بتـــــاريخ : 10/12/2008 8:57:43 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1384 0


    مبدأ الحتمية في نقد التاريخ

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : عبدالكريم يحيى | المصدر : www.arabicstory.net

    كلمات مفتاحية  :

    مبدأ الثالث المرفوع لا يصلح دائماً للتعامل مع الأشياء، ما ليسَ صواباً فهو خطأ، مَنْ ليسَ معنا فهو ضدنا، كذاك الوالي الذي أحرق خزانة الكتب، مبرراً: إنَّ ما فيها إمَّا مطابقٌ للقرآن فلا حاجة لنا به، أو هو ضد القرآن فهو تهديد خطير، أو قصة إصابة الجاحظ بمرض الفالج، حيث دُعيَ إلى وليمة كان مع الحضور طبيب نصحَ الجاحظ بأن لا يجمع بين صنفين، فأجابه الجاحظ متفذلكاً لا يعدو الأمر من احتمالين، فإمَّا أن يكون الصنفان من نفس الطبيعة فكأني أكلتُ الشيء نفسه، أو هما من طبيعتين متضادتين فيذهب هذا بضرر ذاك، وراح يأكلُ ويضحكُ مفتخراً من ضعف حجة الطبيب، وفي الليل أصيب بالفالج فجاء أصدقائه يعودونه فقال لهم إنما أصابني علم الكلام، والذكيُّ منا لا يسلم من الخطأ، وكلنا يعتقد بقوة بأنَّه مصيب غير مخطئ، فما يدرينا أننا مخطئون حين نعتقد بصوابنا، وهناك ما هو حتمي، لا تنفعه القوة، والمهارة أقوى من القوة بحسب بوذا، يجب أن تُكيِّفْه أو تَتَكَيَّفْ معه بحسب المصالح الدائمة.
    إنَّ ما يسميه المؤرخون بفترات السلم، هي في الحقيقة فترات حرب باردة، أو يجري فيها الإعداد لحرب ما، فالحكام إن لم ينشغلوا بحروبٍ خارجية، اقتتلوا مع أقربائهم وشعوبهم.
    مسيرة بني آدم = ماضي + حاضر + مستقبل / حرب ساخنة + حرب باردة + حرب ساخنة.
    إذا كسب الحرب مجدوه، وإنْ خسرها لعنوه، والحرب عفنة بحسب تولستوي وعاهرة بحسب همنغواي، ولعبة خطيرة تستدرج الأغبياء فقط ليقامروا بكل شيء بدءا بأرواح الأبرياء انتهاءا بكوخٍ صغير يحترق في الغابة غدراً، ولا أحد يحبُّ إطالتها، وأول من يملها الذين ابتدروها، وليس الزير سالم أول ولا آخر الفارين من الحرب الطويلة بجحشٍ بعد الحصان السريع، نابليون بونابارت اكتسح روسيا، وعاد يجرُّ جحشه ليستمكنه الدوق ولنغتون في واترلو 1812، ولم يتعظ هتلر فَطَمَعَ في أَولٍ شريكٍ له في حربه، روسيا التي اقتسمت معه بولندا، فغرق جنوده في الثلج والدم ووحل الهزيمة، واستسلم منهم الآلاف، صدام اكستح عبادان وقصر شيرين والأهوار وزيزفون مستغلاً ضعف الجيش الإيراني بحسب معلومات مدسوسة، فغرقَ في حربِ الثمان سنين، ولم يتعظ فأعاد الكرة مكتسحا الكويت في ساعات، لينتهي سجينا في أحد القصور التي بناها ببذخ المرمر الإيطالي بينما يموت من شعبه الآلاف جوعاً، جورج واشنطون المجرم المطلوب رقم واحد بتهمة ارتكابه جرائم ضد العرش البريطاني ولقتله جنودا بريطانيين، بعد أنْ كسب حرب الاستقلال صار يسمى الأبْ واشنطن، ولندن تخطبُ وده، ولو فازت به لَرَمت به للكلاب، وسميت العاصمة باسمه، شارل ديغول يقاوم الاحتلال النازي لفرنسا ويلاحق رجاله في باريس عملاء الاحتلال في المقاهي والشوارع، يضطهد الشعب الجزائري وينكل بهم، ويَحْكُمُ رئيس فرنسا بالإعدام الجنرال بيتان رئيس حكومة فيشي التي استسلمت لهتلر لتنقذ باريس من الدمار، ثم يخفف حكمه إلى المؤبد ثم النفي، الإرهابي ياسر عرفات صار مناضلا، ويستقبله زعماء أوربا ويحتفي به البيت الأبيض، ويظهر على شاشات التلفاز مع زعماء عرب يبكون إسحاق رابين وعلى منصة التأبين، وقال أحد زعماء العرب أنَّ رابين كان من أعز أصدقائه منذ أكثر من ثلاثين سنة، قال ذلك وهو يمسح دموعه، فلماذا الحرب بين الشعوب إذن إذا كان الرؤساء أصدقاء؟ والمناضل الذي كان يرفض الزواج بدعوى زواجه من القضية الفلسطينية، تزوج من فرنسية شقراء، وأنجبت له بنتاً رغم أنَّها لم تدخل فلسطين قبل ست سنوات من موته، وكانت تمنع عنه الزوار في المستشفى الفرنسي، وخاصةً محمود عباس، قائلة للإعلام إنَّهم لا يحبونه ولا يطيعونه إلا لإنَّه الوحيد الذي يعرف أرقام حسابات أموال السلطة الفلسطينية في بنوك سويسرا، والإرهابي جورج قرنق المطلوب رقم واحد لدى حكومة السودان صار نائباً لرئيس السودان ليموت في حادث سقوط طائرته الغامض، ونيلسون مانديلا الذي قضى ربع قرن في سجن جنوب أفريقيا، خرج ليعتلي سدة الحكم، جلال الطلباني رجل محكوم بالموت يلوذ بالجبال، لم يشمل بعفوٍ أبداً، لم يلبث أن عاد رئيساً للدولة التي كانت جيوشها وأجهزة أمنها تلاحقه، ورئيس استخبارات صدام لسنين طويلة حتى إبان أنفلة الشعب الكردي هو اليوم مستشاره، وجنود صدام جنوده. لكن هذه التحولات جميعاً تمت تغذيتها بدماء الأبرياء الفقراء البسطاء الذين هم وقود الحروب.
    فلماذا يجب أن تسيل دماء كثيرة وتخرب مدنٌ عامرة قبل أن يفكروا في إيقاف الحرب؟
    الرئيس الفيتنامي نودينه ديام وجه الدعوة للولايات المتحدة لتمدَّ لهُ يدَ العون، وبعد حرب عفنة وكثيرٍ من الدمار، وفي أوائل أيار 1968 استيقظ المحاربون وقد توافدَ إلى باريس نحو ألفي صحفي لتغطية وقائع الجلسات الأولى من محادثات السلام بين واشنطن وهانوي، وتساءل العديد منهم: كيف يُعقل أن يحدث ما حدث؟ كيف يُعقل أنْ يُجبر عملاق الغرب وهو في أوج جبروته النووي أن يفاوض في شؤون الحرب والسلام دولة صغيرة ومجزأة ومتخلفة كفيتنام؟.
    وقبل الانسحاب الأمريكي كان الرئيس الأمريكي جونسون قد عزل قائده في فيتنام وستموريلند بينما كان الأخير يردد(الفيتكونغ يحتضرون في الجنوب والشمال يتهاوى متصدعاً تحت ضربات القنابل، وجبهة التحرير الوطينة وجمهورية فيتنام الديمقراطية على وشك الانهيار) فتساءلت الصحافة إذا كان ما يقوله صحيحاً فلماذا عزلوه؟ واليوم يستقيل رامسفيلد بينما يتبجحون بالنصر الوشيك، وفي الثاني من ك2 عام 1956 أبحر كاسترو مع 82 من رفاقه نحو كوبا، وبعد أيام خاضوا معركة ضارية فبقيَ منهم 12 فرداً، لكن وبعد مرور 25 شهراً أصبح لكاسترو قوةً سحقت جيش الدكتاتور باتيستا المكون من خمسين ألف والمدعوم من الولايات المتحدة.
    في ت2 من عام 1954 بدأ أحمد بللا مع ستة من رفاقه المتأثرين بهزيمة الفرنسيين في ديان بيان فو عام 1954، وانسحابهم من فيتنام، وفي منطقة الأوراس شكل جيشا جزائرياً صغيراً أجبر الفرنسيين على الانسحاب بعد احتلالٍ دام قرناً من الزمن.
