بتـــــاريخ : 11/20/2008 9:21:42 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 916 0


    تـــفكــير مركـــب

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : مســعود بوبو | المصدر : www.awu-dam.org

    كلمات مفتاحية  :

    صباح الخير... أنا "زاوية" شبه ميتة، منسية ومرمية في راح الصحف.. وبي نزوع كالمودة إلى الحديث، لكن أشعر بشيء من الحيرة والحرج، إذ من الصعب، أو ليس من اللباقة أن يتحدث المرء عن نفسه.. ومع ذلك فلأتجرأ وأحاول، ولو على سبيل التفريغ النفسي، تفادياً لاستخدام كلمات مثل الشكوى أو المصالحة أو القلق، وقلقي في حقيقة الأمر يوشك أن يصير عقدة!. وقد لا تعلمون أن "الزوايا" يمكن أن تقلق وتتعقد!!. ولم لا؟ ألست مراحاً لمجموعة من الأفكار وما ينشب بينها ويتشبث بها من الانفعالات المكبوتة المتداخلة في مركب كلي؟! ألست نمطاً يتصف بقدر واضح من الجمود وفقر القابلية للتعديل وفق المتغيرات؟! دعكم من المظهر، فالمظاهر خادعة، وإلا كانت ابتسامة أي مسؤول مقياساً للتفاؤل بخلو مؤسسته من المشكلات والإشكاليات.. وليس من التغيير أن تتعدد أسمائي، وأن تجدوا مكاني مرة على يمين الصفحة، ومرة على يسارها، أو في وسطها... وليس من التغيير أن أخرج للناس مرة حواراً، ومرة نثراً شعرياً، أو خواطر، أو مدحاً إنشائياً.. فكل ذلك مبني على المراعاة.. كالفتاة التي يرق صوتها، وتصغر لقمتها، ويسرح شعرها.. خارج البيت، وداخل البيت العجب!! أفيذكِّر هذا بالشكل والمضمون؟... أنا -كزاوية- أجد جوهر مضموني يختنق أحياناً بالرمز، ويثقلني الرمز لأنني لا أحب المواربة والمراوغة. ولكنه في الوقت نفسه يوزعني ويبعثرني، ومرد ذلك إلى أنني أحب هؤلاء الناس الأصفياء الذين غالباً من أتوجه إليهم باهتمامي، إذ ما حاجة أولئك البعداء إلي؟ الموقع وحده أحياناً دليل لا يدحض على استغنائهم عن فكرة القراءة التي صارت من تخصصات الفقراء.. وصارت النباهة اليوم استقراء الحال، لا قراءة المكتوب.. ولكن، هؤلاء الناس الذين يلقبون (بالبسطاء) أدمنوا السهل والتلقي والمسارعة إلى أخذ الأشياء مأخذاً مباشراً. والرمز أبعد من ذلك وأشق.. وهكذا، وبحزن تمتد بيننا مسافة تؤجل التواصل... ومن جهة أخرى أنا زاوية أحب الرمز وأهله، ففي الرمز حرارة، ومطاردة، وغوص، وشطرنج، وفيه شاعرية عالية، وأحياناً كآبة، وثمة من قال: الكآبة أكثر النبرات الشعرية شرعية على الإطلاق.. بالرمز لا يقول القائل ما يعتمل في نفسه كمزراب يتدفق بالماء، ولا يقيم عجزه وعثرته بمتكآت لفظية جاهزة، بل ينسج ذلك نسجاً كسيدة لا تقدر على شراء "كنزات" جاهزة لأودلاها، ولا تريد، فتلجأ إلى نسجها بيدها، أو بدموعها، وعلى المتأمل تلك "الكنزات" عندما تلبس ألا يتحدث عن الشكل العام، أو اللون، أو الزي مغفلاً دقائق المضمون وما وراء كل لفة خيط من تأن وتفنن.. وأنا لا يمكن أن أكون نفسي مكتوبة بالحبر وبالدّم. ثمّة فرقٌ بين من يُريق هذا وذاك... ربّما من هنا أبدو أحياناً زاويةً موغلة في الذاتيّة، ميّالة إلى المبالغات تحاشياً للخوض في القضايا الكبرى التي قد تجعلني سريعة العطب، وتجنّباً للحديث عن هموم الآخرين وأسرارهم لأسباب تعرفونها.. وهكذا يبدو على حديثي طابع الهجس، وربّما التجنّي، أو توجيه الملامة إلى جهة ما عندما يعروني التألّم، اقتناعاً بأن المرء لا يمكن أن يسبّب لنفسه -بإرداته- كلّ ذلك الأسى العصري.. ثمّ أقول بمصالحة وتعقّل: إنّ العالم لا معنى له بغير معاناة، ولا وجود أصلاً لمثل هذا العالم إلاّ في الحلم... أحياناً يجيء في بالي أنّ أُجانب طريق الرمز والدخول في وعورة قول الحقّ، فأفيء إلى ظلّي الداخليّ، وأهمّ بالحديث عن حبّي، وأسوّغ لنفسي مثل هذه النزعة انطلاقاً من كون الحبّ قضيّة إنسانيّة، ولا بدّ أن تلقى في نفوسكم القبول، فرياحها مرّت، أو ستمرّ على قلوب الجميع... وهي -بعد- قضيّة يمكن أن تكون فرديّةً وعامّة، وبالتالي يكون الحديث فيها شبه مأمونٍ ومُطَمئن... وفجأةً يُصفِّر في داخلي شرطيّ الأخلاق التقليدية رافعاً هراوة العيب، فأخجل وأنكمش داخل قشرتي كسلحفاةٍ فَزِعة، في حين يزحمني مهرجانٌ من الأصوات ينهمر عليّ بالتوبيخ والتقريع: زاويةٌ رصينة مقدّرةٌ لها مكانتها في صفحةٍ تتحدّث عن حبّها كالـ.. زاوية مثلك يجدر بها أن ترتفع عن الخوض في مياه الخصوصيّات المقدّسة.. حسناً، قد يكون المطلوب أن أطلّ عليكم بحديثٍ مسلٍّ ضاحك ولكنّ الضحك ظاهرةٌ سطحيّةٌ، والإغراق فيها ضربٌ من التهريج... ثمّ إنّ اللّه لا يحبّ الفرحين.. أجل قد يكون لبعض الناس ضحكهم الخاص، لكن بالتأكيد لكثيرٍ منهم همومهم العامّة، التي لا يناسبها حتى الابتسام فقد يُفسّر بالإشفاق. قد تقولون: لم يبقَ إلاّ الحديث عن وصف الربيع، وتسكاب المطر، وبراءة الطفولة... فأقول: وليس في ذلك ما يضير. فثمّة معانٍ تجريديّة لا يمتلكها أحدٌ تحديداً... وإن كانت أحياناً موضع مساءلة بصفتها قد تصلح رموزاً لأغراض تخرج عن إطار الشعر الحديث...

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()