بتـــــاريخ : 2/17/2009 9:18:28 AM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 653 0


    يوم الجمعة الأخير

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : ريشة قلم | المصدر : forum.wahati.com

    كلمات مفتاحية  :
    يوم الجمعة الأخير


    كعادته كل يوم جمعة حمل أولاده الخمسة وجرى بهم ليلحق الحافلة التي ستقلهم إليها ..إلى أمهم الراقدة في المشفى البعيد منذ أشهر طويلة ..
    كانت أعمارهم تتدرج من الثالثة الى العاشرة ..صغيرهم لم يعرف أمه ولم يلفظ النداء المحبب بعد ..وكبيرهم يفكر متى يعود من هذه المهمة ليلحق مباراة كرة القدم مع أصحابه في الحارة .
    يوم الجمعة عطلته الرسمية فهو موظف لايملك من الوقت إلا مايكفي ليعود مسرعا الى أطفاله ليطهو طعامهم ويشرف على تنظيف ابنته الكبرى للبيت ويساعدها في غسل ثيابهم ثم يشرف على واجباتهم المدرسية ..حتى ينتهي يوم مرهق آخر فيأوي الى سريره مهدود القوى منهك الفكر.
    وصل إلى الحديقة العامة وككل مرة وضع أطفاله على الكرسي الكبير وأوصاهم ألا يتحركوا وألا يفترقوا ..أجلس الصغير في حضن أخته وجرى مبتعداً ليلحق صلاة الجمعة في المسجد القريب.
    بعد الصلاة عاد بزاده المعهود أرغفة ساخنة وعلبة من اللحم المحفوظ وزجاجة ماء..صنع لأطفاله شطائر وأكل معهم..
    وبعد أن انتهت وليمة الجمعة أمسكهم وأيديهم تتشابك وجرى بهم عبر الشارع العريض الى الطرف الآخر هناك حيث يمتد في نهايته ذلك المشفى الذي قدر له أن يزوره أكثر ممايزور أصحابه حتى غدا بيته الثاني .
    عند بوابة المشفى الكبيرة أفلت الصغار من أيدي أبيهم وراحوا يتسابقون بقوة الى تلك السلالم الكبيرة الطويلة التي لاتنتهي غير عابئين بروائح الأدوية النفاذة ولابتلك الأقدام التي تزاحمهم في الصعود.. كانوا يعرفون الطريق إليها رغم هذا التيه البعيد في الممرات والمداخل فقد اعتادوها منذ زمن بعيد..
    كالعادة كانت تنتظرهم شاحبة في سريرها على شفتيها الجافتين خيال ابتسامة جهدت في رسمها ألقوا بأجسادهم الصغيرة على سريرها كل يريد لمس شئ منهاعانقتهم وروت لهم كيف أنها بالأمس بكت من شوقها إليهم ..سألتهم عن مدارسهم واطمأنت أنهم ما زالوا متفوقين فقد وعدتهم إذا استمروا هكذا بأنها ستعود اليهم.
    انتهت الزيارة كالعادة ..حمل الصغير بين ذراعيه وسألها عن حاجتهاوأوصى بها ممرضة القسم داسا في يدها بعض النقود وعاد بهم الى البيت.
    كانت تلك آخر جمعة في المعاناة وآخر صلاة جمعة في ذلك المسجد البعيد.. فبعد يومين فقط يوم رن جرس هاتف بغيض ينعق كالبوم يخبره أنها لم تعد هناك.. عندما سأله أطفاله يوم الجمعة التالية ألن نذهب الى الحديقة؟ سالت دمعة على خديه اختصرت سنوات طويلةمن الصبر والألم والعذاب.

    كلمات مفتاحية  :
    يوم الجمعة الأخير

    تعليقات الزوار ()