بعد ظهر أحد الايام كان صديقي يساعد عمه, الذي كان يدير مزرعة كبيرة لطحن القمح بواسطة طاحونة قديمة.
وفجأة فتح الباب لتدخل طفلة صغيرة ,كانت ابنة أحد المزارعين في المزرعة.
فنظر اليها العم وقال: ماذا تريدين؟
أجابت :أمي تريد بعض النقود, فرفض وطلب اليها ان تعود الى المنزل.
فأجابته الطفلة "أمرك سيدي" لكنها لم تتحرك من مكانها.
فتابع العم عمله بانهماك ولم يدرك ان الطفلة مازالت واقفة, وعندما رفع رأسه من عمله ثانية رآها في مكانها فصرخ قائلاً: "قلت لك إذهبي الى المنزل, والآن إذهبي وإلا صفعتك".
وردت الطفلة مرة أخرى قائلة: أمرك سيدي, ولم تتحرك من مكانها, فترك العم كيس القمح من يديه واسرع غاضباً باتجاه الطفلة, فحبس صديقي انفاسه وتأكد من ضرب عمه الطفلة لأنه يعرف طباعه الحادة.
وعندما دنا العم منها تقدمت باتجاهه ونظرت الى الأعلى, الى عينيه ,وصرخت بأعلى صوتها: "أمي تريد بعض النقود!".
فوفق العم ونظر اليها, ثم وضع يده في جيبه ماتريد.
أخذت الطفلة النقود وعادت الى الباب بهدوء دون ان تسقط عينيها عن الرجل الذي نجحت في "اقتحامه".
وبعد ذهابها جلس العم فوق إحدى العلب الفارغة ونظر من النافذة باتجاه الفضاء أكثر من عشر دقائق متأثراً بإعياء الصفعة التي تلقاها للتو.
أطرق صديقي متأملاً ومفكراً,فتلك كانت المرة الاولى في كل حياته وتجاربه يرى فيها طفلة تنتصر على شخص راشد.
وقال لنفسه:
كيف فعلت ذلك؟ وما الذي حصل لعمه وسلبه شراسته ليصبح وديعاً كالحمل؟ وما هي القوة الغريبة التي استعملتها تلك الطفلة لتجعلها سيدة الموقف.