بتـــــاريخ : 10/22/2008 7:04:51 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1084 0


    التفاح من جهة الشروق

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

    كلمات مفتاحية  :

     

    من تلكَ

    امرأةٌ تعانقُ شمسها الخضراءَ

    فوق بحيرةٍ بيضاءَ

    أم بنتٌ تسرّحُ شعرها الغجريَّ

    مثل يمامةٍ زرقاءَ في ذهب الغروبْ؟

    أم تلك أغنيةٌ (نساها)

    الليلُ عند تَفتّحِ الرمَّانِ مغمضةً

    لتشربَ نهلةَ العنَّابِ من فمها

    سنونوةُ الحصى طلاًّ ،

    ويقطفَ ثغرها الظمآنَ عصفورُ الجنوبْ.

    من تلك لا قمراً

    يطلُّ بحزنهِ الشفافِ

    من خلفِ المدى الفضيّ

    كي يبكي على الأكواب،

    لا ناياً يعمّرُ من فؤادِ الحزنِ

    تمثالَ الغريبْ.

    فقطِ امرأةْ

    معضوضةُ النهدينِ

    كالتفاحِ من جهة الشروقِ

    ووجهها المحمرُّ ترفعهُ

    ذراعُ الخوخِ فوق السفحِ

    قديساً على الأزهار..

    امرأةٌ يضيءُ بنهدها سيفُ الصباحِ البِكرُ

    فيما قلبها المبيضُّ

    تحملهُ بأجنحةِ الحفيفِ (حمائمٌ بيضٌ)،

    وتحرسهُ سويعاتُ المغيبْ.

    فقطِ امرأةْ

    مرفوعةٌ مثل المغيبِ على

    غناءِ العندليبِ.

    مقطوفةٌ كالبرتقالةِ

    من منابتِ شعرها القمحيّ..

    تولدُ من تلامسِ زهرتيْ لوزٍ

    على غصنِ السفرجلِ..

    من صبا زوجيْ حمامٍ أبيضينِ

    يغازلانِ الصبحَ في شهرِ الحليبْ.

    لا النهرُ يتركها ترقرقُ ماءها

    المنسيَّ فوقَ حجارةٍ ملساءَ

    لا موجٌ لتُسمعه خريرَ القشعريرةِ

    في مجاري الروحِ..

    لا فرسٌ يسابقُ شعرها للكستناءِ..

    ويهرعُ الخرّوب نحو غروبها النائي

    ليمسحَ عن ملامح وجهها

    لونَ الشحوبْ.

    لا شيءَ غير غمامةٍ

    ورديةِ الأهدابِ

    تذرفُ ماءها

    لتصيرَ أقواساً من الألوانِ

    فوقَ الحقل

    أو شفقاً يذرذرُ فوق كوخِ الحبّ

    ريحانَ الغروبْ.

    من تلك امرأةٌ محلاّةٌ

    بطعمِ الموتِ

    أم مطرٌ لأحزانِ الطبيعةِ

    كوّنتها الريحُ من ضدينِ

    من ماء ونارْ؟

    لكأنها ثمرٌ لأوجاعِ الخطيئةِ

    قطّرتها من لبابِ الناي

    خمرةُ عاشقٍ مرٍ

    وشمَّ مذاقها السكّيرُ

    مذهولاً بطعمِ الاحتضارْ!

    هيَ منْ رأتْ في الليلِ يوسفَ

    طالعاً كالبدرِ

    (أجملَ من غروبِ الشمس)

    نادته فلم تسمعْ سوى نغمٍ

    يذيبُ طهارةَ الأزهارِ في ماءِ الشموعِ

    ويستديرُ على محياه الهلالْ.

    هي مَن رآها الصبحُ

    (أجملَ من شروقِ الشمس)

    طافيةً أنوثتها على التفاحِ

    ناداها فلم يسمع سوى

    رجعِ التأوّه في المدى..

    وتراكضَ الليمونُ في سهلِ البقاعِ

    شبيهَ صفرتهِ

    لينحتَ من دموعِ اليأسِ أنصابَ الظلالْ!

    هي من رأتهُ..

    هو ما رآها..

    هي ما رأتهُ..

    هو من رآها..

