نعم "الحس الذاتي", ليس في هذا العنوان خطأ أو لغط! إنما يقصد منه توجيه دعوة صريحة وواضحة الى الجميع للعمل على تفعيل احساسهم بذاتهم وبما يختلج حقاً في نفوسهم, انها دعوة الى تطوير الوعي الذاتي والمنظور الذاتي ولكن ليس بالمعنى الشائع لهذه الكلمة.
يخلط الكثيرون بين مفهوم "الحس الذاتي" أو "الوعي الذاتي" ومفاهيم سلبية مقل العناد والتعنت, وهذا خطأ غير مبرر, فالوعي الذاتي يعني ان يوجه المرء حواسه في اتجاه الامور التي تهمه حقاً في حياته, وان يحدد اتجاه حياته بنفسه, وان يحكم بنفسه في الامور المتعلقة بالقيم والمعايير الناظمة لحياته والاهداف التي يرغب في بلوغها.
والشخص الذي يتحلى بوعي ذاتي متطور لا يكتفي بسؤال نفسه عن الهدف الذي يرغب في بلوغه, بل يسأل نفسه فوق ذلك: لماذا؟ ما هي غايتي الحقيقية من بلوغ ذلك الهدف؟ ومن ناحية اخرى فان الوعي الذاتي يعني ايضاً ان يستكشف المرء حواسه ومشاعره, وان يتأمل في مظاهر الجمال المختلفة, ويتعلم ان يستمتع باللحظات الجميلة في الحياة ويسعد بسحر الوان الطبيعة الخلابة, ويستشعر جمال الطبيعة في نسمة لطيفة تمسح على خده وتفتح لافكاره نافذة تتدفق منها لتسبح في فضاء لا يعرف الحدود...
ان الوعي الذاتي خير طريق للنجاة من خطر جنون الامور الملحة الذي يسيطر على عالم اليوم.
والاحساس العميق بمكنونات ذاتنا يمثل خطوة نوعية على طريق الانتقال من ادارة الوقت التقليدية الصرفة الى ادارة الحياة, ومن حياة تسودها العجلة الى حياة يحكمها ميزان الوقت ويسودها التوازن بين العمل وشؤون الحياة الخاصة