بتـــــاريخ : 2/19/2009 5:53:24 PM
الفــــــــئة
  • طرائف وعجائب
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 846 0


    التعامل مع الأزمات

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : د.حنان طقش | المصدر : www.qudwa1.com

    كلمات مفتاحية  :
    التعامل الأزمات

    يقسم التعامل مع الأزمات إلى ثلاثة مراحل. تسبق الأولى الكارثة وترافق الثانية وقوعها أما الثالثة فتكون بعد مرور الأزمة للتعامل مع ما تتركه المعاناة على النفس البشرية. لابد لنا في كل مرحلة من التعامل مع معطيات النفس الثلاثة وهي الأفكار أي النواحي المعرفية والانفعالات ثم السلوك الذي يعتبر ترجمة لهذه الأفكار والانفعالات.
    يعرف الإعداد السابق للأزمة بأنه الوقاية النفسية والتأهيل ويركز غالبا على النواحي المعرفية والسلوكية أي يشرح لنا ما هو متوقع ويزودنا ببعض أساليب وطرق التصرف أثناء الأزمة لتقليل الخسائر, ونحن كمنطقة ضعيفة أو مستضعفة ومستهان بأهلها يجب علينا أن نتعامل مع الحروب كاحتمالات قائمة ومتوقعة إن لم تكن مباشرة علينا فلجيراننا وسنعاني مع هؤلاء الجيران لا محالة يجب أن يعرف كل طفل وراشد عربي ومسلم أنه قد يتعرض لمحنة الحرب بين ليلة وضحاها طالما هو ينعم بجار إرهابي.
    رغم أهمية البعد المعرفي في التعامل مع الأزمات تبقى فرص التغيير مع الألم ضعيفة ففي مرحلة الأزمة يكون التركيز أعلى في بعد الانفعالات والسلوك. كيف تتصرف مع خوفك مع حزنك ويأسك مع قلقك مع غضبك وهي أنواع من الانفعالات متوقع أن تظهر مع كل أزمة ولا تتساوى بالضرورة حدتها لدى الجميع.
    تعايش الأزمة بطريقة مباشرة بأن تكون وسط الأحداث وبطريقة غير مباشرة كما يحدث للمشاهدين والمتابعين عن بعد مع هؤلاء تكون فرص التعامل المعرفي أعلى بالإضافة لأهمية الانتباه للجانب الانفعالي لديهم أيضا. الجانب السلوكي أثناء الأزمة يتناول أمور مثل الإسعافات الأولية و البحث عن المفقودين والإنقاذ للمصابين وتنظيم جهود المتطوعين.
    من وجهة النظر المعرفية تكون الانفعالات ترجمة للأفكار ولذا عندما أتحدث عن الجانب المعرفي أقصد الأفكار التي تدور في أذهان الناس والتي تولد لديهم الشعور باليأس والغضب كما تقرأ في مقالة مستشارون مجانين المجد للمقاومين وما قد يطرأ على تفكيرنا من تشوه أو خلل يجعلنا جاهزين لتوجيه هذه المشاعر السلبية لأقرب الناس من حولنا وقد يصاب الكثيرون بهذا الخلل المعرفي الذي يضعهم على حافة الاحتراق النفسي.
    يمكن للمختص أو المساند سواء كان مدرس أو مرشد أو متطوع أن يتناول بعض الأفكار الخاطئة ويعمل على تصحيحها من خلال طريقة المناقشة debateالتي تهدف ليس فقط للتخلص من الأفكار الهدامة والسلبية ولكن لدفع الفرد لتبني فلسفة جديدة لحياته تغير منظوره العام للأمور وتساعد في توافقه.
    فمثلا يمكن أن يبدأ مع سيطرة اللامبالاة "لا شيء يهم" لشدة الألم والصدمة وهنا نقول سيتألم من فقد ما فقدت ولكن ما بقي معك سوى عقلك؟ لأنك لا تملك سواه حافظ عليه, لا تفقد عقلك فتفقد حياتك معناها ادفعه للتفكير كي تتمكن من البقاء فصمودك وبقاؤك هو انتصار تحققه على أي أزمة أو عدو يحاول النيل منك.
    آيات من سورة البقرة ينفعك تفسيرها في التعامل مع أصحاب التوجه الديني "َلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ (البقرة: 243 )" لن يموت من لم يحن أجله ولن ينجو من كتب الله عليه الموت وإن هرب وإن حاذر فلا بأس علينا من القتال أو من مواجهة ما تأتي به الحياة. يشجعنا الله على القتال في سبيله ولا يعني هذا أن يفرط المرء بحياته بأن يوردها موارد الهلاك ولكن ليعش من يعش منا موقنا أنه لن يموت ما لم يشأ الله ولن يفر من أجله سيقول البعض أننا نؤمن بهذا فأسأل إذن لم كل هذا الخوف؟؟ علينا أن نجدد الإيمان.
    يقول رب العالمين" كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (البقرة:216)" أية من سورة البقرة تساعدك في توضيح كيف أن أحلك الأزمات بما فيها الحروب لها إيجابيات فبدونها لن تستعيد حقك المغتصب ستفقد كيانك وذاتك وأهلك ولكن القتال مكروه ولهذا تفرض علينا المعارك فرضا ولا نبدأها وفي هذا رد على من يقول أن المسلمين شعوب دموية فها ربنا يقول عنا أننا نكره القتال ولكنه يحببه لنا بقوله أن فيه خيرا لنا يعلمه ولا نعلمه وما أجمل من استعادة حقك إلا أن تنال شهادة, وماذا إن لم تكن حربا ولكنها أمر نكره مثل الزلازل التي تضرب بعض المناطق الإسلامية نقول أنه خير لنا ولكننا لا نعلم وطالما علمنا أننا لن نعيش إن لم يشأ الله لنا أن نعيش فلنرضى بأمر الله فنحن نموت ونحيا ونسعد ونشقى بأمر الله.
