الحرية الشخصية...هذه العبارة الرنانة التي لا احد يستطيع أن يلغيها من قاموسه لان ذلك يعتبر اعتداء وإنكارا لمبدأ الحرية التي وهبها الله سبحانه وتعالى للإنسان منذ ولادته فكل إنسان سواء كان ذكرا أو أنثى يولد حرا, وبعدها ينمو ويكبر و له شخصيته المستقلة وأفكاره وآراءه الخاصة به و ليس لأي احد الحق في فرض أي فكر آخر بالإكراه والعنف فهذا أمر مرفوض بكل المقاييس الشرعية والمنطقية.
ولكن يجب علينا أن نعرف سقف هذه الحرية فإنها ليست مطلقة كما يفهمها البعض فيصورونها أنها ليست لها حدود وإذا حاولت أن تقيدها أو تنظمها داخل إطار أو وضعت لها خطوط ا حمراء فقد أفرغتها من محتواها وأصبحت جرداء لا تعني شيئا.
لو أن كل إنسان منا تصرف وقال وعمل ما يحلو له تحت غطاء الحرية الشخصية فذلك يؤدي إلى تصادم الحريات أي أن ما يسميه احدنا حرية شخصية له قد يكون اعتداء على حرية آخر سواء كان فرد أو مجتمع أو دولة ومن هذا المنطلق ومن اجل خلق بيئة تسودها المساواة في الحرية يجب أن يعرف كل فرد بان لحريته سقف عليه أن لا يتجاوزه وان حريته تنتهي حين تبلغ حدود حرية الآخر.
فمثلا على مستوى الدولة هناك مقدسات لا يمكن التقليل من شانها تحت أي مسماة, فالراية التي تعرف بها الدولة والتي تعبر عن استقلالية الدولة ورمز وجودها هل يحق لأحد أن يغيرها أو يتلاعب بها حسب هواه بحجة انه يمارس حريته قطعا لا يجوز ويعرض من يفعل ذلك نفسه للمساءلة والملاحقة القانونية وكذلك بالنسبة لمن أصبح رمزا من رموز الاستقلال للشعب والدولة لا يجوز التطاول عليه أو إنزاله مكانا لا يليق به كمنقذ ومخلص ومؤسس للدولة تحت ذريعة الحرية الشخصية.
أي أن هناك ثوابت ومبادئ وأسس راسخة تحفظ كيان الدولة والمجتمع, وقوانين تنظم الحياة, وأخلاقيات توارثتها أجيال متتالية حتى أصبحت جزء من هوية الدولة أو الأمة. فكل هذا لا يمكن تجاهله أو ضربه في عرض الحائط باعتبار أنها تعيق الفرد وتحرمه من ممارسة حريته الشخصية فكل ما لا يتفق مع هوى احد أعلن الطغيان عليه وألقاه وراء ظهره واتبع هواه, فان ذلك يؤدي إلى خلق مجتمع هو اقرب ما يكون إلى الغابة.
فالذي يبحث عن حريته الشخصية يجب عليه أيضا أن يعرف حدود حرية الآخرين والذي يحاول أن يوسع دائرة حريته عليه أن يراعي دوائر حرية الآخرين والذي يسال عن حقوقه عليه أن يتعرف على وجباته أيضا, هكذا نرقى بفردنا ومجتمعنا وننافس من هم أصبحوا روادا للمجتمعات المدنية