بتـــــاريخ : 10/15/2008 9:05:30 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1086 0


    المرآة

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : صالح الأشقر | المصدر : www.arabicstory.net

    كلمات مفتاحية  :
    قصة المرآة

    المرآة

     

     

    يقف أمام المرآة نصف ساعة كل يوم , ثلاثين دقيقة لا تنقص ولا تزيد. قي الدقائق الأولى يتفحص و جهه بصورة شاملة ثم يدخل في التفاصيل :العينان مازال بهما بريق خفيف والسواد واضح , إلا أنه يبدو علبهما الإرهاق قليلا, فيتمتم ويلعن السهر . شعر الحاجبين كث وتتخلله بضع شعيرات تميل للبياض ولكن ذلك يوحي بالهيبة والوقار .يفتح عينيه على وسعهما ويقترب من المرآة أكثر ويقول في نفسه وبصورة إستنتاجية مثل كل مرة : مشكلة النظر تحل بالنظارة ! ولكنه في هذه اللحظة يرى أن شعر العينين قد بدأ يتباعد وأن خطوطا صغيرة قد أخذت تتلوى تحتهما . يمرر أصابعه على التجاعيد الصغيرة .. يتنهد ويحرك رأسه الى الوراء قليلا ويقول باقتناع تام : إنه الأرق المزمن , ثم يستدرك ويقول : المهم النظرة ذاتها .. فكلما كانت جذابة وغامضة كلما كان تأثيرها أكبر . يرسم ابتسامة صغيرة على المرآة , ويحاول أن تكون العينان مصدرها وتنصب الشرك بطريقة خفية وغامضة , ودائما بنجح بعد المحاولة الثالثة ويشعر بالزهو .يرفع يده اليمنى ييطء وتستقر أصابعه فوق حاجب عينه الأيمن , ويبدأ بمسح الشعر يهدوء ولذة , ثم تنتقل الأصابع الى الآخر ى لكن ببطء أشد .. وحين تحجب يده الضوء عن العين الأخرى تغوص التفاصيل في ضباب رقيق , فتسقط يده بسرعة وخوف .تركض أصابعه نحو شعر شاربه ويبدأ بتمسيده وقضم الشعيرات الطويلة .. ويرطبه بلسانه .. فكر مرارا في أن يتخلص من هذا الشعر.. الشنب .. عنوان الرجولة , ولكنه دائما يتراجع حين يتخيل وجهه بدونه .. صحيح أنه قد يبدو أصغر سنا وأمردا ونظيفا ولكنه يعتقد أنه بلا شارب كأنه واحد قد سقطت عنه ملابسه عرض الطريق أو إنسان ناقص .. غير أنه وفي كل مرة يفكر فى ذلك يكتفي بلبتسامة وينسى المسألة من أصلها .ينظر مليا الى وجهه وتغرب ابتسامته وهو يرى تلك الكتلة المترهلة تحت اللحية والتي تتدلى بلستمرار كلما أخفض رأسه .. ومن أجل إخفاء اللحية الثانية كما يسميها تدرب على رفع رأسه بين حين وآخر وتدليك رقبته باستمرار , وخاصة حين يبدو في حالة تأمل وتفكير , حتى غدت تلك الحركة عادة مستحكمة وجزء من شخصيته .كشر فى المرآة وأطبق أسنانه على بعضها , وأخذ يتفحص ترتيبها وأحيانا يدس أحد أصابعه ويضغط على أسنانه الإمامية ويقول في نفسه : إنها ماتزال متماسكة وقوية ولكنها مصطبغة باللون الأصفر , ثم ينظر بتركيز أكثر ويضيف :اللعنة .. لو كنت قد نجوت من عادة التدخين مبكرا لبدت الأسنان أجمل وأنصع , ولكن لايهم فلربما تدارك الأمر وزيارة عيادة الأسنان قد تحل المشكلة .إبتعد عن المرآة خطوة صغيرة واحدة , فى حين تسللت يده الى رقيته وأخذ يدلكها برفق ويهمس لنفسه : الزمن يفعل فينا فعله الأبدي , ولكنه يطال الظاهرمن الجسد الفاني , ولكن الداخل .. الأعماق والأيمان يبقى ظويلا ويتجذر .راقت له هذه النتيجة واعتبرها فكرة قابلة للنقاش والكتابة ,خاصة مع اولئك الذين يتهامسون فى الخفاء ويقولون أن السنوات بدأت تزحف عليه وتجرده من إشراقاته .كانت الساعة تشير الى السابعة والنصف عندما غادر المرآة ومشى بيأس وتؤدة واتجه الى طاولة الطعام .. تناول قطعة خبز صغيرة ودسها ببطء في فمه وأخذ بمضغها ياشمئزاز ويأس.. وتمنى لحطتها أن تنتهى هذه الوحدة القاسية .. ثم غادر بيته واندس فى سيارته الصغييرة , وهو لا يفكر في شئ سوى التحرر من سلطة المرآة .تابع طريقه ولاحظ لأول مرة كثرة المباني المشيدة على جانبي الطريق .أخذ قلبه يدق وعيناه تمطران , واختلس نظرة خاطفة الى وجهه فى المرآة المعلقة أمامه

    كلمات مفتاحية  :
    قصة المرآة

    تعليقات الزوار ()