بتـــــاريخ : 2/22/2009 8:36:57 AM
الفــــــــئة
  • طرائف وعجائب
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 989 0


    من أين لك هذا؟

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : آوات محمد امين | المصدر : www.qudwa1.com

    كلمات مفتاحية  :
    استراحه القراء

    على خلفية تشكيل لجان المراقبة المالية، ومتابعة الفساد المستشري في جسد الحكومة العراقية، وحكومتي الأقليم، من حيث وجود المحسوبية والرشوة وتولية الوظائف للأقارب وان لم يكونوا أهل كفاءة، والتلاعب بالمال العام، رغم أن هذا الداء موجود في كل حكومات الدنيا ولكن نسبتها عالية في العراق، ولا أدري هل يرجع الى عدم وجود نظام، أم أنها اصبحت عادة، كل من يصل الى المسؤولية يثري نفسه بكل طريقة دون الالتفات الى القانون أو الشرع.
    فالمسؤلون أمناء، وكلتهم الأمة لإيصال الحقوق الى أهلها، وتوزيع السلطة والثروة مناصفة وعدالة بين مكونات الشعب، واشراك المواطنين في ثروات بلدهم، لأن الناس كلهم شركاء في ثلاث \"الماء والكلأ والنار\"، فالمؤتمن الأمين هو المحبوب لدى الناس والفائز يوم القيامة، أما المؤتمن الخائن فان الله له بالمرصاد، والله يمهل ولا يهمل، ولكن قبل هذا لابد من وجود لجان وهيئات شغلها مراقبة المسؤلين ثم مساءلتهم عما اغتنموه في فترة وجودهم في السلطة، ويلزم كل من تغيير حاله بين عشية وضحاها أن يسأل من أين لك هذا؟ ويجيب عليه بكل صراحة ووضوح.
    وهذا السؤال تميز به المسلمون في فترات من تاريخهم، وطبقوها مع الحكام والولاة، لكي لا يستغل أحد منصبه ليتعالى على الآخرين، عليه هنا أقوم ببعض الإسقاطات التأريخية حول هذا السؤال من التراث.
    من أين لك هذا؟ سؤال عن الإثراء الذي لا سبب له، وما أكثره في عصرنا وزماننا، فالحكام أو الذين يسند اليهم الوظائف الإدارية يستغلون أموال الأمة لمصالحهم الشخصية، وهم الذين خرجوا من المؤسسات وأوساط اجتماعية مثل بقية عباد الله، والذين تغيروا كلياً بعد استلام مواقعهم القيادية، وأصبحوا يستعلون على المؤسسات التي خرجوا منها وارتقوا فيها، وعلى زملائهم وموظفيهم، ومعارفهم وأهليهم، وأصبحوا يتباهون بلا خجل بالفيلات والمزارع التي اشتروها والعقارات التي يملكونها والألبسة من الماركات الفريدة التي يرتدونها والمطاعم الراقية التي يحجزون أفخر طاولاتها، والعلاقات التي يعقدونها بلا مساءلة ولا وجل.
    النظام الإسلامي لا يطلق يد المسؤولين في أموال الأمة، بل يحاسبهم ويقاضيهم، ويقول للذين قد تغير حالهم المعاشي بين عشية وضحاها، من أين لك هذا؟ وقديماً استحدث هذا المفهوم الذي تعني ضمناً متابعة الولاة بالمحاسبة والرقابة المالية حتى لا يستغل الوالي منصبه للإثراء، فكان أول من طبق مبدأ من أين لك هذا؟ عمر بن عبد العزيز Z ، مع ولاته رسمياً، وقد أرسل محمد بن مسلمة لمحاسبتهم، وبحث مصدر ثرائهم.. فكان أحياناً يصادر ممتلكاتهم باعتبار أنها كسب غير مشروع، وأحياناً يقاسمهم إذا ثبت أن للوالي مالاً سابقاً لكن ما كان يبلغ هذا الحد لو لم يكن حاكماً، فكان ينصفهم ويقاسمهم ما يملكون، ويضمه لبيت المال.
    وذكر البلاذري بأنه كان على كل والٍ أو عاملٍ أن يقدم عند تعينيه قائمة بكل ما يملك، أو يقتني، ثم يحاسبون على الزيادات عند إعفائهم، مع ملاحظة الرواتب المناسبة التي كانوا يتقاضونها، والتي قصد منها عدم تأثيرهم بالمؤثرات المادية.
    وكان عمر بن الخطاب Z يعامل ولاته بهذه الطريقة، فقد ورد في فتوح البلدان ما يشير الى محاسبة عمر بن الخطاب Z لعماله وولاته، وقيامه بمصادرات لأموال طائلة جمعها بعض عماله
    هذه النماذج لمفاصل تاريخية في حياة المسلمين، وهي نقاط القوة، وسبيل الى توطيد الشرعية وبقاء المشروعية للمسؤولين، وكم نحن اليوم بحاجة الى مثل هذا الحس والنفس، في مساءلة كل من وكل اليه أمر عامة المسلمين سواء كان الأمر كبيراً أو صغيراً، والغرب أخذ هذه النقاط المشرقة في تاريخنا الإسلامي، ونحن اليوم نلهث أمام عجر وبجر الغرب، فالأولى أن نلتفت الى تاريخينا ونستلهم هذه المعني الخالدة ونطبقها في أرض الواقع، كي يمحو هذه السلبيات التي في جسد الحكومة والمجتمع، فيا هؤلاء اللذين أصبحتم أثرياء بغير حقٍ، علماً وانكم لم تحصلوا على كنز قارون، من أين لكم كل هذه الأموال

    كلمات مفتاحية  :
    استراحه القراء

    تعليقات الزوار ()