بتـــــاريخ : 11/4/2008 6:31:35 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 777 0

    موضوعات متعلقة

    مصيدة المشترك اللغوي

    مـاهو المنطـق..؟؟

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : د. حسين علي | المصدر : www.balagh.com

    كلمات مفتاحية  :
    مـاهو المنطـق

    كلمة "منطق" من ناحية الاشتقاق اللغوي كانت تدل في أول الأمر على الكلام، فالكلمة الإنجليزية Logic أو الكلمة الفرنسية Logique اشتقت من الكلمة اليونانية "لوجوس" ومعناها "الكلمة"، ثم أخذت معنى اصطلاحيا وهو ما وراء الكلمة من عملية عقلية، فإذا كانت "لوجوس" معناها "الكلمة" فهي تدل أيضا على العقل أو الفكر أو البرهان، ومن هنا كان من الميسور استخدام اسم صفة منها يدل على الفكر والبرهان والتفكير العقلي.
    هذا عن أصل كلمة منطق في اللغات الأوربية، أما الكلمة العربية "منطق" فقد عرفت حين ترجم المنطق اليوناني إلى اللغة العربية. ولم تكن الكلمة تتضمن أول الأمر معنى التفكير أو الاستدلال، بل كانت تدل على معنى الكلام، لأن كلمة "المنطق" في أصلها اللغوي إنما اشتقت من "النطق"، وهي كلمة لا تدل إلا على الكلام والتلفظ، فالمترجمون في القرن الثامن الهجري حين أرادوا ترجمة اللفظ اليوناني "لوجوس"، رجعوا إلى الأصل الاشتقاقي وهو النطق أو الكلام، مع عدم مراعاتهم للمعنى الحقيقي المستعمل حينئذ لهذا اللفظ، حيث إنه لم يكن يدل على العقل أو الفكركما هو الحال في اليونانية، ومن هنا اضطر أهل الفلسفة حينئذ إلى تبرير هذا الاستعمال بأن فرقوا بين نوعين من النطق: النطق الظاهري والنطق الباطني، والأول هو التكلم، والثاني هو إدراك المعقولات. وبهذه التفرقة أعطوا الكلمة مدلولها الأصلي والاصطلاحي معا.
    ولقد رأي علماء المنطق القديم ميدان علم المنطق هو البحث في أشكال التفكير بوجه عام، أي البحث في قوانين الفكر السليم من ناحيتها الشكلية الصورية الصرفة، دون النظر إلى الموضوعات التي تنصب عليها عمليات التفكير. ولذلك أطلق ناشرو كتب أرسطو على المنطق اسم "الأورجانون" أي الآلة التي يجب أن تبدأ بتعملها قبل البدء في أي علم آخر. وانتقلت هذه الكلمة "الآلة" إلى الفلاسفة العرب، فعرفوا المنطق بأنه آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في التفكير، ومن ثم نظر هؤلاء الفلاسفة إلى المنطق على أنه مدخل للعلوم كلها. فالغزالي يقول عنه في كتابه "معيار العلم": إن المنطق كالميزان والمعيار للعلوم كلها".
    والواقع أنه من اليسير الاهتداء إلى إجابات كثيرة عن السؤال القائل: "ما هو المنطق؟"، إذ يمكن على حد قول تشارلز بيرس (1983-1914) تقديم حوالي مائة تعريف للمنطق". غير أن بيرس يستدرك قائلا: ومع ذلك فإنه عادة ما يتم الإقرار بأن الموضوع الرئيسي للمنطق هو تصنيف البراهين لمعرفة الصحيح منها والباطن". ومن ثم فإن المنطق يقوم بدراسة المناهج والمبادئ التي تمكننا من التمييز بين البراهين الصحيحة والبراهين الباطلة. وبعبارة أخرى، فإن المنطق هو العلم الذي يبحث في صحيح الفكر وفاسده. ويضع القوانين التي تعصم الذهن عن الوقوع في الخطأ. فموضوعه الفكر الإنساني، ولكنه يبحث في الفكر من ناحية خاصة هي ناحية صحة وفساده، ويكون ذلك بالبحث في القوانين العقلية العامة التي يتبعها العقل الإنساني في تفكيره، فما كان من التفكيرموافقا لهذه القوانين كان صحيحا، وما كان مخالفا لها كان فاسدا، وللمنطق ناحيتان:
