بتـــــاريخ : 9/30/2008 6:56:17 PM
الفــــــــئة
  • طرائف وعجائب
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 603 0


    العمل الليلي للمرأة بين الحاجة والمجازفة.. ومجتمع لا يرحم

    الناقل : ام احمد | العمر :41

    كلمات مفتاحية  :
    المراة

    العمل الليلي للمرأة بين الحاجة والمجازفة.. ومجتمع لا يرحم

     
     

     العمل الليلي للمرأة بين الحاجة والمجازفة.. ومجتمع لا يرحم

    قد يكون العمل الليلي لبعض النساء مجازفة من طرفها عليها وحدها تحمل نتائجها في مجتمع يلوك أي شيء حتى لسانه وقد يكون للأخريات صورة وثيقة الصلة بتحررها تجعل من إيمانها بضرورة اكتفائها المادي وتحقيقها لذات تستطيع تحمل مسؤولية نفسها أو في بعض الأحيان أسرة بكاملها سلاحاً تحمي به نفسها.

    صدق يا سيدي إن سمعت أن عدد النساء اللواتي أصبحن يعملن في وظيفتين قد بات يفوق عدد العاملات في وظيفة واحدة وحتى عدد العاطلات عن العمل، وأكثر هؤلاء النسوة هن من أصحاب الدخل المحدود والنسل المعدود الذي لا يتجاوز عدده عدد أصابع اليد الواحدة، ولكن إذا سألتهن عن ضرورة عملهن المسائي هل هو بقصد التسلية والترويح عن النفس في ساعات الفراغ أم لأسباب أخرى (بالطبع لا نجهلها) لن تسمع منهن جوابا "سوى الفقر"
    ما الذي يدفع المرأة الموظفة للعمل المسائي؟ ما الذي جعل المرأة مجبرة على ولوج سوق العمل الليلي في ظل بيئة اجتماعية تعتبر خروج المرأة للعمل هو منافسة للرجل ومصدر للعطالة بمبرر أن المكان الطبيعي للمرأة هو المنزل- العائلة- الزوج – الأطفال
    جيش من الرجال المتزوجين العاطلين عن العمل ويد عاملة نسائية رخيصة ترضى بأقل الأجور وفي جميع القطاعات بدءً من الطابع التقليدي كالنسيج والحياكة والتطريز وانتهاءً للغالبية بالدعارة....

    أجور لنصف شهر..
    بالرغم من المراسيم التي صدرت بزيادة أجر العمال والموظفين في الدولة إلا أن تلك الأجور ظلت لا تكفي لأن يعيش (المواطن السوري) حياة كريمة ومريحة.
    دراسة اقتصادية لأسرة مؤلفة من أربعة أشخاص تجعلنا نجزم أن المتطلبات الأساسية من غذاء ومواصلات وبعض المسكنات لليل طويل تجعل من دخل موظفي سورية (8000) ل.س وكأن شيئاً لم يكن فثمة تقارير تؤكد أن حوالي مليوني مواطن سوري لا يستطيعون الحصول على حاجاتهم الأساسية للعيش..إضافة إلى عدم الانتظام في دفع الأجور في الكثير من المؤسسات الإنتاجية والإنمائية بفارق ثلاثة أشهر أو أكثر بين الراتب والتالي ليعيش الموظف الفاقة والجوع كما يحدث لموظفي مؤسسة الإسكان...

    عاملات.. ومتعففات
    رابية أم لثلاثة أطفال حصلت على الشهادة الثانوية وتوظفت في إحدى الشركات، بقي الحال مستوراً على حد قولها إلا أن استغنت شركة القطاع الخاص التي يعمل بها زوجها عن خدماته بعد أنا أصبح مريضاً بسبب الأمراض المهنية العديدة التي أصابته، فاضطرت للعمل في إحدى ورشات الخياطة من الثامنة مساءً وحتى الواحدة ليلاً... ((متعبة)) تختصر رابية حديثها بهذه الكلمة، هل من جمعيات أو مؤسسات تساعد من هم في مثل حالتي، ألا تعرف الحكومة بوضعنا، هل من أحد يحمينا في حال تعرضنا للمشاكل أثناء عملنا الليلي، الاتحادات النسائية والجمعيات وما على ذلك نسمع عنها في التلفاز فقط إن بقي وقت لنشاهد، أفضل العمل 24 ساعة على أن أمد يدي لأحد...

