طاغية ... وحلم
أفاق الطاغية من نومه مذعوراً حين رأى في حلمه رجلاً شجاعاً يصفعه ويبصق في وجهه... سأله حراسه الغاضبون حتى النخاع عن أوصاف الرجل فأجاب:(له رأس وساقان ويدان وعينان وقحتان) وفي لمح البرق أحضر الحراس لمولاهم إنساناً له رأس وساقان ويدان وعينان وقحتان... أومأ إليهم الطاغية فطار رأس الرجل... استراح الطاغية طوال النهار وفي الليل عاوده الحلم من جديد فأحضروا له من جديد إنساناً له رأس وساقان ويدان وعينان وقحتان... تكرر الحلم وتكررّ الإعدام وتكررت الأيام... وأخيراً لم يبق في المملكة سوى الطاغية وسيف الجلاد ومدن من المقابر
مشاجرة
أوصل استعجال عزرائيل لتصفية حساباته آخر العام عشر جنازات إلى مقبرة(تل النصر).. كان الوقت قبيل الغروب. النهار أيضاً يلفظ أنفاسه الأخيرة لكنّ القبور الجاهزة للدفن خمسة والموتى عشرة والمشيعون جميعاً مستعجلون لدفن موتاهم فلديهم أعمال وأشغال. وإكرام الميت دفنه -كما يقولون- والإسراع في دفنه. تزاحم المشيعون على القبور الجاهزة وكلٌّ يدعي حقه في الدفن أولاً ويبرر حجْته الدامغة ولكن لم يُجِد النقاش فارتفع الصراخ وانهمرت الشتائم ثم اشتبكت الأيدي وشاركت بعدها الأرجل والأسنان والعكاكيز والحجارة في المعركة. استبسل الجميع ماعدا أصحاب القضية -أقصد الموتى- فقد وقفوا على الحياد التام.
زوجة
أعدّت -هي- مائدة المساء كما تشتهي العيون وأعدت جسدها كما يشتهي نداء الحياة ثم انتظرت تصغي بكل خلاياها المشتاقة إلى وقع خطواته... عاد -هو- شارداً، لم يلتفت أبداً إلى المائدة ولم ينظر إلى جسد زوجته المضمّخ بالعطر والدفء بل جلس ساهماً يلتفت إلى النافذة حيناً وإلى قلبه حيناً ودخان سيجارته حيناً. وعندما ذبلت وردة المائدة وغفت نار الجسد في كهف موحش بارد وتعبت عيون الزوجة من محاصرة عيون زوجها نهض ليغادر البيت... خطا ثلاث خطوات.. توقف.. أطرق عينيه إلى الأرض وقال:
- لقد أحببت امرأة أخرى
ثم أرتج قلبه ومضى
حين انتظرته في المرة الثانية كانت قد أعدّت جبلاً من الحقد والكراهية وسكيناً أكلت في المطبخ عمرها وأصابعها ولمّا عاد... نظرت إليه... نظرت إلى أطفالها.. ثم أغمدت السكين في قلبها وبكتْ.
مباراة
تبارت أربعة مكبرات للصوت في احتلال فضاء المدينة الأول لزعيم مفوّه والثاني لواعظٍ ناريّ البيان والثالث لمطرب شبابي والرابع لشاعر يائس ربحوا جميعاً وخسرت المدينة فضاءها والروح قطعة وفلسطين قطعة...
آباء وأبناء
هرب عبد الله من ظلم والده فامتطى طائرة الحلم وفرّ إلى مدينة بعيدة ولكنه حين هبط في المطار صفعته صورة والده الضخمة تأمره بسخرية كي يعود إلى البيت... امتطى عبد الله طائرة الحلم هارباً من جديد إلى مدينة أكثر بعداً ولكنه ما كاد ينظر من نافذة الطائرة حتّى رأى تمثالاً كبيراً لوالده يشير إليه بإصبعه الوسطى كي يعود إلى البيت... وتكرّر الأمر في كلّ مطار يهرب إليه عبد الله...
وأخيراً عاد إلى البيت، شدّ أمه.. صرخ في وجهها غاضباً
- أريد أن أعرف من هو والدي بين هؤلاء؟!!...
- لا أحد
- ولكنهم يدّعون ذلك.
- لا تصدق... لقد اغتصبوني جميعاً !!.