ما رأيك بالزواج من أجنبية؟
بقلم: د. جاسم المطوع
(أم لم تشاهد ابنها عشرين عاماً ، لأنه تزوّج من امرأة أجنبية (كندية)، ورفضت الزوجة أن تسافر مع زوجها إلى بلده، فأُجبر على المكوث معها من أجل أبنائه).
وقصة أخرى يرويها أحد الآباء عندما رأى ابنتـــه تدخــل عشيقها إلى المنـــزل، فوقــف والدها أمامها، فقالت له: إنــي استــأذنت أمي (ووالدتها أجنبية) فسمحت لي بذلك، لأنها عندما كانت بعمري فعلت الشيء نفسه.
أنا لست ضد (الـــزواج من أجنبية) على إطلاقـــه، ولا يحق لي أن أحرّمه على الرغم من السلبيات الكثيرة التي رأيتها ومازلت أراها، لأن النبي - [ - تــــزوج من مارية القبطية، وبعض الصحابة تزوجـــوا من أجنبيات إن صح التعبير، ومنهم عثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقــاص، وحذيفـــة بن اليمان - رضــي اللـــه عنهم أجمعين ، كما أجاز الشرع أن يتزوج المسلـــم من كتابية على أن تكــــون مُحْصَنَـــةً، ولكن من يرى الآثــــار السلبية في زماننا من هذا الزواج لَيَعجب، وأستطـــيع أن أذكر بعض هذه السلبيات على سبيــــل الاختصار، ومنها ما يقـــع علـــى المرأة من استخدامها أحياناً كوسيلة اقتصادية، وكـــذلك معاناتها مع المجتمع الجديد الــــذي تنتقــــل إليه وأنهـــا تفقـــد حمايــــة أهلها، وتفقـــد أبناءها أحياناً إذا حصل الطلاق، وقد تؤدي بعض الحالات إلى خطـــف الأبنـــاء، وأحياناً تُحرم من الميــراث إذا كان أهـــل الـــزوج رافضـــين لهـــذا الـــزواج.
وأما السلبيات التي تقع علــــى الرجل فمنهـــا تناقض الثقافتــــين وفقدان تربيـــة الأبـــناء وخسارة نصف مالـــه إذا طلـــق بموجـــب نص بعض القوانين الأجنبيــــة، كما وأنـــه قد مر عليَّ حالـــة مــــن حالات خيانـــة الزوجــة لزوجهــا، وعند الحديث معها تبين أنها ترى أن من حقها معاشرة رجل آخر غير زوجها إذا لم تكن مستقـــرة مع زوجها جنسياً، وأما السلبيات على الأطفال ، فمنها ضياع الهوية وأحياناً ضـــياع اللغـــة، وضعـــف الالتزام الديني، وقد يحرم الطفل أحـــــد والديه عند الانفصال ، وأما أكبـــر أثـــر علــى المجتمع فبقــاء بنـــات المسلمـــين من غيـــر زواج ، ولهــــذا وقف عمر بن الخطاب - ] - موقفاً حازماً من تصرف حذيفــــة بن اليمان - ] - عندما تزوّج من أجنبية وطلــــب منه الانفصال ، وحتى نكون منصفين لابد أن نقول إن لهذا الزواج إيجابيات كذلك، ومنها الانفتاح على المجتمعات، ولو وقــــع شاب في حــــب فتاة فيكــــون الــــزواج هــــو الحل حتى لا يرتكب المحرم ، وكذلك اكتساب الأطفال للغات الأخــــرى فيما لو أحــــسن الوالدان تربيتهمــا، ودخول أحــــد الزوجين في الإســـلام، وإظهار محاسن الإسلام بالتعامل مع الآخر وحصول التأمين الصحـــي والتعليمـــــي للأبناء، والحصول على الجنسيـــة أو الإقامــة في الدولة الأجنبية، ولا ننســــى أن محمداً الفاتـــح كانت والدتـــه أجنبيـــة (مسيحيــــة)، فيكون الزواج ناجحاً فيما لــــو اتفــــق الزوجــــان من البداية على مسيرتهمـــا في الحيـــاة .
وأقول فـــي الختام إنـــه لكى ينجــح الـــزواج من أجنبية، لابـــد من مراعـــاة تلك السلبيات ودراستها والحـــرص على تفاديها والاستفادة مـــن الإيجابيات التــي ذكـــرت، ولكننــي أرى الأولويـــة لبنـــات المسلمـــين فهـــنّ أحـــق مـــن تلك الأجنبيـــة، وإن كان البعــض يحتـــج بالمـــثل القائل «لقمـــة الغريب أحلـــى»، فأقول إن الــــزواج وجبــــة، بــل نظـــام غذائـــي وليس «لقمــــة».