    كفاح على جميع الجبهات
    لا يرغب زوجي بالاعتراف أن مشاركتي له في الدخل بمثابة إنقاذ ولو جزئي من براثن الشحاذة (تقول منال الممرضة في أحد المشافي) من منا لا ترغب أن تنام ليلاً في سريرها آمنة ومطمئنة، ومن منا لا ترغب أن تمارس طقوس الأمومة والعائلة والزوجية بتفاصيلها الصغيرة والكبيرة، ظروف عملي تضطرني للمناوبة ثلاثة أيام في الأسبوع وأي إجازة تؤدي إلى حسم من راتبي، الشك والغيرة سمتان ملازمتان لزوجي، التعب والإرهاق سمتان ملازمتان لي، لكن ما الحل إن كان أجرينا لا يكفي فكيف سيكون الحال بأجر واحد ((الله أعلم))

    العمل ليلاً أفضل من التسول نهاراً
    أرملة ومعيلة وحيدة لأسرتي المؤلفة من أربعة أشخاص (تقول نادية) العاملة في مكتب لقطع التذاكر أسعى جاهدة للمواءمة والتوفيق بين عملي وأسرتي، لم تعد وظيفة القطاع العام كما يعتقد أرباب عملنا كافية لسد رمق عائلة لها متطلباتها في المأكل والمشرب والدراسة، أعتبر نفسي محظوظة لأنني استطعت تأمين هذا العمل علماً أنه يأخذ من صحتي وراحة بالي، ساعات نوم قليلة، علاقات اجتماعية، ضغوط نفسية، واجبات منزلية تنتظرني إضافة إلى التحرشات والمضايقات التي أتعرض لها من الزبائن والأقاويل الكثيرة التي تدور حولي، (أسمع وأطنش) عملي في الليل هو أفضل بألف مرة من التسول في النهار...

    عمل ليلي.. ومع الروائح
    في احد النوادي العائلية تقف سناء من الساعة الثامنة مساءً حتى الرابعة صباحاً أمام دورات المياه تنتظر العشر ليرات والعشرين، تمسك علبة المحارم في يد، وتبتسم في وجه الضيوف الأكابر..تقول سناء: لم تعد الخمسة آلاف التي أقبضها كمستخدمة في إحدى المدارس أو الستة آلاف التي يقبضها زوجي تكفي سوى لأجرة المنزل الذي نقطنه وأجور المواصلات، هو ينظف سياراتهم في الخارج، وأنا أقف هنا أمام دورة المياه أتحمل الروائح والأوساخ، وأطفالنا في المنزل ينتظرون..

    قهر على جميع الأصعدة
    مطلقة ولي ثلاثة أطفال (تقول منى) أعمل في عيادة طبيب نسائي بدوام صباحي وخادمة بدوام مسائي ليس لدي حرفة لأعيش بها وليس لدي أقارب يستطيعون تحمل ولو جزء صغير من مصروفنا فكانت خدمة المنازل هي الطريقة الوحيدة التي تحميني ولو قليلاً من الحاجة لأحد لكنها لم تحمني من الإهانات والتحرشات التي أتعرض لها من رب عملي التي تزداد بشاعة يوم يعد يوم…..وما إن أخرج وأتنفس الصعداء حتى أتعرض لمضايقات الرجال في الشارع وأنا أقف في قارعة الطريق ليلاً أنتظر سرفيساً ليقلني..إنها الحاجة وما غيرها يجعلك تتحملين كل هذا القهر

    والرجل خارج السرب...
    قلة من الرجال يفكرون في مساعدة زوجاتهم في واجباتهن الزوجية حتى لو كانت هي فعلياً تقوم بمساعدته بعمل ليلي إضافي، سنت القوانين لتلزم المرأة بعدم العمل ليلاً ولكن القانون لا يستطيع أن يلزم الرجل بالمشاركة في العمل المنزلي ولا يستطيع مراقبة العلاقة الزوجية وآثار العمل الليلي عليها
    المسالة برمتها مثلها مثل جميع المواضيع الاقتصادية الاجتماعية تحتاج فعلاً إلى وعي وإحساس بالآخر وتوعية يبدأ الفرد بها من ذاته ثم جهات مختصة أخرى كالاتحاد النسائي ولجان المرأة العاملة كي لا تكون سعادة المنزل أو تحسين وضع الأسرة المادي على حساب فرد واحد ((المرأة)) يقدم الخدمات ليلاً نهاراً..
    ماذا يقول الرجل عن عمل المرأة الليلي؟! مع ما وصلت إليه المرأة السورية "جزئياً" من مساواة في الأجر وفرص العمل وساعات الدوام هل يتقبل المجتمع العمل الليلي للمرأة؟؟
    أحمد خريج جامعي فاجأنا بإجابته عندما قال: من تعمل ليلاً ترضى باستخدامها في أمور وخدمات خاصة، تجاوزن تقاليد المجتمع الصحيح وحدود الدين، يستخدمن شعار الحرية والعمل والمساواة ليسقطن قصداً وعن غير قصد في براثن حريات أخرى..الفقر ليس بحجة، ولم يمت أحد من الجوع..