    لكنما قمرُ المواويلِ اشتهاها

    وهي تغسلُ في مياهِ النهرِ

    صلصالَ الأنوثةِ

    إذ تراءتْ عضّةُ الشمسِ

    الصغيرةُ تحتَ نهديها لهُ

    حمراءَ كالتفاحةِ البكر

    التي ما مسّها ضوء

    ولا قطفتْ يدانْ!

    من ذلك الماء الذي

    ينحلُّ من فطر الوحامِ الغضّ

    تنبتُ زهرةُ الحنَّاءِ قانيةً

    كصحنِ الأقحوانْ.

    ورأى الحليب بأمِّ عينيهِ

    يطيّر من غبارِ الطلعِ أصدافاً

    لحزنِ الروحِ،

    شاهدَ موته المخبوءَ في جسدِ الأنوثةِ

    طاهراً كالماءِ،

    مرّاً كالجذامْ.

    ورأى قصاصاتٍ مدلاةً على الأزهارِ

    تقطرُ من فؤادِ المرأةِ المعبودِ..

    شاهدَ في عراءِ النهدِ ظلّ حمامةِ

    بيضاءَ

    فاردةً جناحيها

    على زيتونةِ الجنسِ الحرامْ.

    هي أيُّ امرأةٍ

    تلاطمُ شعرها الأمواجُ

    فوقَ رمالها العطشى؟،

    ويحملها الحفيفُ

    على سنابلِ قمحهِ المبحوحِ...

    كي يرثَ الهبوبُ خريرها المخضَّر من دمها..

    وشهوتُها ترفرف كالملاءةِ في الظلامْ.

    لكأنها مرسومةٌ عند الفراقِ

    على موسيقا الحجرةِ الأبهى

    بريشةِ عاشقٍ أعمى،

    تأملّها طويلاً قبل أن تمضي

    وراحَ بلوثة المجنونِ

    يعجنُ من زهورِ اللوزِ

    والعنبِ العصيّ على الخمورِ،

    ومن غبارِ الطلعِ في المنثورِ

    ألواناً

    ويرسمها بأهدابِ العيونْ!

    لكنه بعد انتهاءِ الرسمِ

    تعصيه الأنوثةُ في تفتّحِ زهرها الموؤودِ،

    والضوءِ المراقِ على غلالةِ

    حزنها الشفافِ..

    يعصيهِ التأملُ في المدى

    المعزولِ للأحداق

    لا الأيدي بقادرة على

    تضفيرِ خصلةِ شعرها الباكي

    كتطريزِ الأرزّ على السطورِ،

    ولا العيونُ السودُ قادرة

    على إمساك طيفِ جمالها النائي

    بإطباقِ الجفونْ.

    أهي الخلاصةُ للأنوثةِ ذاتها؟

    أم أنها العطرُ الخفيّ لزهرةِ النسيان.

    يرسمها خيالٌ دافئٌ كالناي

    كي يمضي بقيّةَ عمره الفاني قبالتها

    يبادلها أحاديث المنون.

    لكأنما الشعراءُ رسّامو نساءٍ

    كلما رسموا امرأه

    ضاعتْ ملامحها مع الكلماتِ،

    واختلطت أنوثتها مع الألوانِ

    لا الناياتُ تجدي باستعادةِ حزنها الشفّافِ

    بالآهاتِ

    لا الصهباءُ تجدي في تمثّل سكرها النائي..

    فقطْ وهمُ امرأهْ

    من فرطِ عذرتها

    تكادُ النفسُ تمسكها بأهدابِ العيونْ!

    لا يفعلُ الشعراءُ شيئاً غير دحرِ الموتِ

    بالصمتِ الخفيّ لرغبةِ النغماتِ

    في أنثى الموات..

    ولمسِ أطراف الحياة

    بحبّ امرأة إذا اكتهلَ الغروبُ،

    وحبسِ أنفاس السكونْ.

    كي يسمعوا ما قالت الأشياءُ

    قبل الصمت... قبل الصوت

    قبل تفتحِ الأحزان من رئةِ المراثي..

    قبل خلقِ الليلِ من رحمِ السكونْ.

    من تلك امرأةٌ تعانقُ شمسها الخضراءَ

    أم لونٌ يزّين برهةً بيضاءَ

    بالوهمِ الحنونْ؟

    لا الشاعرُ الأبديُّ يدري كنه عذرتها

    ولا يدري الجنون

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()