بدأ علماء فيزياء دوليون في مجمع "سيرن" البالغ الاتساع والذي يقع تحت الارض بالقرب من مدينة جنيف السويسرية في اطلاق مشروع علمي استغرق حتى الآن قرابة عشرين عاما في محاولة لمحاكاة نظرية "الانفجار العظيم" للوقوف على الكيفية التي تشكل وابتدأ بها الكون، وكيف تكونت الحياة في هذا الكون، بناء على النظرية التي يعتقد معظم علماء الفيزياء في العالم انها الاقرب، افتراضيا، الى ما حدث بالفعل.
الآلة الضخمة التي ستجرى التجربة فيها تعرف باسم "صادم الهدرون الكبير" او "Large Hadron Collider" او (LHC) اختصارا، وهي موجودة في مركز ابحاث سيرن القريب من الحدود الفرنسية السويسرية، حيث يعتزم العلماء تحقيق اصطدام بين جزيئات لمحاكاة ما عرف بعد ذلك ببداية الكون، في حال حققت التجربة النجاح المطلوب منها.
وتستخدم آلة LHC مغناطيسات عملاقة موجودة في ناقلات بحجم كاتدرائية لاطلاق اشعاعات من جزيئات الطاقة في نفق تحت الارض طولة 27 كم، حيث ستصطدم هذه الجزيئات ببعضها بسرعة الضوء.
وستسجل اجهزة الكومبيوتر تفاصيل التجربة بالتفصيل، وسيقوم نحو عشرة آلاف عالم فيزياء في انحاء العالم بتحليل كافة تلك المعطيات والمعلومات للوقوف على سر تكون الكون وبداية الخلق.
"الانفجار الكبير"
ويسعى العلماء في مركز سيرن، المشروع الاوروبي لبحوث الذرة البالغ من العمر 54 عاما، الى الوقوف على اسرار "المادة السوداء" و "الطاقة السوداء"، والابعاد الاخرى، وغيرها من الامور ذات الاهمية الاساسية في معرفة كيفية بدء الكون وتشكله الى ما هو عليه الآن.
ويقول روبرت ايمار المدير الفرنسي لمركز سيرن ان "LHC سيغير نظرتنا الى العالم، ومهما كانت الاكتشافات التي سنخرج بها فالخلاصة ان ذلك سيزيد ادراك البشرية بشكل كبير من فهمنا لاصول الكون ونشأته".
ورفض العلماء في هذا المشروع الفريد من نوعه في العالم تحذيرات بعض المنتقدين من ان التجربة قد تخلق ثقوبا سوداء صغيرة ذات جاذبية عالية التركيز قد تمتص بقوتها الكرة الارضية برمتها.
يقول العلماء ان الانفجار الكبير وقع، في رأيهم نظريا، قبل نحو 15 مليار سنة، عندما انفجر جسم بحجم قطعة النقد المعدنية لها من الكثافة والحرارة ما لا يمكن وصفه او تخيله، وفي وسط من فراغ المادة، حيث بدأ بسرعة في التمدد والتوسع لتتكون النجوم وتظهر الكواكب، وبالتالي تنشأ الحياة، كما نعرفها، على الارض.
تنافس
من جانب آخر يقول علماء بريطانيون يعملون في اعمق منجم في بريطانيا انهم ربما تمكنوا من تحقيق تجربة اصغر من تجربة مركز سيرن، التي كلفت قرابة مليارات الدولارات.
ويقول العلماء البريطانيون انهم ربما سبقوا زملاءهم في المركز السويسري وبكلفة اقل بكثير من كلفة سيرن، وبنفق لا يزيد طوله على نصف كيلومتر، ولن يستغرق منهم اكثر من نصف الوقت الذي قد تستغرقه تجربة سيرن.