الطريق الذي تسلكه الحيوانات و الناس ، و تلعب به الأتربة في ضحى كل يوم .. مرت غيمة صغيرة .. و توقفت :
شاهدت .. التربة اليابسة .. و الصخور العطشى .. و المنعطف الكالح .. و الآثار الكثيرة للحيوانات المتعبة ، والأرجل الحافية ..و الأغصان المتكسرة .. و الأوراق التي تلعب في الهواء مع الغبار....
بكت الغيمة الصغيرة ؛
بكت مطرا كثيرا ،
مطرا نزل بمرح كبير ،
مطر ، مطر ،
ماء كثير أحاط بالطريق الطويل .. لفه برطوبة ناعمة .. و سقاه .
كل تلك الأشياء : الطريق ، الأتربة ، الصخور ، المنعطف ، الآثار ، الأرجل ، الأغصان ، الأوراق و الغبار : كلها فرحت .. فرحت بالماء .. و شربت حتى تمدد الغبار فوق الأرض وتغطى بالأوراق المتراخية ، و نام .
في الصباح الباكر فتحت الشمس الكبيرة عينيها ،
و فتحت نبتة صغيرة ورقتين صغيرتين ، بجانب المنعطف تماما ..
مرت الحيوانات .. و مشت الأرجل .. و عاد الغبار يتقافز خلف الخطوات .. و سقطت بعض الأوراق .. .. لكن النبتة الصغيرة ، كانت تنتظر كل يوم شمسها ، و عندما ترى عينيها تشعان بنور ذهبي ، تخرج من محفظتها ورقتين جديدتين .. تخرجهما في أطراف غصنها الغض .. و تعرضهما ضاحكتين للشمس .
الحيوانات تمر .. و الأرجل .. و الغبار .. و النبتة تخرج أوراقها كل يوم .
هي الآن تملك الكثير من الأغصان .. و الكثير الكثير من الأوراق الخضراء .. إنها شجرة .. شجرة تتساءل :
- كيف تمر بجانبي كل هذه الأشياء دون تحية ؟!
كانت ترى الأشياء ( حيوانات ، أرجل ، غصون ، أوراق ، هواء ....... ) تمر راكضة ، طائرة ، مسرعة ، متدحرجة ...... دون أن تتحدث معها .. و تتساءل : لماذا ؟
لم تجد جوابا .. أبدا كانت هذه الأشياء لا تراها .. لا تحس بها ؛ و هي تتساءل ؟ لماذا ؟ لماذا؟
نامت الشجرة القلقة ، و حلمت أن عصافير صغيرة و ملونة ، قد حطت على أغصانها ، و أخذت تنسج أعشاشا لها ، و هي تغني بألحان جميلة .. ألحان لم تسمع بها من قبل .. و كانت الشجرة تتراقص بأغصانها ، و هي مسرورة جدا .. كانت .....
في الصباح الباكر : فتحت الشمس الكبيرة عينيها الذهبيتين .. و فتحت الشجرة أغصانها للهواء و النور .. و لدهشتها ، كانت العصافير الصغيرة الملونة ، تبني أعشاشها ، و هي تغرد بألحان جميلة كرذاذ المطر الخفيف الذي أخذت تنثره الغيمة الصغيرة المارة فوق الطريق الطويل