وهي .. مطربة ناشئة .. عانت طويلا كي يتعرف عليها الجمهور .. وقد وهبت نفسها للفن .. ومنحت إحساسها لما تغنيه .. ولم تسمح لأي شخص أن يدخل في قلبها كي لا يتقسم ذلك الإحساس بين الفن وبين الحبيب
كان جادا وملتزما .. لم يكن في حياته أي ترفيه على الإطلاق .. تعرف عليها فعاد كل المرح إلى روحه .. غيرت من حياته الكئيبة المنغلقة الصارمة .. حركت فيه كل ما نسيه من أحاسيس مرهفة ومشاعر لم يكن يعلم أنها لا تزال بداخله .. أحبها وعشقها بجنون .. فقد كانت أول حب له .. وإشراق شمس بعد طول ظلام
وهي .. كانت مرحة منطلقة غير عابئة بأي شيء .. تعرفت عليه فأضفى على شخصيتها كل ما كانت تفتقده من نظام وتفكير وتعقل .. علمها كيف تخطط لحياتها .. ووجدته شخصا مختلفا غير كل هؤلاء الذين يحيطون بها في مجال عملها .. أحبته وعشقته .. فقد كان لها نصفها الثاني الذي طالما افتقدته .. وأخيرا وجدته
أخبرته بأنها أخيرا قد تأكدت من أنها بفضله قد أصبحت ذات شخصية مميزة .. خليطا بين مرحها والتزامه .. إنها تعلم الآن كيف تخطط لمستقبلها الفني بعد سنوات طويلة من العبث .. فقد تعاقدت للتو مع شركة من شركات الإنتاج الفني .. سيقدمون لها كل ما كانت تفتقده من دعم .. وسيقومون بتوفير الشهرة والانتشار لها .. ولن يكون ذلك إلا بتصوير إحدى الأغاني
قالت: اتفقت معهم على أن أكون شيئا مختلفا .. لن أكون تكرارا لهؤلاء العابثين .. لكنني سأنشغل عنك قليلا حتى أنتهي من ذلك التصوير لكنني أريدك أن تكون أول من يخبرني برأيه .. أتدري ماذا سأفعل إذا نجحت؟ لن أرضى بأقل من أن نتزوج بعدها مباشرة .. وأنا في قمة نجاحي .. والذي هو نجاحك أيضا بالتأكيد
غابت أسابيع ثلاثة .. إلى أن تم عرض الأغنية المصورة في جميع القنوات التليفزيونية في يوم واحد .. توقعت أن يتصل بها فورا لكنه لم يتصل بها .. تخطت لحظات الدهشة وأسرعت هي كي تتصل به .. لم يرد .. عاودت مرة أخرى .. لا يوجد رد .. مرة أخرى .. لا رد .. لابد أن هناك شيء ما ليس على ما يرام .. أخيرا يرن جرس الهاتف .. لكنها كانت إحدى القنوات التليفزيونية تدعوها لإجراء لقاء تليفزيوني كسبق إعلامي لتلك القناة .. لم تتردد في الموافقة .. لتنشغل يوما آخر
تستيقظ في اليوم التالي بعد تعب جم .. جرس الهاتف مرة أخرى .. لعله هو .. لكنها قناة تليفزيونية أخرى .. برنامج آخر .. تنشغل يوما ثانيا وثالثا .. الجميع يحتفي بها إلا هو .. الجميع حولها لكن حبيبها غير موجود .. ماذا حدث يا ترى؟ تقرر أخيرا أن تذهب إليه رغم انشغالها وإرهاقها .. لا يوجد حل سوى ذلك .. وأخيرا وجدته
وجدته لكنه لم يكن كما تعرفه .. إحساسها الذي دائما يميزها ينبئ بذلك .. صرخت فيه بصوت مبحوح يملؤه العتاب والحنان والشوق: ماذا دهاك؟ لماذا تتهرب مني؟ ما الذي غيرك؟ أتغير من شهرتي؟ ما هذه الفواصل التي أحسك قد بنيتها بيننا؟ هل يكون بين الأزواج كل لك؟
أجابها في حسرة: لسنا زوجين .. نعم .. لا يمكن أن نكون زوجين .. لا أدري ما الذي أعمى بصرك عما فعلتيه .. أيكون ذلك ثمن الشهرة لديك؟ ما هذا الذي كنت ترتدين خلال الأغنية؟ عزيزتي .. لقد رأي الجميع صدرك بوضوح .. لقد كشفت عن ساقيك للجميع .. إنك الآن للجميع .. زوجة للجميع .. عارية للجميع .. أأتزوجك وقد رأى الكل منك مثل ما سأراه عند زواجنا؟ أأتزوجك وقد نهل الجميع من جسدك بعيونهم وخيالهم؟ يا للأسف .. لم تعودي لي وحدي منذ ذلك اليوم .. ولن أقبل يوما أن يشاركني أحد في زوجتي .. حتى لو بعيونهم