بتـــــاريخ : 2/25/2009 5:39:24 PM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 455 0


    "لا" لفرصة العمر

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : د مصطفى السعدني | المصدر : www.maganin.com

    كلمات مفتاحية  :
    فرصة العمر

    إذا لم تكن قد صادفت أحدهم يريد منك أن تتورط في عملية تسويقية متعددة المستويات، فلا بد أنها مسألة وقت فقط؛ فمع عملية التسويق متعددة المستويات (تسمى أيضا بشبكة العمل التسويقية) فإن الموزعين من خلال وظيفتهم يمكنهم (بجوار وظيفتهم) بيع خط معين من المنتجات (مثل بعض الشامبوهات أو بعض الملابس المستوردة أو أجهزة ألكترونية أو أدوات تجميل) للأصدقاء أو العائلة أو الجيران أو زملاء العمل، وإلى كل شخص آخر قـد ينصت إلى ذلك الوسيط. ولكن على كل حال، إذا ما سمعت أحد رجال البيع (الوسطاء) من الزملاء الموظفين يلح في بيع أو تسويق سلعة ما، فيجب أن تعلم أن أكبر مورد لتلك السلع لا يعمل إلا على توزيع منتجات قليلة الجودة ستودي بك وبالوسطاء وبالبائع إلى الشرطة في النهاية؛ وهذا لأن الموزع الأصلي يعمل على جمع حصة من رجال البيع الذي يكلفهم بالتوزيع، ثم أناس آخرين يبيعون لهم، وهكذا حتى نهاية الخط.

    وكونك تتورط مع أحد وسطاء البيع، أو "لا"؛ فهذا قرارك الشخصي. ولكن وجهة نظرنا تتلخص في أننا وسط العديد من الأشياء الأخرى، نحن نعارض أي عمل يشجع الناس على استغلال علاقاتهم الخاصة من أجل المال (والذي يحصلون عليه من الوساطة).

    وعادة ما يقوم مسوقي البيع المتعدد المستويات بتوظيف موزعين جدد من خلال الاجتماعات التي تُعقد في منازلهم أو فنادقهم أو أي أماكن أخرى، وإن قررت الذهاب فستخضع إلى مقدمة ماهرة وكثير من الكلام المفعم بالنشاط والتشجيع الذي صمم لاجتذابك للداخل وأفضل أنواع المقاومة أن تتجنب الذهاب إلى الاجتماع في المقام الأول. وعند دعوتك إلى إحداها عليك أن تجيب: لا أشكرك، لست مهتما بهذا الموضوع، بصراحة، لا أريد أن أتورط، وحضوري للاجتماع لن يغير من رأيي، وأشكرك على كل حال.

    عندما يبدأ الإلحاح:

    أنت تبدو متحمسا للغاية وأتمنى لك المزيد من الحظ، ولكن هذا ليس من أجلى، فلن أستمتع به، ولن أكون جيداً فيه، أشكرك على كل حال.
    أنا لا أحب البيع، ولو كنت كذلك لتركت الطب وتخصصت فيه، وكنت قد صنعت المزيد مـن الأموال!، وبكل بساطة فأنا لست مهتما ببيع المنتجات أو توظيف الناس لبيعها!.
    يبدو أنها منتجات جيدة، سأشتري بعضا من ماكينات حلاقة الذقن؛ لأنني استخدمها عادة ولكن غير ذلك فلا أريد.
    لقد تخليت عن هذه الفرصة من قبل عندما عرضها علي شخصا آخر، ولن أغير من رأيي.
    إنك مصر للغاية، وأرى كم أنت رجل مبيعات ناجح!!، ولكنني قلت لن أشتري. أرجو أن لا تسألني مرة ثانية.

    متى وكيف تقول:
    "لا" لمن تعوزهم الحاجة من الأشخاص أو المؤسسات؟

    حيث أن هذا الموضوع حول كيفية أن تقول " لا " فليس من هدفنا ألا نشجع الكرم تجاه هؤلاء الناس المحتاجين إلى المساعدة أو الإحسان أو غيرهما من الأسباب التي تستحق، بل في الحقيقة نود أن نشجع كل نبضة للإحساس بالآخرين تعبر عن نفسها، وعليك أن تعلم أن المفتاح الأساسي لقول "لا" لتلك المطالب هو أن تؤمن بكل صدق أنك شخص كريم، والطريق إلى أن تشعر أنك شخص كريم هو أن تعطيَ ولو مرة، ولذلك إن كنت لا تساند على الأقل بعض الأقارب من المحتاجين أو جمعية خيرية تؤمن بها بالفعل أو مشروع خيري فلماذا لا تبدأ من الآن؟.

