بتـــــاريخ : 11/12/2008 4:43:56 AM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1238 0


    اللعب بالدم

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : سحر سليمان | المصدر : www.awu-dam.org

    كلمات مفتاحية  :

     

    منذ الفجر الأول بعد الليل الأول‏

     

    دائماً كان هناك فجر يشرق، تكون قبله ليلة اسمها " البارحة"‏

     

    تمتلكها ذاكرة سرية لا تعطي أسرارها إلا لمن يملك مفاتيحها، هذه المفاتيح المعقدة، لذا فكل ليلة قبل الفجر أعيش مع البارحة، فأذكر كل تلك السنوات التي نسميها عمراً أو حياة ندعي أننا عشناها . أذكر كل تلك البارحات فكأنما أوقظها من رقدتها لنشرب فنجاناً من القهوة في حديقة المنزل أو نسمع دور سيد درويش " أنا هويت وانتهيت " ثم نقيم معاده يرتفع فيها العويل إلى عنان السماء.‏

     

    - أيتها المرأة لا توقظي الجرح.‏

     

    قال القلب‏

     

    - أيها القلب من أين جاءتك الحكمة ؟..‏

     

    قال الجرح .‏

     

    -أيتها المرأة كوني لا ئقة بي على الدوام .‏

     

    قال العشق‏

     

    وانطلق سرب من الحساسين في سهوب الذاكرة، يبحث عن أعشاش وبيوض دافئة دفء الدم الظامئ أبدا للملح .‏

     

    ومثل عراف بارع استحضر عيونك، أحدق في سوادهما الماثل أمامي براقاً وعميقاً وكتيماً ورجراجا مثل القهوة ثم أبدأ بتلاوة اعترافاتي وقد بدت الغرفة البيضاء، والملاءات النظيفة وصورة الطفل العاري أمامي مكاناً مثالياً لذلك الطقس، فتركت نفسي على سجيتها تتدفق ساقية من ماء يندفع نحو الجذور، وينسرب فيها فتدب خضرة الحياة في الساق والأوراق واليباس.‏

     

    ***‏

     

    - أيتها المرأة هذا العشق ملعون لايغسله غير الدم .‏

     

    - قالت العادات .‏

     

    - هذه العادات لا ينفع فيها شيء لأن العفن يأكلها .‏

     

    قال الدم . واندفعت الذكريات في البال حمى من الوجد والنار الكاوية والنشيج، فاستعدت وجه أمي وقد ملأت الدموع عينيها الصغيرتين بعد صلاة طويلة تهجدت ودعت خلالها طالبة من الله أن يحد من طيشي وجنوني لأنها أدركت أنني ألعب بدمي، ولا آبه بألم واستمع لنصيحة فهاهم يعودون من المشفى بعد أن استخرجوا شظية زجاجية مزقت باطن قدمي وانغرزت فيه .‏

     

    - لقد نزفت حتى كادت تموت.‏

     

    قال أخي ... ثم تابع :‏

     

    - لم يبقَ فيها دم سيقتلها فقر الدم.‏

     

    ويوم جمعت زهرة الثلج، نفضت عنها ثلجها، واحتفظت ببياض الزهرة إلى جانب الزل ووردة القندريس، ضحكت أمي من عبثي الطفولي وعلقت وما عرفت أن اللعب بالدم أوله زهرة الثلج البيضاء.‏

     

    ***‏

     

    ومثل زهرة الثلج البيضاء‏

     

    كان كل ماحولي أبيض، الغرفة والجدران والوجوه ولباس الممرضات والأطباء، وأنا في غيبوبة بيضاء، بينما الدم في شراييني يتحرك يسري بصهيل صاخب، أحسه مثل نهر، وتعاودني الأطياف، تعاودني أمي وهي تلم شتائمها وتحوقل أمام عنادي وتصميمي على أن نأكل " حلوا" في تلك الليلة .‏

     

    - لمَ الليلة تحديدا..؟‏

     

    سألني رفيق أخي .. فأجبته :‏

     

    - لأن الليلة عيد ميلادي .‏

    كنت يومها في العاشرة من عمري فضجوا بالضحك جميعاً . ولم أطالب بالكثير فأنا اعرف فقرنا ..... لم أطالب بشموع أو قوالب كاتو، كل ما أردته شيئاً حلوا، لقم القاضي أو مشبكا(1)

     

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()