بتـــــاريخ : 11/19/2008 8:08:00 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 916 1


    أمك الشمس وأبوك القمر

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : أحمد زياد محبّك | المصدر : www.awu-dam.org

    كلمات مفتاحية  :

    يحكى أن شاباً يدعى "حسن" خطبت له أمه فتاة تدعى "فاطمة"، ولما كان الزفاف أوصتها خالاتُها ألا ترد على "حسن" بأي كلمة إلا إذا قال لها: "أمك الشمس وأبوك القمر وخالاتك الكواكب".

    وفي ليلة العرس لم تكلم "فاطمة" زوجها "حسن" بشيء، فأخذ يلاطفها ويكلمها ويتحدث إليها، وهي لا ترد عليه، فظن أن صمتها يرجع إلى خجلها.‏

    ولكن مرت الأيام و "فاطمة" لا تكلمه بشيء، حتى ملّ منها، وضاق ذرعاً، فقرر أن يكيد لها، فأخبرها ذات صباح أنه دعا إلى منزله عشرين ضيفاً وعليها أن تعدّ لهم طعام الغداء، وإلا فهي طالق، ثم تركها وخرج.‏

    وكانت خالات "فاطمة" قد جهّزنها بصحون وأباريق سحرية، طلبت منها "فاطمة" فور خروج زوجها أن تنتقل إلى المائدة، وأن تمتلئ بما لذّ وطاب، وما هي إلا طرفة عين حتى نزلت الصحون والأباريق من الرفوف والخزائن واتخذت مواضعها على المائدة وقد امتلأت.‏

    وقبيل موعد الغداء جاء زوجها ليخبرها بتأجيل الدعوة إلى وقت آخر، ولكنه ذهل عندما رأى المائدة جاهزة، فسألها كيف تهيأ لها ذلك كله فلم تجبه على عادتها بشيء.‏

    وأقسم "حسن" أنه سوف يتزوج فتاة أخرى ويهجرها إذا هي لم تتكلم، فظلت صامتة، ولم تقل شيئاً.‏

    وكان لحسن ما أراد، فقد تزوج فتاة حسناء، وعاش معها في دار أخرى، وهجر "فاطمة".‏

    وعاشت "فاطمة" وحدها، ولم يكن لها شيء تتسلى به سوى الجلوس في النافذة تغزل من شعاع الشمس خيوطاً ذهبية تحيكها ثوباً.‏

    وذات يوم أرسلت زوجة حسن خادمتها إلى منزل "فاطمة" لتتجسّس عليها، وتأتيها بنبأ عنها، فرجعت الخادمة لتخبرها أنها تجلس في النافذة، تغزل من الشمس خيوطاً ذهبية، فغارت منها، وقررت أن تقعد مع بزوغ الشمس في النافذة مثلها، لتغزل أشعتها خيوطاً، ولكنها لم تكد تقعد حتى وقعت، وماتت.‏

    ورجع "حسن" إلى زوجته "فاطمة"، وهو يمنّي نفسه أن تكلمه بعدما لقيت من هجره لها، ولكنها لم تفعل.‏

    ومرة ثانية أخبرها أنه قد دعا عشرين ضيفاً إلى الغداء، وأنه يريد الطعام جاهزاً، ثم أوهمها بخروجه، ولكنه اختبأ في دهليز الدار، وأخذ يرقب ما ستفعل.‏

    وطلبت "فاطمة" من صحونها وأباريقها السحرية أن تنزل من الرفوف وتتخذ مواضعها على المائدة، وأن تمتلئ، وكان زوجها يرقبها من وراء إحدى النوافذ، فدهش لما سمع كلامها، وذهل لما رأى.‏

    وبينما كانت الأباريق والصحون تتحرك هابطة من الرفوف اصطدم صحن بآخر فوقع وانكسر، وأسرع الإبريق السليم إلى "فاطمة" وقال لها:‏

    "وحياة أمك الشمس وأبيك القمر وخالاتك الكواكب سامحيني"‏

    فأجابته "فاطمة":‏

    "سامحتك"‏

    وعندئذ عرف "حسن" سرّ كلام زوجته، فأسرع إليها وقال:‏

    "وحياة أمك الشمس وأبيك القمر وخالاتك سبع الكواكب ردّي عليّ، كلميني".‏

    فردت عليه، وأخذت تكلمه.‏

    وعاشا معاً بسعادة وسرور.‏

    تعليق:‏

    تؤكد الحكاية التأثير المباشر للتربية والنشأة في شخصية الفرد وفي حياته المستقبلية وطبيعة علاقاته مع الآخرين.‏

    كما تؤكد ضرورة احترام الزوج لزوجته وأسرتها وتقديره لهما وخطابه لهما بما يليق بهما.‏

    ولعلها تدل على طبيعة الرابطة بين الزوجين التي لا يمكن أن تقوم على علاقة الجسد وحده، إذ لابد من الحوار والتواصل الثقافي بينهما من خلال الكلمة التي هي أرقى أشكال اللقاء بين الإنسان والإنسان.‏

    ولعلها تدل أيضاً على أن العلاقة بين الزوجين ليست علاقة بين فردين فحسب، إنما هي علاقة أوسع تمتد إلى الأسرة والمجتمع

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()