    نحن كمسلمين نوقن بأن أعمارنا محدودة ولكن ما نمر به من أحداث يساعدنا في ترتيب أوراقنا الداخلية وأولويات حياتنا, في مثل هذه الأوقات تكتشف أنك قادر على العيش دون معظم الأمور التي تختلف حولها مع أهلك وزوجك وزملاؤك بل دون كثير من أحلامك الدنيوية, ستكشف أبعادا جديدة ومعاني فريدة للسعادة فقط انظر داخلك في البداية قد تكون الصورة معتمة وداكنة لكن بعد قليل ستعاد الرؤية, في مثل هذه الأوقات سترى أنك لم تعش حياتك كما ينبغي وتشكر الله على أن لديك فرصة جديدة.
    يقول رب العالمين "إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (الزمر:30)" لا تفزع وعش مطمئنا سيموت المنتصر والمهزوم وسيموت أي ناجي عندما يحين أجله, لا أحد سيبقى غير وجهه الكريم سنفنى بأي شكل ولكن هناك فرق حتى بين الأموات فالبعض يصارع عدوا ظاهرا واضحا يخلده في ذاكرة الشعوب مجرد محاربته شكل من النصر قد يموت فيدخل الجنة إن شاء الله وقد ينتصر فيعش في عزة نحن وهم ميتون.
    لن تموت نفس لم يحن أجلها ولن تعاني ما لم يكتبه الله عليك قد تختلف أبواب المعاناة فبدل شظية سيكون أحد الأمراض مثل السرطان أو غيره أو طوفان المهم أنك ميت وأنهم ميتون.
    الشعوب العربية أكثر معاناة من غيرها وهذه فكرة خاطئة ومحبطة بالإضافة لكونها مؤلمة وما زال ضحايا ومهجرون إعصار كاترينا رعايا الدولة الأقوى في زماننا حاضرة صورهم وآلا لامهم في الذاكرة فالمعاناة جزء من الحياة إن شئت أن تعيش.
    "إن تكونوا يألمون فأنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون" مشردي الإعصار يألمون حقا إخواني كما نألم ولكنا نرجو من الله ما لا يرجون, المعاناة ليست قضية عربية بل إنسانية ولكنا استمرئنا الشعور بالاضطهاد لا أقول والله أني مثل من خسر بيته أو حياته أو عزيز لكن في الحياة لا ضمان بعدم التعرض للأحزان بغض النظر عن الأسباب والمصادر فهم كما قالت د. داليا في مدونتها ليسوا ورقة شجر قد سقطت.
    قد تواجه في الحرب الحالية فكرة أن لا أمل لنا بالانتصار وأن دولة الطغيان في هذا الزمان لا تكسر. ناقش هذه الفكرة بأننا قد نخسر ليس هذه الحرب فقط بل وغيرها أيضا ولكن النصر في النهاية حليفنا كما وعدنا رب العالمين ومن معجزاته أننا لا نعرف متى هذه النهاية فلا ينبغي لنا القعود عن الجهاد. رأينا عبر التاريخ أمما أكثر قوة اندثرت ولم يبق منها سوى سير في بطون الكتب لم تكن تختلف عما نراه اليوم من غطرسة واستئساد يجب فقط أن نقرا التاريخ وأن نعتصم بالإيمان فلا عاصم من تناقضات الواقع ولا دافع للنجاح مثله, وانظروا لحال رئيس وزراء ما كانت تسمى لعهد قريب الإمبراطورية العظمى أو التي لا تغيب عنها الشمس.
    لن أقول أن مهمتك في مناقشة الأفكار وزرع المنطق والأمل سهلة ولكنها ضرورية وأساسية كما لا يعني الكلام عن النواحي المعرفية الاستهانة بالنواحي الانفعالية فلا تنكر على أحد حزنه ولا غضبه ولا خوفه ولا يأسه فالحياة مليئة بالزوايا المظلمة دون أن نقبل الاستسلام لها ولكن إن لم نمت فلا بد أن نعيش. لا تتوقع قبول سريع وتسليم لمنطقك فعليك أن تقنع نفسك كي تستطيع أن تقنع غيرك كما أن المثابرة في تناول هذه الأفكار على فترات يزيد فرصك في النجاح.
    أثناء تعاملك مع النواحي المعرفية تجنب تقديم وعود براقة كي لا تزداد مهمتك في المرحلة الثالثة صعوبة أي بعد عودة الحياة إلى نظام ثابت وبالطبع فإن الحياة لا تعود أبدا لمن تعرض لكارثة لما كانت عليه من قبل فضع هذه النقطة في عين الاعتبار كي لا نتعرض لانتكاسة حين نفشل في إعادة الحياة لما كانت عليه يجب أن نكتفي بالقول أن الأزمات كلها تنتهي وقد تترك ندوب لكنها لا تمنعنا من الاستمرار في الحياة, أنها كالصخرة التي تسد باب المغارة قد تكشف لنا بعد تزحزحها عن جمالات كنا غافلين عنها في حياتنا السابقة.
    هذه بعض الأفكار الشائعة التي ستجدها بصورة أو بأخرى أثناء تعاملك مع من تعرض لأزمة وغيرها الكثير ابعثوها لي إن شئتم وسأفعل ما بوسعي للمساعدة بالرد عليها بطريقة منطقية

    كلمات مفتاحية  :
    التعامل الأزمات

    تعليقات الزوار ()