,,,الجزء الرابع ,,,
و تمر الأيام يوماً تلو يوم ، و مازلت أعيش في دوامة الإحساس بالقهر ، أنتظر أملاً
ينتشلني من بحر الأحزان ، و يفك قيد الألم الذي طوق قلبي الصغير و أنهكه ..
أنتظر فرحًـا يعيد لي ضحكاتي البريئة التي ارتحلت كحلم مضى ,,
و يبعث البهجة في حياتي التي تلونت بلون باهت ...
و كغيري ممن عانى القهر ، بدأت أروض نفسي على تلك الحياة بجميع منغصاتها ...
و في ذات صباح ، بعد خروج صخر لعمله شعرت برغبة في الخروج للتنزه في الحديقة
و هناك سمعت صوت دراجات و أطفال يلعبون ، فأسرعت الخطا لعلي أشاركهم اللعب !
لأني أحب الأطفال ، و أستمتع باللعب معهم ، إنهم أبناء صخر يلهون في ممرات الحديقة بدراجاتهم ،
و حينما اقتربت منهم محاولة ملاطفتهم هربوا مسرعين نحو منزلهم (الملحق ) ، و أوصدوا الباب بقوة ،
فأصبت بخيبة أمل جعلتني أعدل عن فكرة التنزه ، و أعود إلى بيتي ثم أشغل نفسي بالتنظيف
و الترتيب لعلي أخفف من وحشة وحدتي ...
وفي الظهيرة عاد صخر ، و تناول غداءه ، قبل ذهابه إلى الغرفة قال لي : استعدي للسفر
في هذا اليوم ، سوف أغفو قليلاً و في المساء موعد رحلتنا ...
رفعت الأطباق بينما شرد ذهني بأفكاره ، كم حلمت بالسفر و ركوب الطائرة و هاهو حلمي تحقق !
إلا أن حلمي كان أن أسافر برفقة أسرتي ، لا مع هذا الرجل الذي لا أطيق حتى محادثته
فكيف سأستمتع معه ؟!
و بينما كنت على هذا الحال أفاق صخر من غفوته ، فسألته : هل من الممكن اصطحاب أهلي
في هذه الرحلة ..؟!
رد بضحكة ساخرة ...! نعم سنصطحبهم و لكن ليس الآن لأنني أريد أن أستمتع بوقتي معكِ
دون مشاركة أحد ..!
إحباط شديد !!!
بالطبع لم أعرف كيف أرتب حقيبته ، فقام هو بذلك و لما انتهينا ، و هممنا بالخروج طلبت منه
أن أذهب إلى أهلي كي أودعهم ، و لم يمانع ، ذهبنا ولكن الوقت ضيق و موعد الرحلة قد أزف ؛
لذا لم أستطع الجلوس مع أهلي ، فودعتهم ثم خرجت و دموعي تنهمر كالمطر ،
و كأنما سأفارقهم للأبد...
كانت تلك أول مرة أمتطي فيها الطائرة ؛ لذا فقد سيطر الخوف علي ، إذ كيف سأكون بعد لحظات
معلقة بين السماء والأرض ؟!
أشار علي بالجلوس في المقعد بجانب النافذة لكي أستمتع بمنظر السحاب ، و لكن كيف لي
أن أستمتع و نبضات قلبي تكاد أن تتوقف من شدة الخوف !!
طُلِب منا ربط أحزمة الأمان ، و لم أكن أعرف شيئاعن ذلك ، فشرح لي صخر المراد ،
و قال لي : افعلي مثلما أفعل .
بحثت عن حزام مثل حزامه و لم أجد شيئا ، فأمرني بالوقوف حيث كنت أجلس فوق الحزام !!
أقلعت الطائرة .. تماسكت بخوف شديد ، و أغمضت عيني .... لحظات جداً عصيبة !!!
