بتـــــاريخ : 11/1/2008 8:30:46 PM
الفــــــــئة
  • طرائف وعجائب
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1114 0


    ما ينبغي فعله لحظة غضبك....

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | المصدر : www.balagh.com

    كلمات مفتاحية  :

     

    ما ينبغي فعله لحظة غضبك....

    عندما نشتغل حول مشكلة الغضب في التواصل غير العنيف فإننا نعمل من جهة أولى حول مسؤوليتنا، ومن جهة أخرى نتأكد أن محدثنا يستمع إلينا ولهذا نرجع إلى أنفسنا ونتوقف عن كوننا خرجنا من ذاتنا!
    1- وتكون المرحلة الأولى أن نغلق فمنا: أن نسكت أولا عوضا عن أن ننفجر ليس من أجل سحق غضبنا أو لكبته ومحاولة سموه ولكن بالضبط من أجل أن نعطيه كل قوته. فنحن نعرف أننا انفجرنا في وجه الآخر فلن يكون أمامنا وجه محدث يستمع إلينا ويحاول فهم إحباطنا، بل سيكون أمامنا ثائر يحضر ثورته، قد وقع العتداء عليه ويحضر عملية الرد على الاعتداء، أو هارب قد هرب فعلا! ولكن في هذه الحالة ما هي احتياجاتنا إذا كنا غاضبين؟ أن يستمع إلينا الآخر، أي أن يفهم مدى إحباطنا واحتياجاتنا غير الملباة. ومن أجل أن يسمعنا جيدا نحن نعرف أنه علينا أن نستمع إلى أنفسنا أولا.
    2- المرحلة الثانية: وتتخلص داخليا في استقبال غضبنا وقبول مداه بالألوان وبدون مساومة. وألاحظ- وقد قمت بنفسي بتجربة ذلك أن أكثرنا يأخذ الغضب على كونه من الأشياء المخبأة التي لا يتحدث عنها الناس، وأنه من الصعب تخيل أن نكون في حالة غضب. فنقول أننا حزينون، مخذولون، منشغلون، ونعبر بذلك عن عاطفة اجتماعية مقبولة عوضا عن أن نسمح لأنفسنا بأن يسكنها الغضب بوعي منا.
    وتظهر لي هذه المرحلة الثانية عظيمة: أن نعترف بأننا غاضبون بل مسعورون، أن نتقبل جميع الرؤى التي تمر في رؤوسنا وقبول صور الغضب التي تاتينا: أن نقذف الآخر من النافدة، أن نقطعه إربا إربا، أن ندهسه تحت سيارتنا، أن نخرج بندقيتنا العتيقة من مكانها...
    فقبول هذه الصور الداخلية للعنف له النتيجة نفسها لكومة الصحون التي نرمي بها إلى الأرض أو الكرسي الذي نكسره على الحائط، فهي من عوامل التهدئة والراحة ويقوم بدور طرح فائض الطاقة التي يفرزها الغضب التي تمنعنا من السماع لأنفسنا ولن نتمكن قبل أن نبدأ بالعودة إلى الهدوء قليلا من إفراغ الشحنة الانفعالية التي تثيرها هذه الرؤى والاسقاطات من محاولة النزول إلى بئرنا. وهي مرحلة صعبة لأنها تهدد صورة الصبي الطيب والبنت الطيبة التي نريد أن تكون دفاعا عن أنفسنا: "أنا الصبي اللطيف جدا، الفتاة اللطيفة جدا، أتخيل أنه يمكنني أن أحطم رأس الآخر على الجدار، فلنذهب من هنا، والعنف يقوم به الآخرون، وليس أنا!". ولكي أستطيع التخلص من غضبي ومن العنف يجب أن أكون قادرا على النظر إلى وجهي جيدا.
    3- وتتلخص المرحلة الثالثة في تحديد هوية الاحتياج أو الاحتياجات التي لم تلب، ونكون قادرين على الاستماع لأنفسنا بعد تسرب التوتر في المرحلة السابقة، وهو ما يحدث عندما نبتعد عن إلقاء المسؤولية على الآخر، وسوف نكون قادرين على تسمية الاحتياجات الأولى التي تظهر لنا.
    4- وتتلخص المرحلة الرابعة في تحديد هوية العواطف التي يمكنها أن تظهر عندئذ. وقد سبق القول إن الغضب يكون مقنعا بعواطف صحيحة اجتماعيا، ونلحظ أنها تستطيع أن تحجب عواطف أخرى وتفوم مقام غطاء. ويمكن أن تكون التعب من موقف يتكرر، والحزن أو الخوف. وهذه العواطف المحددة بصورة أدق سوف تطلعنا على احتياجاتنا. ويمكننا على هذه الصورة أن نقيم لائحة بها، أو أي أمر من الأمور التي تبرز الغضب. ويمكن أن يظهر التعب حاجتنا إلى التغيير والتطور. كما يظهر الحزن حاجتنا إلى من يفهمنا ويستمع إلينا ويساندنا، ويظهر الخوف حاجتنا إلى الأمل العاطفي أو المادي.