    وبعد احتلالٍ دام عشر سنوات، خطب ميخائيل غورباتشوف  في الأمم المتحدة وطالب، بوقف إطلاق النار ابتداء من 1/1/1989، واحتفاظ المقاومين وحكومة نجيب كل بما  لديه من أرض، وإرسال قوة من الأمم المتحدة  في فترة  قريبة  إلى كابل، وعقد مؤتمر  دولي لتحييد أفغانستان وجعلها منطقة منزوعة السلاح، مع مساهمة روسيا في معالجة جرحى الحرب وإعادة تعمير أفغانستان التي خربتها الحرب ولا زالت. وكان المقصود من الخطاب كله، حفظ ماء وجه روسيا  بأنها انسحبت حسب مؤتمر دولي ولكن في فمه ماء!! وهل ينطق من في فيه ماءُ؟ وفي 14/1/1989 فقد اجتمع فورنتسوف وكيل وزارة الخارجية روسيا مع المقاومين في الطائف محاولاً أن يزج ببعض الوزراء  الشيوعيين في الحكومة الجديدة التي سترثهم فوق سدة الحكم في أفغانستان لكنَّه فشل في مسعاه.
    الواقع يكون حاضراً في لحظة قصيرة ثم يغيب ليتحول إلى إيحاءات ورموز في القصص والروايات وما يسمى بحقائق التاريخ، وإذا أُريدَ لحدثٍ ما النجاةُ من مصير آلاف الأحداث المتعاقبة في ظلمات التيه، سيرتبط بتاريخ جذرنة الصور داخل مخيال المجتمع ولا وعيه.
    التاريخ يطارد الشعوب، وهم إمَّا مُغَيِّرين لحقائقه، أو فارين منه، أو منغمسين فيه عالقين، أو متبرئين منه منكرين أحداثه، ويقول مونتسيكيو(أسعد الشعوب شعبٌ بلا تاريخ)عبارة غامضة فأنا لا اعتقد بوجود شعب بلا تاريخ، لا بل لا يوجد فرد بلا تاريخ، فلكل فرد مراحل(ولادة-نشأة ونمو-رجولة- شيخوخة وهرم-فناء)وهي نفس المراحل التي تمر بها الدول بحسب ابن خلدون، ولو أكمل مونتسيكيو عبارته فقال(بلا تاريخ دموي) ولكن لو افترضنا أن الشعب العراقي بلا تاريخ، أليس من الأفضل؟ لأنَّه وبعد مرور أكثر من ألف سنة، لا زالت ثاراتهم لم تهدأ.
     تأثير النبوءة
    الماضي غيب معلوم، والمستقبل غيب غير معلوم، ومن الممكن أحياناً أن نستنتج من غير المعلوم معلوماً، والتاريخ في مفهومه التقليدي يُعنى بسرد الأحداث الماضية بأمانة وحياد تام، دون تحليل أو تعليق أو دراسة، من تعاقب الملوك والرؤساء، وقيام الدول وسقوطها، دون اهتمام بالمستقبل، وركز اهتمامه برؤساء الناس وحكامهم دون الاهتمام بالمجتمع الذي خرج منه هؤلاء وهيأَ لهم الظروف المناسبة ليعتلوا رقاب الناس. ورؤساء الناس هم الذين يكتبون التاريخ أو يملونه بما يتفق مع ميولهم، وكلما جاء حاكم نادى بضرورة إعادة كتابة التاريخ وتخليصه مما علق به من أكاذيب المغرضين والمدلسين، والتاريخانية Historirisme هي طريقة معالجة العلوم الاجتماعية بافتراض أن التنبؤ هو غايتها الرئيسية، كما تفترض إمكانية الوصول إلى هذه الغاية بالكشف عن السنن الإلهية أو القوانين أو الاتجاهات أو الإيقاعات أو الأنماط أو الأنساق الثقافية التي يسير التطور التاريخي وفقها، وهي طريقة قد تنجح أحياناً ولكن ليس بتلك الدقة التي تنطبق فيها قوانين الفيزياء التي تقول أينما تكن الظروف متشابهة تحدث أشياء متشابهة، ومن هنا اشتقت نظرية رايموند كاتل(إنَّ دراسة الصفات السيكولوجية لنشأة شخصٍ ما تجعلنا نتنبأ بِما سيفعلهُ هذا الشخص في ظروف معينة).
    هذه النظرية التي أوحت لساسة البيت الأبيض بأن يدفعوا إلى صدام عشرات الصحفيين والصحفيات للإطلاع على نشأته قبل بدء حرب الخليج الثانية 1991، ونحن لا نتوقع أبداً الحصول على نبوءة ذات طابع تجريدي محض، أو ذات دقة عالية كالعلوم الفيزيائية والرياضيات فالاستنباط لا يعطينا نتائج نهائية لا تقبل التشكيك كناتج عملية 1+1 .
    إنَّ التنبؤات تؤثر سلباً وإيجاباً في حركة التاريخ، سواء على المستوى الفردي، حيث دفعت أوديب إلى قتل أبيه، بعد أن دفعت أباه إلى محاولة قتل أدويب، وأنا أعرف رجلاً كان مع زوجته سعيداً، فقالت له كاهنة إنَّه سيتزوج ثلاث مرات، وظلَّ يردد هذه النبوءة، التي جعلتهُ مخلصاً لها بحيث خلق الأسباب التي أدت إلى انفصاله عن زوجته، ليتزوج الثانية، أو المستوى الجمعي، وهو يتشاكل مع الثانية ويردد الثالثة ثابتة، وبسبب استيعاب هيغل الجيد لحركة التاريخ كان فرحاً باجتياح نابليون لألمانيا مما دفع البعض لاتهامه بالخيانة، لكنَّه كان يعتقد بأن طغيان نابليون هو السبيل الوحيد لتوحيد بروسيا لأنَّ رؤية هيجل للتاريخ تركز على التغير والتطور، ونبوءة هيغل هي التي جعلت بروسيا تتحد في ألمانيا التي تضم قوميات مختلفة، وهي نبوءة إيجابية، ودفع فوكوياما صقور الكونغرس إلى حربٍ لم تنته بمعركة واحدة، كما أخبرهم قائلاً(ليس ثمة منافسون آيديولوجيون للديمقراطية الليبرالية)، وكذلك هنتغتون جاء ليكمل نبوءة فوكوياما من حتمية صدام الحضارات، الذي لا يساوي شيئاً غير الخراب. ويقول كارل بوبر(وهذا سبب قيامي بإطلاق الاسم(تأثير أدويب)على تأثير التنبؤ في الحادثة المتنبأ بها، سواء مال هذا التأثير إلى تحقيق الحادثة المُتنبأ بها، أو منعَ حدوثها) . وتمَّ وضع نظريات عديدة لتفسير حركة التاريخ نذكر منها:
    1- السنن الإلهية: حاكم + ظلم =هلاك/ حاكم + عدل = نجاة
    بحسب النصوص المقدسة. يقول تعالى( وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُون) هود-117- ويقول تعالى (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا)الأحزاب-38- كمصير قارون للأثرياء وهامان لذوي الجاه والمناصب  وفرعون للملوك( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ)-92-يونس، ويقول العلماء(إنَّ الله ينصر الدولة الكافرة بعدلها على الدولة المسلمة بظلمها) فهلاك فرعون وبقاء جسده محنَّطاً للتدليل على مصير الفراعنة من بعده، وهو مصير كل فرعون، يقتله غروره، نابليون اكتسح أوربا لكنه طمع في روسيا واغترَّ بجيشه، ولم يقع في حسبانه طول خط المواصلات والثلوج ومقاومة الشعب الروسي، وكذلك من بعده هتلر، وصدام في ضمِّه للكويت، وأمريكا في احتلالها للعراق، هكذا تنجرُّ الفراعنة وراء أطماعها، وتتجلى السنن الإلهية بصورة أوضح في التعاقب على السلطة، وفي أسلوب تعاقب الحكام والملوك يقول تعالى(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) القصص-5- ونريد أن نمن أي نتفضل عليهم وننعم ونجعلهم ولاة وملوكاً ، دليله قوله تعالى( يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وآتاكم ما لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ)المائدة-20. وقوله تعالى( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا)الأعراف -137، وهكذا يناضل المستضعفون ويضحون بالغالي والنفيس في سبيل الخلاص من الوحش السلطة الظالمة، ولكن هذه الفئة المستضعفة لا تلبث قليلاً في السلطة حتى تتحول إلى غول، ويقول نيتشة عليك أن تكون حذراً وأنت تقاتل الوحش لأنَّك من الممكن ان تتحول إلى غول، وهو ما يحدث غالباً.
    إذن يمكن لقوانين التاريخ أنْ تكون إلهية كما استنتج أفلاطون، وكما قال الشاعر المفتي فتح الله  :  تَوَكَّل  عَلى  اللَّهِ  العَظيمِ  جَلالُهُ         وَسَلِّم   إِلَيهِ الأَمرَ تَسلَمْ  وَتغنَمِ
           وَلا تشهدِ الأَسبابَ وَاِترُك شُهودَها       فَمَن شاهَدَ الأسبابَ لا شكَّ يَندَمِ
    2- تطور المعارف الإنسانية: أي قائمة على إرادة الإنسان وطريقة تفكيره وفعالياته بحسب هيغل، فمن يزرع الريح يحصد العاصفة، ومنْ جدَّ وَجَد، وكما قال الشاعر سيف الدين المشدّ  :
    وفساد الحراس مع خلل الفهم         يقيناً من أعظم الأسباب
    فلسفة هيغل في صراع الأفكار هي التي أوحت إلى كاتب مغمور هو فرانسيس فوكوياما في كتابة مقاله(نهاية التاريخ)في صيف 1993، هذه المقالة التي داعبت آمال الليبراليين بأنَّهم قد انتصروا على البشرية، وهذا النجاح شجع فوكوياما على استحلاب مقاله المطاطي مستخرجاً منه كتاباً كان وراء صعوده الصاروخي في المناصب إلى أن وصل إلى عميد كلية القانون في جامعة واشنطن، 2005 ورئيسا للعديد من مراكز الدراسات، وأسقط فكرته على انهيار المعسكر الاشتراكي والمنظومة الشرقية
    3-  القوى المادية للإنتاج بحسب ماركس:
        حاكم + طمع + سوء توزيع = ثورة / حاكم + وفرة إنتاج + عدالة توزيع = نجاة
      وماركس اعتمد على قوانين تطور المجتمع وتنبأ بانهيار النظام الرأسمالي في بريطانيا وتحولها إلى النظام الاشتراكي، لأنَّها أول دولة في التاريخ دخلت الرأسمالية فيجب أن تكون أول دولة تخرج منها، لكن هذا لم يتحقق، فجاء لينين من بعده ليقول أن ماركس لم يخطأ، وسبب توقف قوانين ماركس عن العمل يعود إلى أحداث وقعت في القرن العشرين لم يتوقعها وهي دخول الدول الرأسمالية التي كانت ستنهار لولا استعمارها لدول العالم الثالث ونهب خيراته وما ترتب على ذلك من انتعاش للاقتصاد وتوفير فرص عمل لطبقة البوليتاريا، ولكن لينين وهو يدافع عن أستاذه ماركس غضَّ البصر عن أن هذه الدول كانت قد دخلت مرحلة الاستعمار لدول أخرى منذ القرن الثامن عشر وهي يعني
    وسئل مرةً جورج برناردشو عن صلعة رأسه وطول لحيته، فأجاب: شعر رأسي يشبه الرأسمالية، وفرة إنتاج وسوء توزيع،  بحسب معطيات التاريخ.
    كما قال الشاعر المكزون السنجاري  :
                 وَسَيرُ ذي القَرنَينِ وَاِتِّباعُهُ ال              أَسبابَ وَالسَدُّ المُشادِ وَالزُبُر
    فحين عرض الناس على ذي القرنين مالاً مقابل أن يبني لهم سدّاً يقيهم من شر يأجوج ومأجوج رفض المال، ولكنَّه طلب المواد الأولية واليد العاملة، وسماهما القوة، فإن كانت رؤوس الأموال ثابتة في المصارف مقابل الفوائد، فإنَّ القوة للمصارف لا لصاحب المال، كما الأمر في رؤوس الأموال العربية في المصارف الأمريكية.
    4- الأنساق الثقافية:
     فبينما كانت فوضى السياسة والمجتمع الاليزابيثيين هما موضوعة مسرحيات شكسبير، كان الصراع الطبقي موضوعاً رئيسياً لمسرحيات برناردشو، فالتاريخ  يكتب بحسب النسق الثقافي السائد في العقل الجمعي، والمبدع يكتب حسب حاجة مجتمعه وبارت(اعترض على كون النقد غير تاريخي في معظمه يقوم على فرضية مؤداها أن القيم الأخلاقية والشكلية في النص المدروس لا تخضع للزمن ولا تعتمد بأي شكل من الأشكال على طبيعة المجتمع الذي كتبت تلك النصوص له) . والنسق الثقافي في العراق كان يسير في ظل قاعدة تغييب المفكر، تارةً بالترهيب أو بالترغيب، بالقتل أو السجن أو الإبعاد، وعبر حقب التاريخ المختلفة وفي ظل غياب المفكر يظهر الصنم كمعبود للناس، ولا بد للصنم أن يسقط في أيديهم كأصنام النمرود، وفرعون موسى

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()