    اعتمادا على مواردك الحالية، يمكنك الإسهام بالمال أو الوقت أو الخبرة الفنية أو جميعهم معاً. قم بذلك بطريقة منظمة وواعية وحدد التزاما تكون قادرا على الوفاء به، وليس من الصعب تحديد مكان تلك البرامج والمنظمات الجديرة بالاهتمام والمحتاجة لما تقدمه من مساعدات خيرية، حيث يمكنك إيجادها في الجماعات أو الجمعيات المحلية الدينية، وإذا قرأت في أحد المجلات أو الصحف عن أحد الجماعات التي تعمل من أجل قضية تود مساندتها، فاتصل بها، أو اتصل بالمركز الخيري المجاور لك، ثم ادفع إليهم المبلغ الذي تريد أن تساعد به، أو المعونة العينية التي يمكنك المساعدة بها.

    وهناك طريقة أخرى لتوجيه تبرعاتكم الخيرية وهي: أن تسأل عن الجمعيات الخيرية القريبة من مكان إقامتك، سواء دور أيتام أو عجزة أو معوقين أو مستوصفات خيرية، وأعد النظر بتأني إلى أولوية المساعدة لكل منها، قم بالسؤال عن نشاطات كل جمعية منها، وعن سمعة من يعملون بها، ولا مانع من أن تكون على اتصال مباشر بالأشخاص المُحتاجين والذين تقوم بمساعدتهم تلك الجمعيات، وهذه الطريقة المباشرة من أفضل الطرق في تقديم زكاواتك وصدقاتك، فعندما تُدخِل السعادة على قلوب المحتاجين؛ وأنت تمد يدك بالمساعدة المباشرة إليهم يُقذَف في قلبك ونفسك لذة وسعادة من الله عز وجل لعطائك للمحتاجين، وهذا في ذاته علاج للأمراض النفسية والجسدية من جانب المُعطِِي، ولكن أحذر أحذر من شُبهة المن أو الأذى؛ لذا عليك وأنت تُعطي للمحتاج أن تكون مُستحضراً النية الكاملة، والإخلاص التام لله تعالى. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار" صحيح أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة وابن حبان والحاكم.

    "لا" للتوسلات الخيرية:
    مثلنا جميعا قد تستقبل عددا كبيرا من المستجدين كل عام للمساهمة في القضايا المتنوعة الجديرة بالاهتمام، وإذا قرأت بريدك المباشر من طلبات المناشدة أو الاستماع إلى المتصلين بالهاتف، فسيكون من الصعب الابتعاد وقول "لا"، ولكن حيث أنك لا تستطيع أن تقول نعم لكل مطالبة بالمال؛ فيمكنك الالتزام بأكثر التبرعات أولوية، وذلك اعتمادا على إيمانك واعتقادك وأولوياتك الخاصة.

    وفور أن ترسخ فيك عادة الكرم فيتحتم عليك أن تحيد عن بعض مطالب المال من الناس ذوي الاحتياجات غير الحقيقية، أو المستغلين والمتسكعين، وإليك بعض الإجابات اللائية والتي نجدها مفيدة:

    آسف، فكل مساهماتي الخيرية قد وزعت لهذا العام.
    آسف، لا أستطيع، فقد منحت مالي إلى دار كذا وجمعية كذا و...........
    أرسل أنا وعائلتي جميع تبرعاتنا الخيرية مرة كل عام في شهر رمضان، إن أردت إرسال بعض أسماء الأشخاص المُحتاجين فسنضعها في اعتبارنا بإذن الله.

    يقول سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "كل إخاء منقطع إلا إذا كان على غير الطمع".

