيت إلى كارثة محققة تهدد تماسكه وأمنه بخيانة أحد الأطراف للآخر، أو بزواج الرجل من أخرى.
سلبية أحد الأطراف أيضا عامل مهم في التواصل الزوجي وهو أن يؤْثر أحد الأطراف الموقف السلبي في رأيه اعتقادا منه أنه يرضي الآخر فتجد أحدهم كل ردوده كالآتي (للرجل أو للمرأة):"زي ما تحب، لو انت عايز كدة، شوف اللي يعجبك، اللي تشوفه...."، فيشعر الآخر أنه يسمع صدى صوته وليس له شريك يفكر معه ويتجاذب معه أطراف الحديث.
هناك شئ آخر مؤثر على الحوار بين الطرفين وهو اختيار التوقيت المناسب لكل موضوع، وهو شئ كثير من الزوجات تتجاهله ولا تستطيع التحكم في نفسها فتجدها تتحدث عن مشاكل الأسرة على الأكل أو عند رجوع زوجها مجهد من عمله أو في لحظة رومانسية، وتجدها تطلب منه الخروج والتنزه في أوقات عمله أو أعباء واجبات عائلية وهكذا...
سيقول البعض "حنعمل الكلام ده بعد عشرة ولا عشرين سنة جواز"، ولكن ما هي المشكلة، إن الحياة الزوجية تحتاج إلى تجديد دائم، فمابلكم إذا كان تصحيحا لخطأ، خطأ تجاهل انسانية شريك حياتي واحتياجه لي في أبسط نواحي حياته، احتياجه أن يسمعه أحد، احتياجه للاهتمام ولو بنظرة عين حنونة من زوج على زوجته أو من زوجة لزوجها.
قد يقول احدكم هذه تفاهة، هل ممكن أن تخرب البيوت لذلك، لكن المشكلة هنا مشكلة احتواء، هذه التفاهات تشعر طرف أن الآخر يحتويه، وبالمعنى الرباني يدخل الاحتواء في حيز "السكن" الذي هو أحد صفات هذه العلاقة كما وصفه الله عز وجل بسكن ومودة ورحمة.
كما أن خراب البيوت ليس باتفككها بالطلاق فقط، ولكن هناك كم من البيوت الخربة التي يعيش فيها أزواج تحت سقف واحد ولكن يحول بينهما حواجز خرسانية بُنيت بسنوات الاهمال والتسليم للأمر الواقع.
تحياتي
داليا رشوان
الأخت الفاضلة داليا رشوان
جميل موضوعك عن الصمت الأسري
ورغم أنك لمست الكثير من مواضع اللم في هذا الموضوع المتفشي عالميا
وأقول عالميا .. وأعني أعنيها .... فهو ليس مرضا خاصا بشعب
ولذلك تكون أسبابه في معظمها ليس خاصة بعادات معينة .. أو موروثات
ولكنها حقيقة ودون حرج ... هي نتيجة لسلبيات العلاقة الخاصة
بين الرجل كرجل والأنثى كأنثى
ربما تتداخل عوامل أخرى كثيرة
لتسرع من معدل وصول أسر بعينها لهذا الصمت أو الخرس
ولكن تبقى طبيعة العلاقة الخاصة جدا بين الرجل وزوجته ... سببا رئيسيا لهذا الصمت
فالانسان بطبعه .. مخلوق اجتماعي ... وبالتالي لا يسكته ولا يخرسه مع أقرب الناس إليه
إلا .. مانع قوي .... وحاد ... يتمثل في عدم الراحة أو الإشباع من الطرف الآخر
والذي ليس لديه سواه ... ليشبع هذه العلاقة ويثريها
أو هذا هو المفروض .... فيصيبه هذا بالتبلد تجاه هذا الطرف
ولا يتطرق الخرس والصمت الأسري لأي أسرة إلا عندما يفشل الطرفان في التقارب
وتكون العلاقة الخاصة بينهم هي إفراغ واستفراغ لمشحون النفس والجسد ... وفقط
فعندما تفقد العلاقة .... رقتها ... ودفئها ... تتجمد بينهم وصلات الحوار ... ثم تموت
فالمرأة والرجل عندما تزوجا
كان عندهم أمالا كبيرة لعلاقة جميلة ودافئة تزيد من قربهما
فّإذا فشلت هذه العلاقة على أرض الواقع في تحقيق هذا التقارب والدفء
فترت معالم الحياة ... ثم انخفضت حرارة الحوار ... ثم تجمدت وصلات التفاهم
والغالبية يحافظ على حد أدنى للحفاظ على كيان الأسرة .... لتستمر الحياة
وهذا في حد ذاته أسلوب جميل وراقى للحفاظ على الكيان من الهدم
وقد يمضي العمر كله ... عند هذا الحد ... مع كثير من الخلافات والشد والجذب
ولكنها تصل لبر الأمان .... وتنتهي الحياة والعمر بمجملها في سلام
ولكـــــن
إذا شاؤوا .. ألا تهدر حياتهم ... فهذا شأن آخر
فذلك يحتاج لمزيد من .... الوضوح والشفافية والصراحة والتنازل والتضحية من الطرفين
ليلتقوا في منتصف الطريق ... بمعنى ... أن يشجع الرجل زوجته على الحديث في سلبيات
العلاقة بينهم ... العلاقة الخاصة ودون حرج .... ليعرف ما يسعدها ... وما يؤذيها
وما يفرحها ... وما ينفرها ... ولتعرف هي .. ما يسعده وما يضايقه
ولا يأخذه الكبر والعادات والترفع ... عن تبادل مثل هذه الأحاديث
ولا يخشى الرجل وكذلك المرأة ... أنه بالبوح سوف يفشي سره
فقد عبرا معا مرحلة إخفاء الأسرار ... بالزواج
ولا يخشى كل منهما أن يكون ذلك فيه إفساد للطرف الآخر
فكل شيء في الدنيا له حلاله وحرامه ... وأن ما لم يدرك بالحلال والصراحة
قد يدرك بالخطأ والحرام ... أو يحيل الحياة للخرس الأسري
فإذا سعد كل طرف في العلاقة التي لا .. ولن .. يجدها إلا مع هذا الشريك
فسوف يكونا أسعد البشر بالحديث .... سويا
وعندها يجب أن نقول لهم مجموعة من النصائح التي ذكرتيها أختي الفاضلة
فالنفس وهي سعيدة مستعدة لتقبل وتنفيذ .... كل النصائح وبحرص وتفاني
وإلا
فما فائدة الدواء في علاج من مات .... ولا يملاء الحب إناء مكسور
فإصلاح الخصوصية ... يصلح شرخ الإناء ... فيصلح للمليء مرة ومرات
وأرجو أن لا أكون أثقلت ... أو خرفت
وهدانا الله وإياكم لما فيه الخير دوما
د . جمال عمر
كانت هناك بعض التعليقات الأخرى على هذا الموضوع وأردت أن أرد عليها بالآتي: