بتـــــاريخ : 5/13/2008 11:34:20 AM
الفــــــــئة
  • الحـــــــــــاسب
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 997 1

    موضوعات متعلقة


    الألعاب الحاسوبية.. ترفيه مفيد!

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : وليد الشوبكي | المصدر : www.islamonline.net

    كلمات مفتاحية  :

    تخطّّت الألعاب الحاسوبية* نطاق الترفيه الذي بدأت به إلى نطاقات جديدة لم يتصور مبتكرو الألعاب الأولى أن تقتحمها الآن، ومع تسارع الخطى لتسخير تقنيات الألعاب الحاسوبية في مجالات عدة كالتطبيقات التعليمية والطبية والعسكرية، فربما يكون من الإجحاف أن نستمر في اعتبار هذه التقنيات مجرد ألعاب.

    ربما يرى البعض -وخاصة الآباء- أن ثمة تناقضا في الربط بين الألعاب الحاسوبية وأي فائدة تعليمية. فالكثير من الآباء يعانون من تسمّر أبنائهم أمام شاشات الحواسيب "يلعبون" كرة القدم أو سباقات السيارات لساعات طويلة، لكن الأفكار الشائعة حول الألعاب الحاسوبية كثير منها غير دقيق، وربما غير صحيح إطلاقا.

    من هذه الأفكار أن الألعاب الحاسوبية تستهلك الوقت بغير فائدة، وتؤدي إلى السمنة وتعضد الانطواء الاجتماعي وتغرس السلوكيات العنيفة في نفوس اللاعبين. لكن دراسة أمريكية أجراها اتحاد التطبيقات الحاسوبية الترفيهية في سبتمبر 2004، ونشرت نتائجها في يناير 2005، تشير نتائجها إلى أن ممارسي الألعاب الحاسوبية (الأمريكيين) يخصصون ثلاثة أمثال الوقت المقضي في اللعب لأغراض التطوع الاجتماعي والتمرينات الرياضية والقراءة وغيرها من الأنشطة الدينية والثقافية.

     

    ومن ناحية أخرى استشهد كتاب "النمو على الطريقة الرقمية" ذائع الصيت، لمؤلفه دون تابسكوت، بالعديد من الدراسات التي تضعف الفكرة القائلة بأن الألعاب الحاسوبية العنيفة تؤدي حتما إلى ترسيخ سلوكيات عنيفة لدى لاعبيها.

    وخلص المؤلف إلى عدة نتائج هامة أولاها أن الألعاب الحاسوبية لا تخلق السلوكيات العنيفة وإنما –ربما– تضخمها، أما جذور السلوكيات العنيفة فعادة تأتي من العنف داخل أسرة الطفل. وثانيها أن تولد السلوكيات العنيفة لدى الأطفال إثر ممارسة الألعاب الحاسوبية (أو مشاهدة غيرها من وسائل الإعلام الترفيهي) ذات المحتوى العنيف هي حالات خاصة تعتمد على السياق الاجتماعي الذي يعيش فيه كل طفل على حدة، ولا يمكن تعميمها. وثالثها أنه إن كان ثمة أثر سلبي للألعاب الحاسوبية العنيفة على سلوكيات الأطفال فإن ذلك سيكون مرتبطا غالبا بالمرحلة العمرية، ومن ثم يكون الحل لتحاشي ما يمكن أن ينتج من مشكلات هو مراعاة المرحلة العمرية عند اختيار الألعاب، وليس رفضها بالكلية.

    تتويج على عرش الترفيه

    فكيف تكونت هذه القوالب السلبية عن الألعاب الحاسوبية؟ في دراسة منشورة، تقول الباحثة مَيا كونسالفو من جامعة أوهايو: ثمة خطاب سائد سلبي تردده وسائل الإعلام باستمرار كلما تعلق الأمر بالألعاب الحاسوبية. هذا الخطاب يركز على ترسيخ الربط بين الألعاب الحاسوبية والتفاهة وانعدام القيمة. وتعزو الباحثة ذلك إلى أن القائمين على وسائل الإعلام –أو أغلبهم على الأقل– يجهلون مستوى تطور أو اتجاهات صناعة الألعاب الحاسوبية، ويفتقدون تماما لأي احتكاك حقيقي بالألعاب نفسها.

    وثمة عنصر آخر لا يقل أهمية وهو أن النجاح والانتشار الفائقين للألعاب الحاسوبية قد دفعا بها لمركز الصدارة من بين وسائط الترفيه، متخطية بذلك وسائل الإعلام الترفيهية التقليدية الأخرى كالسينما والموسيقى والبث التلفزيوني والإذاعي، ومن ثم فإن التقليل من شأن الألعاب الحاسوبية ووصمها بالتفاهة وانعدام القيمة يصب في صالح وسائل الإعلام التي تكرر هذه الانتقادات.