    الأولي: البحث في الفكر الإنساني بقصد الاهتداء إلى قوانينه ومعرفة الشروط التي يتوقف عليها الصحيح منه، وهو من هذه الناحية علم من العلوم له موضوع خاص وغرض معين.
    والثانية: تطبيق هذه القوانين على أنواع الفكر المختلفة لمعرفة الصواب منها والخطأ، وهو من هذه الناحية فن من الفنون أو صناعة كما يسميه العرب. هذا إذا أردنا بالفن من الناحية العملية للعلم الذي يستمد أصوله منه.
    والقيمة العملية للمنطق هي تربية ملكة التفكير الصحيح، أي تربية ملكة النقد وتقدير الأفكار، ووزن البراهين، والحكم عليها بالكمال أو النقص، بالصحة أو الخطأ، سواء في ذلك ما ظهر من أنواع التفكير في أقوال الناس أو أفعالهم أو كتبهم، أو رواياتهم أو مقالاتهم العلمية أو الأدبية أو الفلسفية أو السياسية.
    نعم قد يقال إن الإنسان يفكر بطبعه، ويدرك الخطأ في تفكيره وتفكير غيره إلى حد ما بطبعه من غير أن يكون له إلمام بقوانين المنطق، وإذا كان ذلك كذلك فما فائدة تعلم المنطق؟ والجواب على هذا إنه قد لا يكون بنا حاجة إلى تعلم المنطق لو استقام تفكيرنا دائما واستطعنا إدراك الخطأ في تفكيرنا، وفي تفكير غيرنا، ولكننا نخطئ حتى في أبسط أنواع التفكير، ولا نعرف نوع الخطأ الذي وقعنا فيه ولا سببه، ونعلل الحوادث أسقم التعليل من غير أن ندرك الضعف في تعليلنا، وندافع عن أفكارنا ومعتقداتنا وأفعالنا بأنواع من البراهين نلزم بها الخصم إلزاما، وهي في أساسها وأهية ضعيفة أو فاسدة متداعية، وكثيرا ما نستنتج أوسع النتائج من أضيق المعتقدات، أو نتخذ الأقوال المشهورة، والحكم السائرة قضايا بديهية نلزم خصومنا بضرورة التسليم بها، كما أننا كثيرا ما نحكم العاطفة ومنطق العاطفة في موضوع العقل ومنطق العقل. كل هذه أسباب تبرر وجود علم يضبط قوانين الفكر، ويميز صوابه من خطئه، ويربي في العقل ملكة النقد والتقدير.
    وكثيرا ما يتم تعريف المنطق بوصفه علم القواعد العامة للتفكير السليم.
    غير أن هذا التعريف- وإن كان يشير إلى طبيعة المنطق- لا يعد تعريفا جامعا مانعا، إذ إن دراسة التفكير ليست مقتصرة على المنطق وحده، بل يشترك معه في ذلك علم النفس، فعلم النفس يتخذ من الفكر الإنساني ومن العمليات الذهنية المختلفة التي تدور داخل العقل أو الشعور، يتخذ منها جميعا موضوعا لدراسته. لأن علم النفس في تعريفه الصحيح هو العلم الذي يقوم بدراسة الإنسان من ناحية سلوكه، ومن فروعه الهامة علم نفس الذكاء وهو العلم الذي يقوم بدراسة الفكر الإنساني بما يشتمل عليه من عمليات ذهنية مختلفة، ثم يحاول بعد ذلك قياسها