تغزل العناكب التي تعيش خارج المنزل نوع من النسيج معروف باسم الفلك نسبة الى شكله الدائري ، وهو قطعة هندسية رائعة من الخطوط المتناسقة التي تظهر بشكل بهي جدا تحت أشعة الفجر الأولى .
وأنثى العنكبوت هي التي تقوم بمهمة بناء النسيج . وتستخدم ضغط بطنها ، لتدفع الخيوط الحرارية خارج الغدد الست الموجودة في بطنها ، وتقوم بربط طرف الخيط الأول ، المعروف باسم الجسر ، بساق عشبة ما ، أو ورقة شجر . ثم تهبط الى الأرض مع الخصلة ، وهي مستمرة بعملية الحياكة ، ثم تنزل الى الأرض وتصعد إلى نقطة أخرى مرتفعة ، لتسحب الخيط بقوة ، وتربطه في مكانه جيدا باستخدام مادة لاصقة تخرج من إحدى غددها أيضا . فتقوم أولا بتثبيت خصلة ، بشكل أفقي دائما ، ثم تسقط خيطين حريرين في كل طرف من أطراف الخيط الأول ، وذلك لتكوين جسور أخرى اقل ارتفاعا من الأولى والتي ستصبح أساس شبكة العمل . ثم تقوم بغزل خيوط عدة داخل شبكة العمل هذه ، على أن تلتقي الخيوط جميعا في الوسط .
وهنا يأتي العمل الذكي ، حيث تقوم بوضع المادة اللاصقة على الخيوط الخارجية من الشبكة فقط ، وعندما تنتهي كليا من صنع الشبكة تكمل عملية وضع الغراء في الداخل وعلى بعض المقاطع فقط بحيث تترك مكانا لها لتتحرك عليه بسهوله .
بعد إنجاز الشبكة ، تقوم العنكبوته بصنع عش صغير لها بالجوار ، وعادة ما تقوم بلف ورقة شجر وتضع لنفسها بالداخل سريرا مريحا من الحرير . لأنها بالطبع قد تنتظر طويلا قبل وصول ضحيتها الأولى .
واخيرا تقوم بوصل خيط انذار بين عشها والنسيج ، كي تشعر بأي اهتزاز قد يحدث على النسيج نتيجة سقوط أي حشرة عليه. وعند حدوث هذا الاهتزاز تسرع الى وسط النسيج لتعرف الشيء الذي ستتعامل معه . وبسبب الضعف الحاد في الرؤية عندها ستعتمد العنكبوته على حواسها الأخرى لتحديد صفات الفريسة . فإذا كانت ضخمة ومميتة تطلق سراحها من بعيد ، اما إذا كانت كبيرة ولا تؤكل ، كاليعسوب ، فستلفها بخيوط الحرير من بعيد أيضا ،باستخدام عضو متخصص آخر ، هو الغدة العنقودية الشكل . تجهد الحشرة الفريسة نفسها بمحاولة التخلص من الشرك ، بعد ذلك تبدأ العنكبوته بالتقدم نحوها عبر الخيوط الآمنة التي تركتها لنفسها دون مادة لاصقة ، وإذا صدف أن أخطأت مرة ووضعت أرجلها على المادة اللاصقة فإن جسمها سيفرز مادة كالزيت تعمل كمحلل كيميائي للغراء ، يساعدها على التحرر من جديد .
قد لا تحب العناكب ، لكن حين تفكر بقدرتها على تدمير الحشرات وتنظيف الأماكن الزراعية منها ، فلن تقلل من شأنها وقيمتها بعد اليوم .