    أخي، هل يمكنك أن توفر قليلاً من القروش؟

    كم مرة قام فيها أحد الأشخاص بالاقتراب منك سائلا إياك بعض الإحسان؟ مرات قليلة في العام؟ عدة مرات في اليوم الواحد؟ هل تصل إلى جيبك لتخرج بعض المال؟ أم تستمر في السير دون أن تنظر خلفك؟

    كما نعلم جميعا جيدا، فهناك الكثير من الناس الذين يحتاجون إلى المساعدة يعيشون فـي مجتمعنا، وليس فقط في المدن الكبيرة، فهم يتواجدون أيضا في ضواحي المدينة، وفي المدن الصغيرة والمناطق الريفية، وكما أنه ليس هناك سببا واحدا يمنع أي شخص من التسول!، فليس هناك تصرفا واحدا صحيحا عندما تواجه أحد الغرباء يسألك بعض المال!، إذاً ما العمل؟

    إن الاستجابات إلى التسول تختلف كثيرا، فبعض الناس يتبنون مبدأً ألا يُساعِدوا من يستجدي الحسنة في الطريق، مؤمنين أن مساعدة السائلين يديم من مشكلة التسول، كما أن بعض الناس يُفضِّلون حمل مجموعة من الفئات النقدية الصغيرة ليعطونها للمتسولين طوال الأسبوع، والبعض الآخر يعرِض شراء أطعمة وعصيرات للمتسولين بدلا من إعطائهم بعض النقود، وعن تجربة؛ أجد أن الكثيرين من المتسولين يرفضون الطعام ويريدون النقود وبإلحاح!!.

    وعادة ما يقوم الناس برد فعل في التو واللحظة، حيث يحاولون تقدير كل فرد بسرعة كبيرة اعتمادا على انطباعات مؤقتة وغير واضحة لتشكيل قرار سريع؛ هل هذا السائل في حاجة بالفعل إلى المال؟!، أم أنه يحتال علي؟، وهل سيستخدم هذا السائل المال في شراء المخدرات مثلا؟، هل يصطنع هذا المتسول المرض؟، أم أنه غير قادر على إشعاري بمدى احتياجه لهذا المال؟.

    وحتى هؤلاء ممن يميلون للمساعدة ليسوا في ثبات على مبدأ، ففي بعض الأحيان نكون في عجلة من أمرنا وليس لدينا الوقت للبحث عن نقود أو أننا بكل بساطة غير قادرين على رؤية شخص ما في مثل تلك الشدة، إن هذا الأمر يزعجنا، وكل ما نريده هو أن نبتعد بسرعة وننسى الأمر، ولكن دائما ما يظل هناك شعورا مزعجا في أنفسنا، وحوارا داخليا ولو لثوان معدودات!؛ فنقول في أنفسنا هل مررنا بأحد المتسولين "الأغنياء"؟!، أم أنه من أكثر الرجال حزنا؟!، واحتياجا؟!، وقابلية للإحساس بالجرح في العالم؟!، وعندما نكون مع أطفالنا نزداد قلقا ممن يواجهنا من هؤلاء المتسولين، بالسؤال لسبب أو لآخر!، فغالباً ما يجتاحنا شعور بالذنب، وقد لا يكون هذا الشعور في كل مرة ولكن كثيراً لدرجة أنه يزعجنا".

    إن كنت تشعر براحة كبيرة في طريقة تعاملك مع هؤلاء المتسولين، إذن أنت شخص نادر، وقد لا تحتاج أن تقرأ هذا الجزء ولكن الكثير منا يتذبذب على طول الطريق؛ فنحن نكره ونستاء من الناحية التطفلية، وكذلك مواجهة أحد الغرباء في الطريق.

