بتـــــاريخ : 11/4/2008 6:37:31 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1206 0


    نقص المعرفة البشرية ومحدوديتها..ماالسبب؟؟

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | المصدر : www.balagh.com

    كلمات مفتاحية  :
    نقص المعرفة البشرية ومحدوديتها

    الواقع أن كل تفكير يبدأ وهو مشوب بالحيرة والتردد والشك، لأن عملية التفكير هي عملية حل مشكلة, والفرصة الملائمة للتفكير هي دائما هدف صعب التحقيق. ومن الضروري أن نضع هذا نصب أعنييا، لأنه إذا قيض للإنسان أن يعرف كل شيء، فإنه لن يتمكن، إذن، من التفكير، فسوف لا يحيره شيء على الإطاق، ولن يعاني من الحيرة والشك، ولن تعترض المشكلات طريقه، وإذا تصورنا الله سبحانه بوصف معرفته كلية وعلمه شاملا، فإننا لا نتصوره إذن كائن يعاني التفكير، فالتفكير إذن عملية تنفرد بها الكائنات ذات الذكاء المحدود.
    ليس في وسع الإنسان، إذن، معرفة كل شيء، الله وحده سبحانه الذي يحيط بعلمه كل شيء، ولا تخفى عنه خافية. هل في وسع الإنسان الإجابة عن كل سؤال يتعلق بشيء ما يظن أن معرفته به تامة؟ هل يمكنه الإجابة عن كل سؤال يتعلق بالسيارة التي يركبها، أو يتعلق بحبات الرمل التي يسير عليها، أو بالقلم الرصاص الذي يكتب به، أو بالكائنات البشرية التي ينتمي إليها؟
    هب أنك أردت أن تكرس حياتك كلها لدارسة قلم رصاص واحد. هل في وسعك فعلا معرفة كل شيء عنه؟ الآن أن تلتقط قلم رصاص لونه أصفر فاتح، وله ممحاة (أستيكة) مطاطية، أجلس وحاول وصفه وصفا شاملا بقدر الإمكان. صف مقاساته المضبوطة، وأخبرنا بكل ما يمكنك إخبارنا به عن تركيبته واستعمالاته. ولكن لكي تعرف كل ما يتعلق بالقلم الرصاص، عليك أن تعرف كي شيء عن الخشب، وعن تلك الشجرة التي صنع منها هذا القلم. أنت في حاجة لمعرفة كل المعلومات المتعلقة بالمطاط الذي صنعت منه الممحاة. ويجب ألا تنسى المعدن الذي صنع منه الممسك بالممحاة في نهاية القلم. أنك تحتاج لمعرفة كل شيء عن الرصاص، والصمغ، والألوان الزيتية التي تم بها طلاء القلم، وكذلك الحروف الذهبية المكتوبة أو المحفورة على القلم.
    واستمرارا في محاولتك الجيدة هذه لدراسة القلم الرصاص ومعرفة كل شيء عنه، عليك بعد عدة سنوات من دراسة القلم من الخارج، عليك أن تبدأ بتفكيكه كي تفحص تفاصيل الأجزاء الداخلية لهذا القلم الذي بين يديك. أنت تحتاج إلى تقسيمه، كما تحتاج إلى آلاف من الشرائح المجهرية التي تساعدك على الإحاطة بمعرفة كل الألياف الخشبية وحبيبات الرصاص الأسود التي يتكون منها القلم. وبعد أن تفرغ من هذا الفحص المجهري، عليك أن تشرع بعد ذلك في دراسة التركيب الذري للقلم. إن مثل هذا القلم يحتوي على ملايين بل على بلايين الذرات التي تحتاج دراستها على آلاف السنوات. معنى ذلك أنك قد تقضي حياتك كلها في دراسة القلم، وفي النهاية لا تستطيع أن تعرف عنه كل شيء.
    لحسن حظنا نحن البشر أنه يمكننا تدبير أمورنا في هذا العالم دون امتلاكنا للمعرفة الكاملة عن أي شيء فيه. فالميكانيكي لا يعرف كل شيء عن السيارة، لكنه يملك قدرا جيدا من المعرفة يمكنه من إبقاء السيارة تركض بسرعة جيدة جدا. والأطباء لا يعرفون كل شيء عن الجسم البشري، ولكنهم أصبحوا أكفاء معالجة العديد من أمراضنا. ولا يوجد شخص يعرف كل شيء عن فن الطبخ، لكن هناك الكثير من الطباخين المهرة الذين يجيدون الطبخ بقدر يتلائم مع ما نملكه من مال.
    إن إقرار المرء بحقيقة إننا لا نعرف كل المعلومات المتعلقة بشيء معين، إنما يمكننا من اكتساب عادات تعبر عن ذهن منفتح. فعلى سبيل المثال، إذا عرفت كل المعلومات المتعلقة بشيء ما، فلن يكون لامتلاكك ذهن منفتح أي معني، ولن تكون بك حاجة للاستماع إلى أي شخص يخبرك أو يلفت نظرك لمعلومة تتعلق بهذا الشيء. فلن يكون هناك- بالنسبة لك- جديد تحت الشمس. وكل ما تريده سوف يتحقق على أكمل وجه وفقا لما خطط له، لأنك تملك معرفة تامة. أن تعرف كل شيء هذا معناه أن الماضي والمستقبل سيكونا ماثلين أمام ناظريك كالحاضر تماما. ولكان من حقك في هذه الحالة أن ترفض الاستماع إلى كل ما يقوله الآخرون.
    جميعنا سمعنا عن أهمية وضرورة أن نمتلك أذهانا منفتحة. لكن نادرا ما يقال لنا كيف يتم ذلك إن السبيل لامتلاك ذهن منفتح والاحتفاظ به على هذا النحو، هو أن أقول لنفسي مرددا إنه: "لا يمكنني معرفة كل ما يتعلق بأي شيء، ولا أحد غيري يمكنه ذلك أيضا، ومن ثم ليس من حقي إغلاق عقلي. بل يجب علي رصد الوقائع الهامة التي لم يتم فحصها من قبل. إذ إن بعض العوامل الخفية التي قد تكون موجودة يمكنها أن تساعد في ازدياد حصيلتي المعرفية

    كلمات مفتاحية  :
    نقص المعرفة البشرية ومحدوديتها

    تعليقات الزوار ()