عينانِ أمْ كأسانِ مسكرتانِ للرؤيا
|
أم امرأةٌ يلوّحُ صدرها الرمّانُ
|
قبلَ هبوبهِ الأعمى على الشهواتِ
|
أم تفّاحةٌ عند الشروقِِِِِِ ِ
|
تكوّرتْ في شكلِِ نهدْ ؟
|
...
|
أم أنّهُ ماءُ الأنوثةِ سالَ
|
في نهرٍ رضيعِ العشب ِ
|
تحمله ُفتاة ٌيستحمُّ جمالُها في الشمسِ
|
كي تسقيهِ كأسَ حنينها الصافي ،
|
وتهديهِ تطايرَ شعرها المعجونِ بالحنّاءِ
|
من شبّاكِ وردْ ؟
|
...
|
عينانِ أم صبحانِ يغتسلانِ بالصّابونِ
|
بينَ ( جداولٍ ) زرقاءَ
|
أم قمرُ الليالي الأنثويّةِ
|
رائقُ المرآى كقرصِ الشهدِ
|
يسبحُ في أديم ِجماله ِالأخّاذِ
|
خلفَ سحابةٍ في البُعدْ ؟
|
...
|
كيمامةٍ بيضاءَ عرّتْ جسمها الملسوعَ بالأزهارِ
|
وانتحرتْ بأوجِ كمالها
|
في النهرِ تاركةً دوائرَ لا تُعدّْ !
|
...
|
لم يستفقْ صوتٌ من الأسماعِ
|
كي يرثي امتدادَ الصوتِ بالناياتِ
|
أو هبّتْ على الصفصافِ عاصفةُ الحمائمِ
|
كي ترعرع َحزنها فوق الهديلِ
|
ولا استفاقتْ من حداءِ كمنجة ٍ
|
شمسُ الأماسي كي تضمَّ النورَ
|
مثل ثُرَيَّةٍ في البردْ !
|
لم تستحمَّ ( جداولٌ ) من قبلُ في هذا الرحيقِ
|
ولا رأتْ عينانِ أجملَ من مطالعِ
|
شمعدان ِ الفجرِ في ضوءِ المياهِ
|
كأنَّ ماءَ الصبحِ مسكوب
|
على سطرينِ من حزنِ القصيدةِ
|
وهي تفردُ جانحينِ من المجازِ
|
لكي تحلّقَ في فضاء ٍلا يحدْ !
|
...
|
يا وارداتِ النهرَ عبّئنَ الجرارَ
|
بمائها الدامي ،
|
بملح دموعها المنحلِّ في الأمواج
|
واسقينَ الأسى للناسِ ،
|
للعشاقِ إن مرّوا حزانى
|
في أصائلِ حزنها الممتدْ !
|
...
|
وانشرنَ ثوبَ زفافها فوق الغصونِ
|
لكي يرفرفَ كالحمامةِ في النسيمِ
|
ويستردَّ صفاءَ صورتها
|
الذي لا يُستردْ !
|
...
|
ما كنتُ أبصرُ في تراكضها على الأعشابِ
|
غيرَ غزالةٍ شتويةِ الأحزانِ
|
أو طيرٍ ينقّلُ قبراتِ القمح ِمن حقلٍ إلى حقلٍ
|
و( ريحانِ ) يهزُّ طفولةَ الأحلامِ
|
من مهدٍ لمهد ْ .
|
...
|
كانت على شجرِ الصباحاتِ الرضيعِ
|
تشفُّ كالأطيافِ في ماء ِالعيونِ
|
وقلبها المعبودُ يشهقُ في الأصائلِ
|
مثل غرسةِ كستناءْ !
|
...
|
ينشقُّ عن تفّاحِ رؤياها شروقُ الشمس ِ
|
أحمرَ زاهراً
|
كشقائقِ النعمانِ
|
والرمّانُ يعصرُ لونَهُ الورديَّ
|
فوق شفاهها
|
ويذوبُ ماءُ الحبِّ في لونِ الإناءْ .
|
...
|
لم تمسسِ الألوانُ عينيها سوى بالدمعِ
|
والناياتُ غصّتها سوى بهديلها الحاني
|
ليسعدَ عندليبُ الحزنِ في الشجرِ البعيدِ
|
ولم يرفرفْ طائرُ الطّيونِ حول شفاهها
|
إلا ليرشفَ قطرةَ الأعنابِ
|
من فمها المكوّرِ مثل ضُمَّةِ هندباء ْ .
|
...
|
وقفتْ كنحتِ الليل ترفعُ للهلالِ جمالها المغدورَ ،
|
مصغيةً إلى ذوبانه ِالشهويِّ في روحِ المياهِ
|
فلم ترَ العشّاقَ يستلّونَ سيف َالدمعِ
|
في وجهِ العراءِ
|
ولا البنات الناظرات إلى هديلِ حمائم ِالشطآن
|
لم تلحظْ سوى حورٍ شديدِ الحزن
|
يركضُ باتجاهِ الأرضِ ،
|
والشمسِ الجريحةِ مثل ياءٍ ميتةٍ
|
في نهرِ ماءْ .
|
...
