سلام الباري عليكم جميعا
أطرح بين يديكم هذه القصة بكل أحداثها الغريبة..
مع العلم أنني حاولت معالجتها "دراميا".. وحاولت الاختصار قدر الإمكان..
" القصة منقولة " للأمانة ..
الفصل الأول: من أجل الدعوة.. فقط !!
كانت "أمل" تعيش عيشة هنيئة مع زوجها خالد الذي من الله عليه بالاستقامة والهدى ، تحبه ويحبها ، ويشارك كل منهما الآخر.. فيتحمل أعباء الحياة ومشاقها ، امتن الله عليهما بثلاثة من الأبناء.. تشرق بهم الدنيا.. فيبعثون في أركان المنزل.. كل أنواع الحياة ، أسرة سعيدة.. امتن الله عليها بالهداية والعافية والستر ورزق واسع ، لم تكن تلك فقط منن الله على "أمل".. فقد امتن الله عليها بما يتمناه الكثيرون غيرها ، فهي معلمة.. وأي معلمة !! إنها تعلم القرآن الكريم.. في إحدى مدارس التحفيظ ، زوجها المستقيم يعمل أيضاً ما أمكنه في الدعوة إلى الله ، يا الله.. كم هي حياة هانئة جميلة ، باعثة على الراحة والطمأنينة ، كان زورق هذه الأسرة السعيدة.. يبحر بهدوء في خضم بحر الحياة الهائج.. الذي يتلاطم موجه يمنةً ويسرة..
في يوم من الأيام طلبت "أمل" من زوجها أن يحضر لها حاسوباً منزلياً.. لكي تستعين به على أمور عملها كمعلمة ولكي تستثمر وقت فراغها بما يفيد ، وافق الزوج وأحضر حاسوباً للمنزل.. وبدأت "أمل" في استخدامه ،ويوما بعد يوم أصبحت "أمل" متمرسة في استخدام الحاسوب ، وبدأت تفكر في استخدام الحاسوب لأغراض الدعوة إلى الله عن طريق الإنترنت ، كيف لا وقد أصبحت الإنترنت اليوم منبراً إعلامياً يصل إلى مشارق الأرض ومغاربها ، استشارت زوجها في الأمر.. فكر الزوج في ذلك.. كانت الثقة بين الزوجين كبيرة بطبيعة الحال.. ولامانع من استخدام نعمة التقنية بما يفيد.. وهو نوع من شكر الله عليها.. فكيف باستخدامها في الدعوة !! ، وافق الزوج على فكرة "أمل".. فهو أيضاً يقضي وقتاً كبيراً خارج المنزل.. وكثيراً ما يشارك في أنشطة دعوية ، وهو يدرك أهمية الدعوة.. وضرورة إشغال وقت فراغ زوجته بما ينفعها.
بدأت أمل بالمشاركة في المنتديات الإسلامية ،غير أنها لاحظت أنها بيئة تكاد تكون مغلقة على من امتن الله عليهم بالاستقامة ،ولايزيد الأمر فيها عن التناصح والتواصي ، لكنها تريد ماهو أكبر من ذلك.. تريد دعوة أولئك التائهين والتائهات.. الضالين عن طريق الحق ، تحترق من داخلها حين ترى فتيات المسلمين وهن يتسكعن في الأسواق.. ويفقدن أجمل ما عندهن.. "الحياء".. ويسلبن أعز مالديهن.. "الشرف" !! ، تريد الحوار مع أولئك الشباب الذين فقدوا المروءة والحياء ،تريد اقتلاع جذور دعاة الفساد وكشف دعواهم الباطلة ، تريد محاورتهم ومناظرتهم والردعليهم.. تريد جهاداً يكتب في موازين أعمالها ، لم تجد في المنتديات الإسلامية المقننة غير إخوة وأخوات.. لم تشعر بحاجتهم إليها !! فقررت أن تقتحم المنتديات الحوارية المفتوحة.. التي يتواجه فيها أصحاب الأفكار المختلفة.. كل يدلي بدلوه.. ويلتزم فيها المشرفون الحياد.. وكانت البداية..
الفصل الثاني: من أجل الحقيقة.. فقط !!
كان "حمد" شاباً مختلفاً.. فهو يعشق الفلسفة.. ويكره النظرة السطحية للأمور.. يرى في الأشياء حوله مالايراه الآخرون.. يكاد لايؤمن بشيء.. الحياة عنده عالم من المتغيرات.. تراه تارة فتظنه أكثر الناس حكمة ، ثم تراه أخرى فتشك في عقله ، كان عبقرياً ضاق المجتمع حوله عن فهمه..
"سحقاً لهذا الغباء.. الكل يعيش بدون هدف.. مجموعة من الأغبياء لا يستحقون الاهتمام ، فمن لم يكن منهم عبداً للمال.. فهو عبد لذلك المخلوق الأحمق "المرأة" ، ياه.. كم تزعجني بلاهة المرأة ، إنها أشبه ما تكون بالببغاء ".. كان هذا نموذجاً لما يكتبه "حمد" في المنتديات.. فهو لايحترم أحداً أبداً.. ولعل ماضيه الممتلئ بقراءة الروايات الأدبية وكتب الأدب الحديثة.. كان له أثر كبير في صقل شخصيةٍ ناقمة على المجتمع.. أشبه ماتكون ببعض الشخصيات في روايات "نجيب محفوظ" !!
كان "حمد" يكتب في الإنترنت من أجل الحقيقة فقط ، فهو باحث عن الحقيقة المطلقة التي لم يهتد إليها بعد ، وكان يخفي هذا التيه الكامن في شخصيته بهجومه على الآخرين في كثير من الأحيان..
ذات صباح.. رأى "حمد" موضوعاً حوارياً يحمل طرحاً متشنجاً أخرجه عن صوابه.. فكتب رداًعنيفاً وصل حد الاستهزاء بالدين والنقمة على من يدعي التدين..!! وفي الجانب الآخر كانت "أمل" على موعد مع القدر حين رأت رد "حمد" السابق ، أخذتها الغيرة على الدين.. فكتبت رداً عليه ، وهكذا توالت الردود بينهما ، طال النقاش وتفرع.. وكانت مداخلات بعض الأعضاء تفسد جودة النقاش بخروجهم عن الموضوع ، ولأول مرة شعر "حمد" أن هناك من يفهمه ويتكلم بصدق معه.. وراوده شعور عميق بأنه قد يجد ضالته عند "أمل" هذه.. فقد يصل معها إلى الحقيقة التائهة منه ، فطلب منها أن يستمر النقاش بينهما بشكل منفرد وعبر "الماسنجر"..!!
ترددت "أمل" كثيراً في قبول الدعوة..، لكنها كانت تشعربأن هذا الشاب الذي يخاطبها في الجانب الآخر.. مختلف كثيراً عن غيره ، إنه ليس شاباً عادياً.. نعم .. يبدو أنه باحث عن الحقيقة بالفعل كما كان يكتب دائماً ، هل أتخلى عنه الآن..؟! إذاً ما فائدة المشوار الطويل في النقاش دون بلوغ الثمرة !! لاشك أنه صادق النية.. وربما هداه الله على يدي.. أنا أشعر أن به بذرةً طيبة.. نعم لاشك في ذلك ..ترددت أمل كثيراً قبل أن تحسم أمرها.. لكنها اتخذت قرارها أخيراً..