بتـــــاريخ : 11/20/2008 9:25:49 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 991 0


    زمـن القــصص القصـيرة

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : مســعود بوبو | المصدر : www.awu-dam.org

    كلمات مفتاحية  :

    في زمن القصص القصيرة يحكى أن امرأة كانت تجري حافية القدمين على شاطئ رملي... خطوة في الماء وخطوة في الرمل البليل فاستوقفها صياد سمك مسنّ، وانتزع منها قصتها المجروحة التي ختمتها قائلة: وهكذا تضيق بالناس المدن فتلفظهم في شاطئ البحر، كما يضيق بهم البحر إذ يغرقون فيلفظهم أيضاً.. أو يأكلهم سمك القرش. وثمة سمك قرش في كل مكان... لن أرجع إلى المدينة ولن أنتحر... ولن أذهب معك.... سأظل أجري حتى أموت مستمتعة بهذا الرمل الدمث، والمياه المالحة... ثم غابت في كحل المساء.. وردد الرجل المسن: قالت: ثمة سمك في كل مكان، أين؟‏

    في زمن القص القصيرة دعا واحد من علية القوم نفراً من أصحابه وأُسَرهم ليسمعوا عنده آخر أغنية على أسطوانة وصلته حديثاً... ووعدهم بكأس نفيس وعشاء خفيف، وبين الأسطوانة والزجاجة جرى حديث خافت... وعند بدء الحفل المتواضع الحميم مد صاحب الدعوة يده إلى الأسطوانة فاستحالت صمغاً دبقاً والتصقت بيده وسترته، ثم "طقت" الزجاجة وسال دمها حزيناً تحت أقدام الحاضرين؟‏

    في زمن القصص القصيرة يحكى أن جندياً ظل يحرس ما كلف بحراسته أكثر من سنتين ويده على الزناد.... وكان مدمناً على تذكر الماضي في عملية ترجيع لا تنتهي.. وذات مساء ضغط على الزناد بشدة فقتل ثلاث من الأعداء: الصمت والجبل والزمن الذي لم يكن قد مات تماماً. وأبقى في بيت النار رصاصة الرحمة.‏

    في زمن القصص القصيرة أصابت رصاصة جندي إسرائيلي صدرَ صبي فلسطيني يرتدي ثياباً بيضاً... احتضنت الأرض الصبي وأنبتت على قميصه وردة حمراء... وانحنت مئذنة من علوها، ورفعت الصبي فوق رأسها وشمخت عالياً، وفي ليل فلسطيني صارت الوردة الحمراء نجمة.. تكامل السواد والبياض والحمرة.. وصار الصبي علماً شبيهاً بكثير من الأعلام العربية... وحملت الريح الفلسطينية صوت المؤذن من بيت إلى بيت: الصلاة خير من النوم... فصلى الناس جماعة في ظل العلم..‏

    في زمن القصص القصيرة دعا صاحب مزرعة كلبه وأوصاه ألا يغفل عن الحراسة وترقُّبِ اللصوص، وهدده إن غفل بحرمانه من الطعام والاقتراب من المزرعة ورميه رمي الكلاب.. فنظر الكلب ملياً إليه.. وأخذ نفساً عميقاً.. ثم مضى ولم يعد.‏

    في زمن القصص القصيرة نصب موظف كبير في عطلة يوم الجمعة شباكاً طويلة في مزرعته لصيد نوع من الطيور المهاجرة في هذا الوقت من السنة، وكان يحلم نَهِماً طوال الليل بشبعة من لحم الطيور. وبكر إلى الشباك في صباح يوم السبت فوجد نباتاته كلها مقتلعة. وشباكه ممزقة.. وعلى الأرض كان ريش كثير، ومئات المناقير المكسرة.. فتأخر عن الدوام على الوظيفة.‏

    في زمن القصص القصيرة جمع الحب بين قلبين لشاب أخرس وفتاة خرساء، وليل العرس لم يجدا أحداً يحتفل بهما أو يكون شاهد زواج... وبصمت تفاهمت عيونهما وسحبا من قلبيهما بوادر هزيمة، ثم جمعا نفسيهما وأولادهما الأسوياء المقبلين... ومضوا بعزم للقيام بهذا الواجب الاجتماعي النبيل... فاكتمل النصاب... وكان العرس قانونياً، ورسمياً حسب الأصول المرعية....‏

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()