بتـــــاريخ : 10/21/2008 8:33:40 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 592 0


    صلاة أخيرة

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : محمود درويش | المصدر : www.adab.com

    كلمات مفتاحية  :
    صلاة أخيرة محمود درويش

     

    يخيّل لي أن عمري قصير

    و أني على الأرض سائح

    و أن صديقة قلبي الكسير

    تخون إذا غبت عنها

    و تشرب خمرا

    لغيري،

    لأني على الأرض سائح!

    يخيل لي أن خنجر غدر

    سيحفر ظهري

    فتكتب إحدى الجرائد:

    "كان يجاهد"

    و يحزن أهلي و جيراننا

    و يفرح أعداؤنا

    و بعد شهور قليلة

    يقولون: كان!

    يخيل لي أن شعري الحزين

    و هذي المراثي، ستصبح ذكرى

    و أن أغاني الفرح

    وقوس قزح

    سينشدها آخرون

    و أن فمي سوف يبقى مدمّى

    على الرمل و العوسج

    فشكرا لمن يحملون

    توابيت أمواتهم!

    و عفوا من المبصرين

    أمامي لافتة النجم

    في ليلة المدلج!

    يخيل لي يا صليب بلادي

    ستحرق يوما

    و تصبح ذكرى ووشما

    وحين سينزل عنك رمادي

    ستضحك عين القدر

    و تغمز: ماتا معا

    لو أني، لو أني

    أقبّل حتى الحجر

    و أهتّف لم تبق إلاّ بلادي!

    بلادي يا طفلة أمه

    تموت القيود على قدميها

    لتأتي قيود جديدة

    متى نشرب الكأس نخبك

    حتى و لو في قصيدة؟

    ففرعون مات

    و نيرون مات

    و كل السنابل في أرض بابل

    عادت إليها الحياة!

    متى نشرب الكأس نخبك

    حتى و لو في الأغاني

    أيا مهرة يمتطيها طغاة الزمان

    و تفلت منا

    من الزمن الأول

    _لجامك هذا.. دمي !

    _و سرجك هذا.. دمي

    إلى أين أنت إذن رائحة

    أنا قد وصلت إلى حفرة

    و أنت أماما.. أماما

    إلى أين؟

    يا مهرتي الجامحة؟!

    يخيل لي أن بحر الرماد

    سينبت بعدي

    نبيذا و قمحا

    و أني لن أطعمه

    لأني بظلمة لحدي

    و حيدّ مع الجمجمة

    لأني صنعت مع الآخرين

    خميرة أيامنا القادمة

    و أخشاب مركبنا في بحار الرماد

    يخيل لي أن عمري قصير

    و أني على الأرض سائح

    و لو بقيت في دمي

    نبضة واحدة

    تعيد الحياة إليّ

    لو أني

    أفارق شوك مسالكنا الصاعدة

    لقلت ادفنوني حالا

    أنا توأم القمة المارده!!

     

    كلمات مفتاحية  :
    صلاة أخيرة محمود درويش

    تعليقات الزوار ()