حتى جاء يوم شاهدت الكائنات هذا الطائر الخرافي ينقض من السماء بسرعة مذهلة ، و يختفي وسط ظلام أغصان شجرة السدر الضخمة .. ثم يعلو زعيقه .. و يستمر ..
تراكضت الكائنات و تحلقت حول جذع السدرة محدقة في الطائر الجشع .. و يا لهول ما رأت : الطائر الطماع ، وقد دخل منقاره الطويل حتى نهاية الرأس بين غصنين متينين ، و انحبس .. أما باقي جسمه فقد تدلى مثل كيس طويل ، و قد ضحكت الحيوانات و الطيور الصغيرة على بطنه الضخم المتدلي .
كان هذا الوحش قد شاهد ـ و هو في الجو ـ بعض الأعشاش التي ملأتها أمهات الطيور الصغيرة بالغذاء ، فأسرع إليها ، هاوياً من السماء حتى نشب في ورطته في الشجرة ..
و الآن ماذا تفعل هذه الكائنات المتجمعة حوله ؟
بعضها مضى إلى سبيله ، و آخرون هزوا رؤوسهم مرددين بعض الحكم ، و جمهور منهم بقي للفرجة والسخرية بعض الوقت ، ثم تفرقوا .. لكن الطائر الفيل المعلق ظل يزعق ، و قد انفتح منقاره على الآخر .. و كانت الطيور المسافرة التي تمر من طريق شجرة السدر تلك ، تقترب منه ، و تضع الطعام في فمه الواسع ، ظانة أنه يزعق من الجوع .. و مع كثرة ما يوضع في فمه من أكل فقد كف عن الزعيق ، و أخذ يلتهم كل ما يوضع في فمه ، و يرسله إلى بطنه بسرعة .. و أخذ البطن يكبر ويتسع و يثقل حتى اقترب من الأرض ، ضاغطاً الجناحين ، و شاداً على رأس الطائر و منقاره .. الجناحان انضغطا حتى صارا طويلين كورقتين عظيمتين .. والمنقار بدأ يلين هو الآخر متحولاً إلى خرطوم طويل .. وهكذا ، و فيما الكائنات تمشي في طريق شجرة السدر سقط الجسم الضخم في الأرض .. و تجمعت الكائنات حوله مرددة باستغراب سؤالها الذي تحول إلى اسم دائم :
· ما هذا الفيل؟
نهض الفيل الثقيل بصعوبة ، و مشى في الطريق إلى الغابة .. و عيناه الصغيرتان تدمعان : حيث لن يطير مرة أخرى !