بمختلف الأقيسة والأجهزة المعروفة الآن في علم النفس التجريبي، وهو لا يفعل ذلك إلا من أجل تسجيل ما هو كائن. أما علم المنطق فيتناول دراسته الفكر الإنساني من حيث ما يجب أن يكون عليه من صحة واستقامة. ولذلك فإن القوانين التي ينتهي إليها علم النفس في دراسته للفكر والذكاء والعمليات الذهنية المتعددة تختلف عن القوانين التي ينتهي إليها علم المنطق في دراسته للفكر من حيث ما يجب أن يتوافر فيه من استقامةن الأولى وصفية تقريرية تسجيلية، يقنع فيها عالم النفس بتسجيل العلاقات التي تربط هذه العمليات الذهنية المعينة بالعمليات الأخرى. أما القوانين التي يقدمها لنا عالم المنطق في دراسته للفكر الإنساني فهي قوانين معيارية، أو مجموعة من القواعد التقديرية التقويمية، التي يضعها عالم المنطق ليقوم بها معوج التفكير، ويصدر حكمه على هذا التفكير المعين او ذلك بالصحة أو الفساد.
    إن العالم المنطقي لا يشغل باله كيف نفكر أو لماذا نفكر، إن كل ما يشغله كيف نفكر على نحو صحيح. إن قوانين المنطق لا تشبه القوانين العلمية بقدر ما تشبه القوانين الخلقية. فهي لا تحاول وصف الوقائع، وإنما تسعى غلى وضع القواعد التي تميز ما هوٍ صحيح عما هو خطأ. ويمكن بسهولة إدراك الاختلاف بين القوانين العلمية المنطفية بواسطة فحص ظاهرة معينة تتعارض مع القانون. فإذا وضع قانون غير صحيح، إذ إن القانون العلمي يصاغ لوصف الوقائع كما هي عليه. أما إذا حاول الإنسان أن يبرهن على أمر معين بطريقة تتعارض إلى حد ما مع مبادئ المنطق، فإننا لا نقول: بخطأ مبادئ المنطق، وإنما نقول: إن طريقة هذا الإنسان في البرهنة كانت طريقة خاطئة. وهذا يعني أن المنطق قد وضع ليس من أجل وصف الفكر الإنساني كعملية سيكولوجية وإنما للتمييز بين الفكر الصحيح والفكر الفاسد.
    قوانين الفكر الأساسية: لما كان المنطق هو علم قوانين الفكر، أو العلم الذي يحاول الكشف عن المبادئ التي يسير عليها الفكر الإنساني، فإنه يلزم أن نتناول هذه القوانين بالدراسة، وقد حصر أرسطو هذه القوانين في ثلاثة، وهي:-
    1- قانون الهوية:
    يتم عادة التعبير عن هذا القانون بتعبيرات متعددة، أهمها:-
    أ هو أ، أ= أ ، الشيء هو نفسه... إلخ، وتدل جميع هذه التعبيرات على أن الهوية تعني أن للشيء ذاتية خاصة يحتفظ بها دون تغيير، فالشيء دائما هو هو، فأنا هو أنا الذي كنته بالأمس وسأكونه غدا، وهذا الكتاب هو الكتاب نفسه الذي كنت أقرأه صباح اليوم، ومعنى ذلك أن الهوية تفترض ثبات الشيء.
    2- قانون عدم التناقض:
    هذا القانون مكمل للقانون الأول هو تعبير عن قانون الهوية في صورة سلبية، فنحن حينما نقرر قانون الهوية بأن أ هي أ، فإننا ننفي في نفس الوقت أن تكون أ هي لا أ. وقد عبر أرسطو عن هذا القانون بقوله: "من الممتنع حمل صفة وعدم حملها على موضوع واحد في نفس الوقت وبنفس المعنى". وهذا معناه أن أ لا يمكن أن يكون أ ولا أ في نفس الوقت. فالشيء لا

    كلمات مفتاحية  :
    مـاهو المنطـق

    تعليقات الزوار ()