بتـــــاريخ : 11/4/2008 8:09:21 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1471 0


    طالب الطب

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : محمد العبد العزيز | المصدر : www.balagh.com

    كلمات مفتاحية  :
    قصة طالب الطب

    ركب سيارة الليموزين بعد أن حصل على رخصة القيادة قبل يومين ، لقد اجتاز الاختبار بسهولة بعد تغرّبه من بلاده منذ أسابيع ، وهاهو يمارس عمله لثاني يوم مرّةً أخرى ، أدار المفتاح ، وأمال بتحّكم المبرّد الهوائي ، ما أبرد المكيّف داخل سيارة يلفها الجوّ الحار!
    اجتاز الشوارع باكراً ، لم تزدحم الشوارع بعد ، فمازال الوقت باكراً ، لمح (علوي) شاباً وسيماً ، طويل القامة ، نحيل الجسم ، يتوسّم فيه الرائي علامات الصلاح والخير ، يحتضن في ذراعه اليسرى دفتراً ملوّناً .
    رفع الشاب يده النحيلة مؤشّراً بيده ، فتوقّف علوي بمحاذاته ، منزلاً زجاج باب الراكب بكبسة زرٍّ ، تحدّث مع الشاب الذي أخبره أنه يريد كليّة الطب :
    - عشرة ريالات!
    فتح الشاب باب الراكب على الفور ! وركب على المقعد قائلاً تطفو على شفتيه ابتسامة رقيقة :
    - لم أعتقد أنك ستطلب هذا المبلغ !!
    - لماذا؟!
    - توقّعت أنك ستطلب ضعف هذا المبلغ!!
    - لا نريد أن نرهق الطلاب بدفع تكاليفٍ أكثر !
    اندهش الطالب من جواب السائق ! فقال:
    - يبدو أنك جديد في المهنة؟!
    التفت السائق إلى الطالب قبل أن يجاوب :
    - أجل !
    - وماهي انطباعاتك عن عاصمتنا المزدحمة ؟!
    - الازدحام شيء عادي هنا ، ولا يقارن بازدحام عاصمتنا!! ليتك سألت انطباعي عن أهل العاصمة!!!
    التفت الطالب التفاته قويّة متسائلاً :
    - ماذا تقصد؟!
    أخرج السائق علبة السجائر ، ومدّ سيجارة إلى الطالب ، فرفض الطالب أخذها شاكراً :
    - ألا تدخّن ؟!
    تساءل السائق .
    فقال الطالب متذمّراً :
    - لا . لأن الدخّان مضرّ بالصحّة ، وأرجو ألا تدخّن أمامي إن سمحت ، لأن الجالس مع المدخّن يصيبه من الضرر ضعف مايصب المدخّن نفسه!
    - ومن أخبرك بهذا؟!
    - إنني أدرس الطب!
    فاستدرك علوي :
    - آه لقد نسيت أن مشوارك إلى كليّة الطب!!
    استذكر الطالب قائلاً :
    - آها .. لم تقل لي انطباعك عن أهل العاصمة؟!
    - نعم .. نعم ..
    أدخل السائق سيجارته بين أحضان العلبة ، وتنهّد تنهيدة خفيفة ثم أعقب:
    - لقد أوصلت شخصاً بالأمس ...
    - نعم ، ثم ؟
    - كان يريد سجن النساء! و أرجو ألا تتعجب فقد كنت لا أعتقد بوجود مكانٍ مخصّص للسجن مطلقاً في بلادكم ، فكيف بسجنٍ للنساء!!
    - لماذا لم تعتقد بوجود مكانٍ للسجن؟!
    توقّفت سيارة الليموزين عند الإشارة المزدحمة ، ويبدو أن الزحمة بدأت للتو ، فخفض السائق صوت المذياع الذي كان مرتفعاً قليلا والتفت إلى الطالب فقال:
    - أعتقدت أنكم معصومون !!!
    قهقه الطالب قهقهة عالية حتى سمعه خلف الزجاج من في السيارة المجاورة ، واستمر يقهقه حتى أضاءت الإشارة الخضراء ، وتحرّكت السيارة حتى توقّف السائق أمام كليّة الطب ، والطالب مازال يقهقه حتى كاد لا يسكت!
    وقد كان السائق ينظر إلى الطالب مبتسماً ابتسامة خجل من نفسه! فقال الطالب:
    - هل تنتظرني قليلاً ريثما أعود؟! أريد أن أأخذ جدول الإمتحانات ثم أعود على الفور ، فتوصلني إلى البيت وأدفع لك أجرتك هناك؟
    هزّ السائق رأسه موافقاً ، ثم انتظر ساعة كاملة ولم يحظر الطالب!
    جاءه أحد الطلاب فدق زجاج نافذة السيارة سائلاً السائق :
    - أخي إنني أراك تنتظر منذ ساعة .. من تنتظر ؟!
    فأخبره السائق أنه ينتظر طالباً في كلية الطب كان قد أوصله ، ذكر له أنه سيأخذ جدول الإمتحانات ثم يوصله إلى المنزل ويدفع له أجرته هناك !
    - ومن قال لك أنه سيأتي؟!!
    - هو أخبرني بذلك! إنه طالب في كلية الطب لقد رأيت بطاقته بنفسي والأطباء لا يكذبون ، إنهم أناسٌ شرفاء ، ففي بلادي حتى ضابط المرور لا يخالف الطب بل إنه يحترم الطبيب ويفسح له الطريق! لأنه إنسان بمعنى الكلمة ويؤدي رسالة إنسانية!! إنه يخدم الإنسان ويتحمّل قذارته واتساخه ، ولا يتذمّر! فهل يوجد إنسان يفعل ذلك مثل الطبيب!!!
    - يبدو أنك جديد في هذه المهنة ياأخي ؟!
    - أجل .. أجل .. أجل!!
    - إن الإمتحانات بعد شهرين من الآن ، والطالب لن يأتي ولن يدفع لك !!
    تغيّرت ملامح السائق من هول الفاجعة ، ثم أرجع سيّارته إلى الخلف وهو يتمتم:
    - يالها من عاصمة!
    أديب سعودي

    كلمات مفتاحية  :
    قصة طالب الطب

    تعليقات الزوار ()