    حكاية طريفة:
    يحكي صديق لي أنه كان خارجا من باب العمرة بمكة المكرمة بعد أن أدى شعائر العمرة هو وزوجته وولده الذي لم يتجاوز عمره الأربعة أعوام، وفي الشارع المقابل لباب العمرة وجد مجموعة من السيدات الأفارقة يُسمُون في مكة بالداكارين أو التاكارين وهن يسألن الخارجين من الحرم الصدقة في سبيل الله يا حاج وبإلحاح!، فأعرض صديقي عنهن؛ خائفا من السيارات المسرعة بالطريق وبالذات وهو يمسك بيد ولده وبالأخرى زوجته!، فما كان من ولده الصغير إلا أن قال له: لماذا لا تعطيهن بعض الريالات يا أبي؟! أليس المال الذي معك هو مال الله، وهؤلاء فقراء يا أبي؟!، أعطهن من مال الله؟!؛ فقال صديقي لزوجته بعد أن أحرجه ولده دينيا ثم إنسانيا: اشتري لهن عشر علب عصير وأعطيهن؟!، وبالفعل اشترت الزوجة العصير من بائع بنغالي في محل على الرصيف المقابل لباب العمرة، وأعطاها البائع علب العصير في كيس من البلاستيك، وبدأت السيدة توزع علب العصير البارد في جو مكة الحار على السيدات الأفارقة ذوات الأجساد الفارهة والعضلات القوية، وماهي إلا ثوان معدودات؛ وكان هناك هجوما شرسا على الكيس البلاستيك المحتوي على علب العصير من جانب هؤلاء السائلات المتسولات!، ولما كان الطفل الصغير سريع الحركة؛ فلقد انفلت سريعا من بين هؤلاء المتسولات ووقف في مكان خال على نفس الرصيف ينظر إلى الموقف وهو يضحك!، وأما أمه فانعصرت في الهجوم الشامل القوي على علب العصير، وصديقي على الرصيف المقابل القريب من باب العمرة يضرب كفا بكف!، ويحمد الله على أن ابنه وزوجته لم يصبهما أذى أو مكروه.

    في الحقيقة، لا يوجد ما يعيب أن تقول "لا" للمستجدي ولكن الأفضل أن تقولها بطريقة عطوفة، فهذا أفضل لكل منكما وكل ماتحتاجه هو مجموعة من الكلمات البسيطة مثل:
    آسف ليس لديَّ فكة أو صرف اليوم.

    حرك كتفيك وأظهر له يدين خاليتين، وبابتسامة قل أياً من التالي: بارك الله لك، الله يسهل لك، الله يعطينا و يعطيك، على الله، الله يرزقنا ويرزقك، الله يوسع علينا وعليك.
    قال الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول: "اليأس حر، والطمع عبد، والغنى وطن، والفقر غربة، وقد وجدنا في لذة العفو ما لم نجد في لذة العقوبة".

    وإن كنت تريد القيام بما هو أكثر من الرفض، فقد يتطلب منك الأمر القيام بتقديم مساعدات منزلية دورية لهؤلاء المُحتاجين بصورة تُغنيهم عن ذل السؤال، وهذا يعتمد على المصادر المتاحة في مجتمعك، هناك فكرة "إيصال الطعام" للأسر الفقيرة؛ حيث يكون صندوقا لكل أسرة فيه الحاجات الرئيسية التي تحتاجها كل أسرة من الأسر المحتاجة لمدة أسبوع مثلا، فيكون فيه أرز وسكر وحنطة وزيت وزبدة وبطاطس وبصل وجبن وزيتون وبعض البقوليات كالعدس والفاصوليا واللوبيا ومساحيق التنظيف والصابون المغلفين جيداً، وغيرهم من المواد الأساسية اللازمة لأي بيت، هل سمعت عن مخازن المؤن؟!، إنهم يقدمون موادا من البقالة مجانا ووجبات ساخنة كل يوم، وكذلك الموائد الرمضانية، وشنطة رمضان هم صور لمساعدة الفقراء والمحتاجين.

    وعندما تمر بشخص يتسول في الطريق، فمهما كان ما تختاره لكي تجيب عليه، فمن المهم أن تضع في حسابك أن من تراه أمامك هو إنسان، يقول الله عز وجل: "وأما السائل فلا تنهر" الضحى، 10 ، وللأسف، فإن كثيراً من المتسولين يتم البصق عليهم وسبهم أو ُيقطب الجبين في وجوههم، أو يتم تجاهلهم، ومجرد ابتسامة منك وكلمة طيبة قد تجعل يومه أفضل، وكما قال الله عز وجل: "قَوْلٌ مَعرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذىً، وَالُلهُ غَنِيٌ حَليمٌ". سورة البقرة، من الآية 263

    كلمات مفتاحية  :
    فرصة العمر

    تعليقات الزوار ()