بتـــــاريخ : 5/13/2008 12:07:22 PM
الفــــــــئة
  • الحـــــــــــاسب
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 618 0

    موضوعات متعلقة


    المصدر المفتوح.. فرصة للمستضعفين تكنولوجيا

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : وليد الشوبكي | المصدر : www.islamonline.net

    كلمات مفتاحية  :

    تمنح حركة "المصدر المفتوح" التي صنعت زخمًا في مجال التكنولوجيا في السنوات الأربع الأخيرة، فرصة لمستضعفي الأرض -تكنولوجيًّا– لأن يشاركوا، ويتركوا قليلاً مقعد المشاهدة فأي فرد ملمّ بقواعد البرمجة يمكنه أن يغير ويبدل ويطور في أي برنامج يحصل عليه من برامج المصدر المفتوح، حتى يلائم البرنامج/ التطبيق الوظائف التي يبغي الشخص إنجازها.

    يُطلق على حركة المصدر المفتوح (open source) حركة؛ لأنها وإن كانت تمثل –في الأساس– نموذجًا لتطوير البرامج والتطبيقات الحاسوبية، فإنها في جوهرها اتجاه فكري يتعلق بتحرير الإبداع البشري، قدر الإمكان، من سطوة الشركات الكبرى.

    ويُقصد بالمصدر المفتوح أن تُتاح الشفرة (source code) المستخدمة لإنتاج أحد البرامج أو التطبيقات للجميع يغيرون ويطورون بها. وأهم إنجازات المصدر المفتوح نظام تشغيل "لينوكس" (Linux)، المنافس الأهم لنظام "ويندوز".

    ويختلف ذلك جذريًّا عن نموذج المصدر المغلق أو التجاري الذي تتبعه معظم الشركات وأهمها شركة مايكروسوفت. فبحصولك على نسخة من نظام تشغيل "ويندوز" مثلاً، ليس بإمكانك أن تغيّر في اللغة أو الشفرة التي صنع بها "ويندوز"؛ لأن ذلك –أولاً– أمر عصيّ نتيجة القيود والحماية التي وضعتها مايكروسوفت لتحول دون حدوث ذلك. وثانيًا لأنه سيعرضك للملاحقة القانونية من الشركة.

    وكانت ترجمة هذه السيطرة من مايكروسوفت أن أصبح نظام "ويندوز" يعمل على حوالي 94% من الحواسيب الشخصية حول العالم. ولم تفلح قضية منع الاحتكار (التي رفعتها الحكومة الأمريكية) أواخر التسعينيات الماضية أو مثيلتها الجارية الآن من قبل الاتحاد الأوربي في أن تزعزع من قبضة مايكروسوفت على الساحة التكنولوجية. ولكن أفلح في ذلك مبرمجو ومطورو حركة المصدر المفتوح ونظامهم "لينوكس".

    والدليل على ذلك أن "ستيف بولمر"، المدير التنفيذي لمايكروسوفت، وصف "لينوكس" في مؤتمر عقد عام 2001 باعتباره أخطر تهديد لمايكروسوفت. أضف إلى ذلك أن نظام "لينوكس" المجاني أصبح منافسًا قويًّا في سوق الحواسيب الخادمة للشركات؛ إذ يعمل على حوالي 23% من هذه الحواسيب عالميًّا (بعد نظام تشغيل مايكروسوفت الذي يحظى بنسبة 55%). كما أن نمو استخدام نظام "لينوكس" على الحواسيب الشخصية يتنامى بمعدل 25% سنويًّا كما أشارت شركة (IDC) لأبحاث تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وأكثر من ذلك، أن عددًا كبيرًا من الشركات الكبرى بدأ استخدام نظام "لينوكس" بصورة رئيسية في إدارة أعمالها مثل محرك البحث الهائل "جوجل" Google وشركة "أمازون" Amazon الضخمة.

    بزوغ لينوكس

    لا يُذكر "لينوكس" أو المصدر المفتوح إلا ويذكر شخصان: لينوس تورفالدزLinus Torvalds وريتشاد ستولمان، فإليهما يرجع الفضل في إطلاق شرارة ذلك النموذج الحر في تطوير التطبيقات التكنولوجية. ففي بدايات الثمانينيات الماضية كان الباحث ومطور البرامج ستولمان يعمل في مركز الأبحاث التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، وكان الرجل معتادًا أن يجد كل التطبيقات التي تأتي للمركز في صورة مصدر مفتوح، أي أن شفرته متاحة، ليطورها أو يحورها أو يبني عليها، وقد كانت تلك هي القاعدة.

    وحدث أن وصلت في تلك الأثناء إحدى النسخ المطورة من أحد نظم التشغيل (يونكس Unix غالبًا)، وكانت مغلقة المصدر، مما يفقد ستولمان ورفقاءه القدرة على التطوير والتبديل. فاعتبر أن ذلك "غير أخلاقي"، ورأى أن هذه بداية موجة من المنتجات التكنولوجية التجارية مغلقة المصدر. فاستقال عام 1984 من معهد ماساتشوستس. وأنشأ "مؤسسة التطبيقات الحاسوبية الحرة" (Free Software Foundation)، وكما تشير الترجمة العربية، فإن كلمة Free هنا تعني بالأساس "حرة"، وليس "مجانية"؛ لأن تطبيقات المصدر المفتوح ليست بالضرورة مجانية.