    5- ونكون الآن قادرين على مواجهة المرحلة الخامسة: فتح الفم والتعبير عن غضبنا أمام الآخر بصورة يكون لها الآن حظا أوفر في أن يستمع الآخر لها. وفي الواقع لن يكون دائما من السهل أن نستمع داخليا إلى النفس بسرعة والبقاء مع الآخر. وقد يمكن القول: "إنني غاضب بشدة ولا أستطيع الحديث ولا الاستماع إليك الآن بصورة مرضية. وأنا أحتاج أولا إلى الاستماع إلى غضبي وفهمه وسأتكلم معك فيما بعد". وإذا كان الضغط كبيرا وانفجرت في وجه الآخر فذلك لا يمنعك من العمل حول غضبك من القلب إلى القلب مع نفسك والرجوع إلى الآخر، فتقول له إنك آسف لعرض أحباطاتك بهذه المفردات وبهذه اللهجة وإنك تحب أن تجد طريقة أفضل للعيش المشترك وتخبره عما لا تريده بعد الآن. وإنك أخيرا تتمنى أن تعرف عما إذا كان مستعدا لسماعك. ولا تترك الغضب يتعفن لافي داخلك ولا بينك وبين الآخر.
    خذ الوقت اللازم لكي تفرغه وإلا فإنه من المحتمل أن يسمم عاجزا أو آجلا كل علاقة. وتذكر: بأننا لو أردنا أن تكون علاقتنا دائمة ومرضية فإن علينا الاعتناء بها. وهناك الكثيرون ممن يسكنهم الغضب الذي لا يريدون رؤيته ويصبحون غير مهيئين لأيه حميمية أو حنان. والتجربة المستمرة المرضية للعلاقة، الأمن الداخلي والإبداع ويمنع الاندفاع الحيوي، ولا يمكن فتح الطريق إلا بعمل يتجه إلى الذات.
    وعندما يتعلق الأمر بالاستماع إلى غضب الآخر فإننا على العموم تتملكنا الارتكاسات التالية: العدوان أو الهرب. فمن النادر أن نجد في داخلنا الصبر والأمن الضروريين للاستماع إلى غضب الآخر وأن نضع انفسنا في حالة معرفة الغير معه. وذلك لأننا نميل إلى التفكير في أن موقفه متوجه ضدنا: "إنه غاضب إذن فهو (أو هي) لم يعد يحبني، وأنا لم أعد محبوبا". ولكي نحمي أنفسنا من هذا الاحتمال نقوم بالعدوان أو الهرب. لكن هذا السلوك يظهر بسرعة غير مرض. فمن الأفضل الانفجار بدورنا غضبا مما يريحنا من التوتر الذي يملأنا، ونصبح نحن الاثنين على الطريق الحلزوني الجهنمي. أما الهرب فمن غير المفيد أن نقول، إذا ظهر أنه يمكننا سحب سهامنا من اللعب، إنه غير مرض كذلك.
    ونحن نعرف الآن أن العواطف غير المحبوبة تعبر عن احتياجات لم تتم تلبيتها. فالغضب مبدئيا عاطفة غير محبوبة، فإذا لحظنا غضب الآخر يمكننا أن نوجه اهتمامنا لا إلى موقفه وكلماته ولهجة صوته وحركاته بل إلى الاحتياجات التي لم تلب ومحالة تسميتها: "هل أنت غاضب لأنك كنت تنتظر احتراما أكبر، واعتبارا أكثر، أو استماعا أو مساندة أو ثقة..." ومن الممكن أن نقع فورا على الحاجة المخصوصة. ولكن الآخر قد لا يتأخر مبدئيا عن ملاحظة أننا بدلا من الدفاع بالحجج عن أنفسنا ومقابلته بالعدوان أو الهرب، نستمع إليه.
    وهو ليس موقفا معتادا ويولد الدهشة إذن. وبانتظام شديد تنزل حدة اللهجة منذ سماع أولى المبادلات. فيجيب الآخر: "نعم، هذا هو الأمر كنت أريد أن..." أو "لا ليس هذا، كنت أريد أن..." ويمكننا بكل بساطة أن ندخل في عملية رقص نحو اللقاء. ولنكرر مرة أخرى أن التعرف على احتياجات الآخر لا يعني أننا نقبلها ولا أننا نقبل العمل على إرضائها، ولكن على الأقل نبحث سويا عن اللقاء.
    إن النجاح الأكبر يتجسد في حل النزاع عوض إذكاء تفاقمه.
    لا أدعي بأن ذلك سهل، بل إنه من الممكن تحقيقه، ولا أدعي بأنه يكون دائما، بل إن المحاولة تبرر ذلك. لماذا؟ لأن الفرح من محاولة حل النزاع يكون أكبر من النجاح في تفاهيم النزاع، ولأننا تجد فرحا أكبر في اللقاء معا عندما نعلم أن مسؤولياتنا متبادلة عوض الدفاع بوله عن أن نكون مخطئين أن نتقاتل من أجل أن نظهر أننا على حق.
    وهل تعلم أن هناك من الأشخاص الذين يفضلون أن يكونوا على حق بأي ثمن كان حتى ولو أدى ذلك إلى الخصام مع الجميع عوضا عن القبول بفرح بوجود رأيين!
    وأتمنى لنا جميعا القدرة على القبول والاستماع إلى غضب الآخر بقوة وبترحاب، لكي لا ينفجر أي إنسان في حقل الألغام

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()