أخيرا ً شعرت بتحسن و ارتياح بعد أن استوت الطائرة في الجو ,,,,
أقبلت فتاة أنيقة اللباس ، يبدو من ملامحها أنها غير عربية ، و لكنها تتحدث العربية بطلاقة ،
عرفت فيما بعد أنها المضيفة ...
قدمت لنا بعض الشطائر و الشاي و كان صخر يغط في نوم عميق ,,,
أما أنا فلم يغمض لي جفن رغم طول الرحلة ، و لما عادت تلك المضيفة لأخذ الأطباق سألتني :
هل يوجد معك أحد من أسرتك غير والدك ؟
رفعت بصري نحوها ثم التفت يمنة و يسرة ، و لوهلة ظننت أن والدي معنا !!!
ثم نظرت إلى صخر و هو نائم ، فوعيت قصدها بوالدي !!
لم أجبها ، فقط رمقتها بنظرة حائرة !
و كأنما اكتفت ثم ذهبت ....
وصلنا إلى تلك الديار بعد رحلة طويلة شاقة ، أكاد أموت من التعب و النعاس ، و فور وصولنا
إلى جناحنا في الفندق ارتميت على السرير بملابسي ، و رحت في نوم عميق ، و لم أفق
إلا على صوت طرق الباب ، كان النادل يحضر الطعام ، فتح صخر الباب ، ثم دعاني لتناول
الطعام ، و بعد إصراره تناولت لقيمات تسد جوعي ، ثم عدت لأكمل نومي ، و كأنني لم أنم
منذ شهر .
في الصباح أفقت نشيطة فتحت النافذة كان الجو غاية في الجمال و منظر المدينة رائعا !! ..
خرجت من الغرفة إلى الصالة ، و لكني لم أجد صخرًا !!
كانت دقائق و إذا بالباب يفتح ، لقد كان بالخارج ، خرج للتسوق و عاد يحمل أكياسًا تحوي
حاجيات كثيرة ..
فتح الأكياس ، إنها تحوي ملابس ابتاعها لي !!
أخذتها فرحة بها و لكن عندما هممت بقياسها لاحظت قصرها وعريها !!
قلت في نفسي : لعله أحضرها لأرتديها في البيت ...!!
سألني : هل أعجبتك الثياب ؟
- نعم إنها جميلة .
- اختاري أحدها لكي ترتدينه الليلة فسنذهب إلى حفلة عمل و أريد أن تكوني
نجمة هذا الحفل !!
- ( باستغراب شديد ) ألبس هذه الثياب و أخرج ؟!
والدي لا يرضى بذلك !! بل أنا أيضـًا لا أقبل الخروج بهذا اللباس !!!
لم أجرؤ على ارتداء تلك الملابس أمام أهلي فكيف أخرج بها أمام الناس ؟!!
- ( بامتعاض ) و ما شأن والدك و أهلك في الموضوع ؟ أنت الآن زوجتي ، و لا شأن لأحد بك !!
أنا فقط من يجب أن تطيعيه ...!!
سوف يحضر الحفل شخصيات مهمة ، و بالطبع زوجاتهم سيكنَّ بكامل أناقتهن ، فكيف بالله عليك
تذهبين بلباسك هذا ؟
ما ذا سيقول الجميع عني ؟
بالطبع سوف أكون أضحوكة لهم !!
تحت إصراره لبست أقل الثياب عرياً !!!
لحظات ثم سمعنا صوت جرس الباب ، و إذا بها سيدة غريبة !!
- هذه ستتولى تزيينك لتكوني أكثر جمالاً .
استسلمت لها و لأصباغها التي لونت وجهي حتى كدت لا أعرف نفسي !!
- ( صوته ينادي ) : هيا لكيلا نتأخر عن موعد الحفلة فهؤلاء مواعيدهم دقيقة .
تناولت عباءتي و هممت بارتدائها لكنه نزعها بكل غضب و رمى بها وسط ذهولي من موقفه ..
,,,دمتم سالمين ,,,
--------------------
صفحات بأقلامهن عطشى فمن يرويها ..؟