بتـــــاريخ : 2/26/2009 9:44:22 AM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1239 0


    وكانت الزيارة

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : بنت الجبال | المصدر : forum.wahati.com

    كلمات مفتاحية  :
    اسرة امراة فتاه كانت الزيارة

    هذه قصة جميلة اخترتها من جريدة الجزيرة للكاتب عبد الرحمن المحسن :
    الزيارة


    حملته السيارة إلى الموعد الذي انتظره طويلا تاركا خلفه زمنا من الألم وبعضا من قصاصات الذاكرة ، و سار عبر المدينة التي تمنى لو كانت خالية من الزحام وهو يغوص في أفكاره وسؤال واحد يحيره لماذا اختارت عيادتها لتلتقي به هناك .
    توقف بجانب الرصيف ، نزل وهو ينظر إلى المبنى نظرة أجبرته على الابتسام ، اغلق الباب بقوة محدثا صوتا بدا كنداء أخير من دموع ماضيه واحزانه ، ذاك الماضي الذي سيزول عند دخوله.
    صعد الدرج الذي بدا بلا نهاية ليقوده إلى الدور الثالث الذي توجد به العيادة ، استجمع ما لديه من جرأة وتقدم إلى غرفة الاستقبال التي أمامه ، كان هناك وجوه كثيرة كلها تشترك في الأنوثة والكل مشغول بما لديه من أوراق ومكالمات ، جال بنظره في أرجاء الغرفة ، إنها ليست هنا ،تقدم إلى إحداهن وانتظر بصمت أمامها إلى أن أنهت مكالمتها ثم وقفت وهي تسأله :
    أي خدمة سيدي ؟ .... فرد أهي موجودة ؟
    - من هي ؟
    - الدكتورة
    - وهل عندك موعد ؟
    - لا ... اجل .. لابد أن أقابلها للضرورة
    - وهل تعرفك .. اقصد اسمك ؟
    - أجابها وهو يحس بثقة تجري في جسمه نعم تعرفني
    - حسنا انتظر هناك ..
    واتجه نحو غرفة الانتظار وذهبت هي بدورها لمكتب الدكتورة ، اسند ظهره إلى الكرسي الذي بدا مشابها لمثيله الذي في المنزل واطلق العنان لأفكاره ، ترى هل ستنزعج من زيارته ؟ أم ستجامله كغيره من زائري العيادة ؟ أم ستغلق جرحا قديما بداخله تقودها غريزتها لذلك ؟ .
    قطعت الممرضة أفكاره وهي تسأله بابتسامة متعبة مللت من ترديدها.
    - عفوا هل أنت محمد ؟
    - نعم نعم أنا
    - تفضل.... ذلك الباب
    شكرها واتجه نحو الباب الذي بدا مفتوحا فرئاها وهي تتحدث إلى المريض الأخير في قائمتها ، التفتت أليه ، رمقته بنظرة اتبعتها بابتسامة حاولت أن تكسر بها البداية الخجولة لهذه المقابلة .
    تقدم نحوها ومد يده لها وهو يتمنى من أعماقه أن لا تخذله وقال في لهجة حاول فيها إخفاء توتره :
    مساء الخير دكتورة ..
    ابتسمت وردت بلباقة اعتادت عليهاواشارت إلى الكرسي بجانب الجدار،
    جلس وهو يبادلها عبارات المجاملة ، لكن داخله كان يعصف بالأسئلة !
    لماذا يبدو وجهها مألوفا لديه ؟ لماذا يشعر انه يعرفها منذ زمن بعيد ؟ لماذا تحاول أن توقض فيه حلما تركه نائما في ذاكرته ؟ أهي الصديقة التي لم يعرفها ؟ أم هي حبيبته التي نسج صورتها في أحلامه الماضية ؟ .. لا يدري كل ما يعرفه انه يرى في عينيها نبوءات لم تكتمل وأحلاما لم يسعفه تفكيره في فهمها .
    قطعت أفكاره بسؤالها : ما رأيك في عيادتي ؟ .. فأجاب : انها جميلة .. جميلة ، فردت عليه مجاملة : شكرا لك وتابعت بابتسامة لم تخفها : لقد طلبت رؤيتي وهاأنا ذي أمامك كما طلبت ، قام من على الكرسي واتجه نحوها وهو يقول في لهفة استغربها: نعم واشكرك على ذلك،نظراليها وهو يعلم أن وقت الدوام في العيادة قد أوشك على نهايته وخيل اليه أن زمنا طويلا قد انقضى لكنه استمر في نظره الذي لم يقطعه إلا رنين الهاتف ، فاستدرك قائلا :
    معذرة عن زيارتي في هذا الوقت غير المناسب يجب أن ارحل ولم ينتظر ردها بل مد يده لها مودعا فمدت يدها معلنة قبولها وهي تشكره على الزيارة .
    هبط الدرج إلى اسفل العمارة وهو يلوم نفسه ، لماذا لم أبق مدة أطول ؟لماذا لم استطع أن أكلمها وأقول لها الحقيقة ؟ لماذا أنا هكذا دائما ؟ ، أفاق من أفكاره على صوت السيارات في الخارج واتجه نحو سيارته وادار محركها وقبل أن يتحرك نظر لوجهه في المرآة فرأى في عينيه نظرة حزن ودموعا بقيت من الزمن القادم .

    كلمات مفتاحية  :
    اسرة امراة فتاه كانت الزيارة

    تعليقات الزوار ()