    مقدمة لعبة فائق الشحنة

    بيد أن هذه الانتقادات لا تلفت الكثير من الانتباه فيما يبدو، فقد أصابت الألعاب الحاسوبية نجاحا هائلا خلال العقد الأخير مما جعل مبيعات الألعاب الحاسوبية تصل إلى 10 مليارات دولار في الولايات المتحدة فحسب عام 2003، متفوقة بذلك على العوائد السنوية لكل من الإنتاج السينمائي والموسيقي، كما بلغ حجم سوق الألعاب الحاسوبية عالميا في نفس العام ما يزيد على 30 مليار دولار سنويا حسب مجلة فورتشن الأمريكية.

    وقد أثار هذا النجاح الشركات الكبرى، التي لم توجه نظرها في السابق للألعاب الحاسوبية، إلى دخول هذا المضمار، مثل شركة مايكروسوفت العملاقة التي طرحت عام 2002 جهاز الألعاب "إكس بوكس" لمنافسة جهاز "بلاي إستيشن" الذي تنتجه شركة "سوني"، وقد حققت لعبة "هالو 2" التي طرحتها مايكروسوفت في نوفمبر 2003 حوالي 100 مليون دولار في أول أيام إصدارها مما جعل بيل جيتس الشريك المؤسس لمايكروسوفت، يتفاخر في تصريح لمجلة ذي إيكونوميست قائلا: "هذا الافتتاح أنجح من أنجح افتتاح لفيلم في التاريخ".

    اللعب بجدية!

    لفت ذلك النجاح الهائل للألعاب الحاسوبية أنظار الأكاديميين المتخصصين في التعليم إلى منحى تعليمي جديد، وهو استخدام هذه الألعاب كوسيط تعليمي. وكانت الفكرة الرئيسة لهذا التوجه هي: ماذا لو استطعنا أن نمنح المقررات الدراسية القدرة على استغراق الدارسين والتفاعل معهم شأن الألعاب الحاسوبية مع اللاعبين؟

    فكان من المبادرات الأولى في هذا المجال مشروع "ألعاب للتعليم" (Games-to-Teach) الذي دُشن عام 2001، وتم تمويله بالمشاركة بين معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) وشركة مايكروسوفت بـ25 مليون دولار أمريكي، ثم مبادرة (Education Arcade) التي بزغت منه بالتعاون مع جامعة ويسكونسن الأمريكية. وكان هدف المشروع هو تطوير ألعاب حاسوبية تعليمية بمستوى يقارن بالألعاب الحاسوبية التجارية الرائجة.

    هذه الألعاب تهدف لتحفيز الطلاب في المرحلة الثانوية، أو السنة الأولى من المرحلة الجامعية ومساعدتهم على إدراك المفاهيم الصعبة أو المعقدة. وكذلك إفادة المدرسين بإطلاعهم على المقاربات المختلفة لشرح وتبسيط المفاهيم المختلفة من خلال موقع المشروع على شبكة الإنترنت، ومن خلال تواصل المدرسين مع بعضهم البعض للوقوف على أفضل الممارسات التدريسية.

    وكان من نتاج هذا المشروع أن وضع باحثوه الخطوط العريضة لتصميمات 15 لعبة تعليمية، موجهة للمفاهيم الدراسية المختلفة، خلال عامين فحسب من بدء المشروع. ثم انتهى الباحثون إلى التطوير الكامل للعبتين واختبارهما في إحدى المدارس الثانوية في ولاية بوسطن الأمريكية.

    لعبة المخبر البيئي

     اللعبتان هما: "فائق الشحنة" (Supercharged!) و"المخبر البيئي" (Environmental Detective). تهدف اللعبة الأولى "فائق الشحنة" إلى تبسيط مبادئ الكهرومغناطيسية بأن يتخذ الطالب دور قائد لمركبة فضائية تتصرف كأنها ذرة مشحونة تتحرك عبر مجالات كهربية ومغناطيسية. وحسب مجلة تكنولوجي ريفيو الصادرة عن معهد (MIT) تبيّن أن الطلبة الذين يدرسون الفيزياء بالمعهد ممن تدربوا على هذه اللعبة كان أداؤهم في الاختبارات أفضل من أقرانهم الذين لم يتمرسوا على "اللعبة".

    أما اللعبة الثانية "المخبر البيئي" فتُمارَس على حواسيب الجيب (Pocket PCs) وتُستخدم فيها أنظمة تحديد الأماكن عبر الأقمار الاصطناعية (GPS) بهدف جمع المعلومات لحل إحدى المسائل أو المشكلات العلمية. وقد استخدم طلبة معهد (MIT) هذه اللعبة لحل مشكلة تخيلية عن تساقط مادة كيميائية خطرة على الحرم الجامعي، وساعدت هذه اللعبة الطلبة في التدريب على استخدام المنهج العلمي، وعلى العمل كفريق، للوصول إلى تفسير للمشكلة.

