بتـــــاريخ : 2/25/2009 5:27:39 PM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 553 0


    َمْنعُ الرَدَّ غير المرغوبَ

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : د مصطفى السعدني | المصدر : www.maganin.com

    كلمات مفتاحية  :

    في أغلب الأحيان أنت لا تَستطيعُ السَيْطَرَة على المحفّزَ، لكن بتَرتيب البيئةِ المحيطة بك ثانية أنت يُمْكِنكُ أَنْ تَمْنعَ الرَدّ غير المرغوب فيه مِنْ الحَدوَث. على سبيل المثال: كان لدى أحد الكتاب عادة تضيع له الكثير من وقته الثمين؛ ألا وهي مكالمة أصدقائه تليفونيا في كل صباح، فاتفق مع زوجته على أن تقوم بجمع أجهزة التليفون من المنزل يوميا من الساعة الثامنة صباحا وحتى الثالثة ظهرا، وتحتفظ بهذه الأجهزة خلال هذه الفترة مغلقا عليها بالمفتاح في مكان لا يعرفه هو، لقد تمكن هذا الكاتب من خلال توفيره للوقت الضائع في المكالمات التليفونية من إنهاءَ مهماته اليومية في الكتابة عادة. وفي النهاية، لَمْ يَعُدْ مطلوب الإغلاق على أولئك الأجهزة بمكان ما غير معلوم له بالمنزل يوميا، لقد أنجز وشَعر بالسعادة، ونجح في تحقيق هدفه في إنجازه ما أراد.

    إن لذة الإنجاز المتبوعة بالتوفيق والنجاح لا يدانيها لذة أخرى، ألم تستمع إلى قوله تعالى: "فأمّا من أُوتي كتابه بيمينه فًيقُولُ هاؤم اقْرَأوا كِتَابِيه إنّي ظَننتُ أنّي مُلاقٍ حِسَابيه فَهو في عِيشةٍ رَاضِية" سورة الحاقة آية 19, يالها من لحظة رائعة يتمناها كل مؤمن!!، لقد أنجز من العمل الصالح ما أهله لدخول الجنة والفوز بها، إنها لحظة تجمع بين الفرح والفخر المحمودين، وبلا جدال هناك فرق هائل بل قل ليس هناك مجالاً للمقارنة بين إنجاز عمل أو تحقيق نجاح في الدنيا والفوز بالجنة في الآخرة ولكن على المؤمن أن يتذكر دائما الفوز بالجنة في الآخرة، وأن ذلك هو هدفه الأسمى والدافع الأكبر لكل عمل يقوم به في ليله أو نهاره في حياته الدنيا، فعند ذلك يُحدِّث الفائز نفسه قائلا: "لقد تمكنت من ضبطَ نفسي وأنجزت خيرا، وسأكون من أهل الجنة برحمة الله تعالى!!."

    قد يَقْمعُ الشخص السلوكَ غير المرغوبَ فيه باستعمال عقاب ذاتيَ:
    أُكرّرُ هنا أنّ العقاب لَيسَ بعادةٍ تقنية فعّالة لتَغيير السلوك؛ فمن الأفضل بكثير إحْداث تغيير السلوك من خلال التعزيزِ أَو انسحابِ التعزيزِ. على كل حال، فأحياناً قد يكون السلوك المطلوب تغييره راسخ بداخلك لدرجة أنك لا تتمكن من سحب تَعزيزه، لأن تلك العادةَ السيئةَ لديك قد تكون قويةُ جداً، ومتمكنة بداخلك، وأنت لا تَستطيعُ كَشْف المدعمات لتلك العادة السيئة بداخلك، وهكذا لا تتمكن من إطْفائها والسيطرة عليها.