|
رأتِ المنيّةَ طفلةً زهراءَ
|
تحملها نعوشُ الفجرِ فوق أكفّها البيضاءِ ،
|
والقداسَ فضيّاً يشعشعُ بالشموعِ ...
|
رأتْ سماواتٍ مسجّاةً على الغيماتِ
|
يسقيها دماءَ الوردِ إبريقُ الدموعِ ،
|
وطائرَ الموت ِالمبكّرَ شارداً
|
فوق السهوبِ
|
فجمّعت كلَّ النساءِ بروحها
|
وتساقطت في النهرِ مفرطة َالجمالْ !
|
...
|
صبحاً فصبحا كان ينضجُ قلبها
|
كالشمسِ في الغدرانِ
|
والمطرُ الحليبيُّ المعطّرُ
|
كان يرشحُ مثل حبّاتِ التشهّي
|
من غصون التين
|
لم تكن الأغاني غيرَ أجراسٍ
|
مدلاّةٍ على النسيان
|
أو تنويمة في أرخبيلِ الدمع للأطفال
|
تنشدها على سمعِ الرموز ملامسُ الأجراسِ
|
والنورُ المؤنّثُ في العيونِ السود
|
يرشح ُمن سماء اللونِ أطيافاً ملوّنة الخيال ْ .
|
...
|
لكن ريحاً عذبةً راحت تهزُّ اللوزَ في الجسدِ الصغير
|
فأينعَ العنابُ فوق غصونه السكرى
|
وطابَ قطافه قبلَ الأوانِ
|
فراحت الغصّات تقطرُ من غيوم ِالظهر
|
والشهواتُ تركضُ مثل آلاف من الرعشات
|
في مرج الغزالْ .
|
...
|
ما كانَ غيرُ الملمسِ المحروحِ للأجّاص
|
يلمعُ في كسوفِ النهد تحت الضوءِ
|
كانت عاشقاتٌ عارياتٌ يقتطفنَ البيلسانةَ من سماءِ اللوز
|
والأفواهُ تشهق في الفضاءِ الطفلِ
|
كنتُ أشم ُّفوحَ روائحِ الريحانِ
|
في جسدٍ يلوحُ جماله
|
قمرًا صغيرًا في مساءٍ متعبِ الأهدابِ
|
أو أصغي لصوتِ تلامسِ الأزهارِ
|
في أعلى السياجْ .
|
فسمعتُ همساً رائعَ الأصداءِ
|
من جهةِ الحفيفِ
|
كأنه نقراتُ موسيقا على كأسِ الزجاجْ .
|
...
|
ونظرت لم تكنِ الأنوثةُ غيرَ طيفٍ
|
طائفٍ في الحبر
|
والصبحُ المصبَّرُ غيرَ زهرةِ نرجس ٍمنحلّةٍ في الماءِ
|
والشمسُ الصبوحةُ ذاتها
|
غيرَ انثيالِ النورِ من روح ِالسراجْ .
|
...
|
متطلّعاً في شمسها التعبى
|
أرى ندمَ الغروبِ على جمالٍ ضاعَ
|
أبصرُ بالرؤى السكرى
|
فراغاً نادمَ الأيدي
|
يجمّع ُبين كفّيهِ الشروقَ على الأفولِ
|
ويختفي تحت الغيوم الباكيه .
|
...
|
لكن ضوءاً سوفَ يولدُ أخضرَ الأهدابِ
|
يرفعها على أيدي الطبيعةِ
|
كي ينقّحها البياض ُ الطلقُ بالأزهارِ
|
والنعناعُ يزرقُ زيته العطريَّ
|
في شريانها
|
كي يستديرَ بصدرها الرمانُ ثانيةً
|
وتلهو فوق عينيها
|
( عصافيرٌ ) تزقزق في سماءٍ صافيه .
|
...
|
هي ذي غدائرُ شعرها السوداءُ
|
قد هبّتْ هبوبَ ( نسائم ٍ )حبلى برائحةِ الحنين
|
وفاحَ عطرُ شميمها البريِّ في الأشجارِ ..
|
نهداها وقد لاحا على الأغصانِ ..
|
مطلعُ وجهها الغافي
|
كما يغفو هلالٌ سابح ٌفي ساقيهْ .
|
...
|
هي ذي موسيقى صوتها السكرى
|
وقد سالت كماءٍ دامع ٍمن شهوةِ الأعشابِ
|
ضُمَّةُ قلبها مقطوفة ٌكالجرحِ من صدر القصيدة
|
وهي تلقمُ ثديها للقافيه .
|
...
|
هي ذي تخوّضُ كالغزالةِ
|
مشتهاةَ الحزنِ في برك ِالربيعِ
|
ويستهلُّ السهلُ شهوتها
|
التي اشتعلت كحبرِ اللوزِ في غيبوبةِ الأشجارِ
|
والمطرُ الذي يهمي ثلوجَ الدمعِ
|
من نطفِ الزهورِ اليانعه .
|
...
|
والآنَ بعد تعاقبِ الأعوامِ
|
أبصرها تسابقُ في مروج المتعةِ الخضراء ِذئبَ الموتِ ،
|
تلعبُ لعبةَ الموتِ الجميلة ِمرةً أخرى
|
وتقذفُ نفسها في الساقيه
|