فإن الدعوة للقراءة والكتابة هي أول ما نزل على رسولنا صلى الله عليه وسلم، حيث جاء في سورة العلق: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، ثم جاءت الإشارة إلى وسيلة التعلم وهي الكتابة بالقلم، والأمة التي لا تقرأ أمة ميتة، ويؤسفنا أن نقول أن أمة (اقرأ) لا تقرأ.
وكم نحن سعداء بهذه الاستشارة التي تبشر بأن فجراً جديداً قد طلع طالما وجد في فتياتنا من تسأل عن القراءة الفعالة وعن أوقاتها وأساليبها.
وأرجو أن أقول لك: إن التي تقرأ تضيف أعماراً إلى عمرها، وتكتسب خبرات الشعوب والأمم، وما أحوجنا إلى أن نربي أنفسنا على كثرة القراءة والكتابة.
ونحن في الحقيقة ندعوا من تريد أن تقرأ إلى ضرورة أن تستشير أهل الاختصاص؛ لأن ذلك يقصر لها الطريق، ويفيدها في التدرج والتسلسل في القراءة، ويطلعها على الكتاب الذي يعين ويسد مكان كتب كثيرة، وأرجو كذلك أن تحددي أهدافك من وراء القراءة، فإن تحديد الهدف يعين في الوصول إليه، وحبذا لو كانت معك أوراق حتى تلتقطي الدرر، فإن الأمر كما قال الشاعر:
العلم صيد والكتابة قيده **** قيد صيودك بالجبال الواثقة
فمن الحماقة أن تصيد غزالة **** وتتركها بين البرية طالقة
ومن الضروري أن تكون الإنارة معتدلة، وأن يكون الكتاب في مسافة معقولة ويفضل أن يكون الظهر مستوياً، ومن المستحسن أن تتحركي وتغيري مكانك أو هيئة جلوسك بعد كل مدة، ويمكنك أن تخرجي إلى حديقة المنزل ثم تعودي للقراءة ووقت البكور مفيد في المذاكرة والكتابة، ومنتصف النهار أفيد في التلخيص والاستنباط، والتعلم يزكوا بالجمع بينهما.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بضرورة أن يكون للقرآن وعلوم الشريعة الحظ الوافر في قراءتك، مع ضرورة أن تحددي الذين سوف تتلمذي على كتبهم ومؤلفاتهم، فإن القراءة كالرضاعة يتأثر بها الإنسان، نسأل الله لك العلم النافع والعمل الصالح.