    وعكف ستولمان على تطوير نظام تشغيل ليطرحه مجانًا لغيره من المبرمجين، لكي يطوروه ويحوروه ويبنوا عليه بحرية مثلما كان الأمر دائمًا. ولكن نظام التشغيل الذي توصل إليه (واسمه GNU) كانت تنقصه بعض التطبيقات الرئيسة لاكتماله. وجاء عام 1991، وطرح شاب فنلندي عمره 19 عامًا، هو لينوس تورفالدز، نسخة بدائية من شفرة نظام تشغيل "لينوكس" على شبكة الإنترنت؛ ليحصل على آراء وتعليقات المبرمجين. وكانت النتيجة أن تبارى مئات المبرمجين المحترفين في تطوير ذلك النظام الوليد. وكان منهم ريتشارد ستولمان الذي وجد ضالته في "لينوكس" فضم إليه نظامه غير المكتمل (GNU) – يطلق البعض على لينوكس الحالي: GNU-لينوكس للإشارة لدور ستولمان.

    وهكذا بزغ المصدر المفتوح باعتباره نموذجًا يعتمد في تطويره للبرامج والتطبيقات على شبكة هائلة من المبرمجين الذين يتطوعون للبناء على –وتطوير- ما أنجزه الآخرون بصورة مستمرة، وبطريقة تطلق حرياتهم وإبداعهم في طرح منتجات مبتكرة. وسواء كانت تلك المنتجات تجارية أو مجانية، فالقاسم المشترك هو أن مصدرها (شفرتها) متاح، ويستطيع الشخص الذي يحصل عليها –شراء أو مجانًا– أن يواصل تطويرها وتحويرها لتناسب ما يريده منها بصورة شخصية.

    صراع الكبار يولد الفرص

    في أغسطس 2000، اجتمعت شركات HP وإنتل وIBM وNEC وغيرها لتمويل "معمل تطوير المصدر المفتوح" لتطوير التطبيقات التجارية والمكتبية لنظام "لينوكس". وذلك لسببين واضحين:

    أولاً: لأن تلك الشركات الكبرى وجدت في "لينوكس" فرصة لكسر احتكار مايكروسوفت.

    وثانيًا: أن نظام التشغيل ذلك، وإن كان متاحًا بصورة مجانية، يمكن أن تُجنى من ورائه عوائد كبيرة. إما عن طريق بيع المزيد من الحواسيب (الأرخص) من إنتاج تلك الشركات والتي تحمل ذلك النظام، أو بتطوير تطبيقات تجارية تعمل عليه. ثم أعلنت شركة IBM في ديسمبر 2000 أنها ستضخ استثمارات قدرها مليار دولار في تطوير "لينوكس"، ثم أعلنت في يناير 2003 أنها سترفع استثماراتها في "لينوكس" بمعدل 36% سنويًّا حتى عام 2006.

    شجعت هذه الاستثمارات الهائلة المبرمجين (في المؤسسات الممولة لتطوير "لينوكس") على تطوير حزم برامجية مجانية تفي بحاجات البلاد الفقيرة كبلادنا. فما حاجة حكوماتنا لأن تدفع 150 دولارًا في مقابل كل نسخة من نظام تشغيل "ويندوز"؟ فهناك "لينكس" مجاني. وهذا ما فعلته الصين والهند، بل فعلته حتى مدن غير فقيرة مثل مدينة ميونيخ الألمانية ومدينة باريس الفرنسية اللتين أعلنتا أنهما ستتحولان إلى "لينوكس". وما حاجتنا لنتجشم 350 دولارًا مقابل حزمة برامج "Office" المكتبية؟ فقد طوّر مبرمجو المصدر المفتوح حزمة تقوم بنفس الوظائف، يمكن تحميلها مجانًا من موقع OpenOffice.org، Office.com. وهناك متصفح الإنترنت المجاني من mozilla.org، أو Opera.com.

    وتمتد قائمة المصدر المفتوح لتشمل أي نوع من البرامج لأي فئة من الوظائف يمكن تخيلها تقريبًا. فموقع sourceforge.net الذي يعتبر ملتقى مطوري ومبرمجي المصدر المفتوح، يحوي حوالي 86 ألف برنامج مجاني، بعضها قيد التطوير المستمر. ربما يكون الكثير منها موجهًا للمتخصصين، ولكن بها مئات البرامج التي تمثل قيمة حقيقية للمستخدم العادي.

    وهنا يثور السؤال الكبير: إذا كان بالإمكان الحصول –مجانًا تقريبًا– على حزم برامجية متكاملة، بدءًا من نظام التشغيل وحتى البرامج المطلوبة لكافة الوظائف، فلماذا تصرّ بلادنا على شراء الحزم التجارية المكلفة وتنشرها في الوزارات والمؤسسات الحكومية والجامعات وغيرها، بتكلفة هائلة؟ هل موارد مدينة كالقاهرة أكبر من موارد مدينة ميونيخ أو باريس؟ ولماذا نصرّ على تدريب الأجيال الصاعدة على الحزم البرامجية التجارية –في المدارس الحكومية أو حتى المعاهد الخاصة– وكأنه لا بديل لها، فننتج أجيالاً لم تسمع بغير البرامج التجارية، ونفوت عليهم فرص المران والتعلم والتطوير والمشاركة من خلال نموذج المصدر المفتوح؟

    وبالطبع لا يمكن أن تكون الإجابة أن هذه الحزم شبه المجانية أقل كفاءة. فلو أن الأمر كذلك لما أقدمت على استخدام "لينوكس"، والبرامج المبنية عليه اثنان من أنجح الشركات في العالم: جوجل وأمازون.

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()