    بناء حضارة.. بالألعاب

    ولا تقتصر الفائدة التعليمية على الألعاب المصممة خصيصا لهذا الغرض، فواحدة من أكثر الألعاب التجارية رواجا: لعبة "حضارة" (Civilization)، لها منحى تعليمي لا يُخطأ. تتبع لعبة "حضارة" 6 آلاف عام من تاريخ العالم، وتتيح للاعبيها أن يتابعوا السيناريوهات التاريخية التي كان يمكن أن تحدث، وذلك باستخدام اللعبة لأسلوب "ماذا لو؟". فمثلا تتيح اللعبة أن يقوم اللاعب بدور واحد من السكان الهنود الأصليين لأمريكا، وماذا كان يمكن أن يحدث لو قام الهنود باستعمار أوربا (وليس العكس كما حدث)، وكيف كان ذلك سيؤثر على شكل كل من أوربا وأمريكا – سياسيا وثقافيا – اليوم.

     

    جذب هذا التوجه التعليمي للعبة "حضارة" الباحث الرئيس في مشروع "ألعاب للتعليم": كيرت سكواير، لكي يدمجها في مقرر دراسة التاريخ بإحدى المدارس الثانوية بولاية بوسطن. ووجد سكواير أن الطلبة الذين لم تكن تجذبهم دراسة مادة التاريخ أقبلوا بشدة على ممارسة اللعبة بسيناريوهاتها المختلفة، كما تمكن هؤلاء الطلبة من تحقيق فهم عام جيد لأثر العوامل الجغرافية والتقنية (ذات العلاقة بتصنيع الأدوات) على تطور الحضارات.

     وثمة ألعاب أخرى تأخذ المنحى نفسه وتفتح للاعبين آفاقا جديدة تماما لرؤية ودراسة التاريخ، مثل لعبتي "عصر الأساطير"، و"صعود الأمم" اللتين طورتهما شركة مايكروسوفت.

     بل الأكثر من ذلك، يرى بعض المتخصصين في التعليم، مثل الدكتور جيمس بول جي أستاذ المناهج في جامعة ويسكونسن، أن الألعاب الحاسوبية بشتى أنواعها، بما فيها تلك التي قد تستحث سلوكيات عنيفة أو غير أخلاقية، لها فائدة تعليمية كبيرة. ففي كتابه "ما يجب أن نتعلمه من الألعاب الحاسوبية عن التعلم والمعرفة" يتعمق "جي" في دراسة الكيفية التي تؤدي بها الألعاب الحاسوبية الحديثة إلى حث اللاعبين على التفكير والتعامل مع عوالم أو أجواء شديدة التعقيد والتداخل، حيث كل شيء يتفاعل مع كل شيء.

    والقدرة على التعامل مع هذا المستوى من التشابك والتعقيد، كما يرى جي، سيكون لها حتما آثارها الإيجابية الملموسة في السياقات الاجتماعية، كأجواء العمل مثلا. أما الفائدة التعليمية في الألعاب التي يسلك بطلها – ويقوم بدوره اللاعب – سلوكيات عنيفة أو غير أخلاقية (مثل لعبة Grand Theft Auto-GTA) فهي أن هذه الألعاب تساعد اللاعبين على استكشاف القيم والأيديولوجيات، ومن ثمّ فهي تساعد اللاعب على الوعي بقيمة الاختيار، اختيار أي شخصية يبغي أن يكونها عندما يتوجب عليه الاختيار على أرض الحقيقة، وليس على شاشة الحاسوب. فهذه الألعاب تستحث لاعبيها على التفكير لإيجاد طرق ابتكارية وخلاقة للحصول على النقاط، بعض هذه الطرق مقبول اجتماعيا وبعضها غير مقبول، واللاعب هو الذي يقوم –واعيا– بالاختيار.

    بالطبع، سيظل دائماً ثمة متشككون في الجدوى التعليمية للألعاب الحاسوبية، وهم على حق؛ لأن المحك الأساس لاختبار جدوى أي وسيلة تعليمية جديدة هو اختبار المعرفة التي يجنيها الطلبة باستخدام هذه الوسيلة، وهو أمر يكاد يكون غير قابل للتحقق في حالة الألعاب الحاسوبية. ومرجع ذلك في رأي هنري جنكنز، رئيس برنامج الدراسات الإعلامية المقارنة بمعهد MIT، أن تميّز الألعاب الحاسوبية كوسيلة تعليمية يعود لقدرتها على تبسيط وتوضيح المنظور العام أو الصورة الكلية (في التاريخ أو الفيزياء أو ما سواهما) ولكنها ليست بالكفاءة ذاتها في ترسيخ التفاصيل الصغيرة –كالأرقام أو التواريخ–  في عقول الطلبة.

    في الترفيه، حققت الألعاب الحاسوبية نجاحا هائلا. والآن، أمام اختبار التعليم، هل ستحقق الألعاب الحاسوبية نجاحا مماثلاً؟ ربما نعم؛ لأنه ليس ضروريًّا أن يكون التعليم عملية جهمة أو مضجرة تخلو من التشويق والترفيه!

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()