    في مثل هذه الظروفِ، نجد أن العقاب قَدْ يُساعد على التخلص من تلك العادات الرذيلة، وقَدْ يُثبتُ العقاب أيضا أنه مفيد إذا احتجت لتغييرَ فوريَ في سلوكك. ربما كانت عادتكَ غير المرغوبة سببا في خسرانك لعملك ما لم تتخلص من تلك العادة وبسرعة، في هذه الحالةِ، قد يكون العقاب هو التقنية الوحيدة المؤثرة والفعالة، ولكن تذكر أن هذا العقاب يجب أَنْ يَكُونَ قويا ومباشراً حتى تتمكن من تغيير ذلك السلوك الرذيل غير المرغوب فيه.

    أستاذ ومعلم في تغيير السلوكيات الرذيلة بالعقاب المباشر والرادع لنفسه أولا:
    روي أن عمر بن الخطاب طاف ليلة فإذا هو بامرأة في جوف دار لها وحولها صبيان يبكون وإذا قدر على النار قد ملأتها ماء فدنا عمر بن الخطاب من الباب فقال: يا أمة الله لماذا يبكي هؤلاء الصبيان؟ فقالت: بكاؤهم من الجوع. قال: فما هذه القدر التي على النار فقالت: قد جعلت فيها ماء أعللهم بها حتى يناموا أوهمهم أن فيها شيئا من دقيق وسمن. فجلس عمر فبكى ثم جاء إلى دار الصدقة فأخذ غرارة وجعل فيها شيئا من دقيق وسمن وشحم وتمر وثياب ودراهم حتى ملأ الغرارة ثم قال: يا أسلم احمل علي.
    فقلت: يا أمير المؤمنين أنا أحمله عنك!
    فقال لي: لا أم لك يا أسلم أنا أحمله لأني أنا المسئول عنهم في الآخرة -قال: فحمله على عنقه حتى أتى به منزل المرأة- قال: وأخذ القدر فجعل فيها شيئا من دقيق وشيئا من شحم وتمر وجعل يحركه بيده وينفخ تحت القدر -قال أسلم: وكانت لحيته عظيمة فرأيت الدخان يخرج من خلال لحيته حتى طبخ لهم ثم جعل يغرف بيده ويطعمهم حتى شبعوا ثم خرج وربض بحذائهم كأنه سبع وخفت منه أن أكلمه فلم يزل كذلك حتى لعبوا وضحكوا ثم قال: يا أسلم أتدري لم ربضت بحذائهم قلت: لا يا أمير المؤمنين!.
    قال: رأيتهم يبكون فكرهت أن أذهب وأدعهم حتى أراهم يضحكون فلما ضحكوا طابت نفسي.

    أنظر معي هنا كيف عاقب أمير المؤمنين نفسه بأن حمل أحمال الطعام للأطفال وأمهم على ظهره، وكذلك طبخ لهم الطعام وأطعمهم ثم لاعبهم حتى يضحكون بعد أن كانوا يبكون، كل ذلك حدث والأم وأطفالها لا يدرون أنه عمر بن الخطاب، فمن المعروف أن أطفال المسلمين كانوا يخافون إذا رأوا عمر هيبة منه، وإجلالاً لقدره!.
    قال ابن عمر: كان عمر إذا أراد أن ينهى الناس عن شيء تقدم إلى أهله، فقال: لا أعلمن أحداً وقع في شيء مما نهيت عنه إلا أضعفت عليه العقوبة.

    ويقال مكث عمر زماناً لا يأكل من مال بيت المال شيئاً، حتى دخلت عليه في ذلك خصاصة، فأرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستشارهم، فقال: قد شغلت في نفسي هذا الأمر فما يصلح لي منه؟ فقال علي: غداء وعشاء، فأخذ بذلك عمر.

    وأخرج عن عكرمة بن خالد قال: دخل ابن لعمر بن الخطاب عليه وقد ترجل ولبس ثياباً حساناً، فضربه عمر بالدرة حتى أبكاه، فقالت له حفصة "ابنته وأم المؤمنين": لم ضربته؟ قال: رأيته قد أعجبته نفسه، فأحببت أن أصغرها إليه.
    وفي هذه الرواية نرى أن استخدام العقاب لاقتلاع "العُجْبِ" من النفس تعدى من عمر بن الخطاب ذاته إلى أحد أبنائه.

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()