    وسامر لم يكن رايه أفضل بكثير من صديقه يقول "من يعمل ليلاً" الراقصات في الملاهي والعاهرات ونساء الاستخدامات الأخرى، إنه أسلوب جديد للتمرد والتحدي، لم يكن العمل الليلي يوماً عمل نسائي، تستطيع المشافي أو شركات الطيران وغيرها من القطاعات أن تجعل المناوبة الليلية للرجال فقط، أي معمل إنتاجي أو ورشة يضطر عاملاتها للعمل حتى منتصف الليل، يجب على المرأة حتى ولو كانت الحاجة المادية هي السبب أن تكون أكثر وعياً وإدراكاً يجب أن تخمن وتتوقع كيف ستكون نظرة صاحب العمل خصوصاً والمجتمع عموماً لامرأة تعود إلى منزلها بعد منتصف الليل..

    وعند سؤالنا لأحد أصحاب الورشات عن سبب تشغيل العاملات عنده في مناوبة مسائية مع علمه أن هناك قوانين تحظر ذلك قال "لم لا النساء هن يأتين إلى ويحتجن إلى أعمالي" هل أرفض شخصاً يمد يد الحاجة سواء كان رجل أم امراة!!
    أما السيد علاء رئيس الوردية المسائية في احد المعامل قال (تعمل في الشركة تحت إمرتي عدد من النساء ومن كافة الأعمار وبعضهن يعرضن ويقدمن لي تنازلات مقابل أوليهن رعاية خاصة أو أصرفهن باكراً إلى المنزل ولكن ((وعلى حد قوله)) أنا زلمة بخاف ربي.
    أما احد الموظفين الشباب صرخ قائلاً أنا لا أرضى أن تعمل أختي أو زوجتي ليلاً حتى لو اضطررت للشحاذة، كما رأيت تبدأ القصة بالحاجة إلى المال وتنتهي بمشاكل الفساد الأخلاقي فإن بقيت الواحدة منهن وخصوصاً المعيلات الوحيدات في الأسرة تعمل تحت كنف القطاع العام يكون الدخل أو الراتب الشهري أقل من الجهد المبذول وإن فتح القطاع الخاص أبوابه لاستيفاء الأعداد الضخمة من المحتاجين الذين يطمحون بوظيفة مسائية ودخل إضافي نراه قد فتح أيضاً أبواباً كثيرة كالاضطهاد والإهانات والتحرشات الذي لا رقيب له..

    فاعلة في العمل...عاطلة في الحياة العائلية
    العصر الراهن هو عصر العمل وهو أمر لا شك أن المرأة تتقنه وبشكل كبير وما الأرقام التي تظهرها الدراسات سوى خير دليل على ذلك 99% من النساء عملن في فترة ما من حياتهن وكل أربع من اصل خمس نساء لديهن أولاد ويعلمن أيضاً، مع العلم أن كل امرأة من اثنتين تقوم بأكثر من عمل واحد، كما أن النسبة ذاتها تؤمن نصف المدخول المالي العائلي أو حتى أكثر...
    وفي الأعوام الأخيرة بات عدد النساء العاملات في أكثر من وظيفة 3.7 مليون امرأة، وبات بالتالي عدد أكبر من الأولاد يعتني بنفسه وحده في غياب رعاية الوالدين معاً.

    العمل الليلي مخاطر صحية بحتة
    أفادت الدراسات العلمية والطبية أن العمل الليلي له مخاطر صحية تهدد حياة المرأة كالإحساس بالتعب الدائم والقلق في النوم وخطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين هذا بالإضافة إلى الضغط النفسي والجسدي الذي سيتم التعرض له.
    وأفادت دراسة علمية حديثة بأن النساء اللواتي يعملن في الفترات الليلية والمناوبات المسائية هذه أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي والإجهاد التلقائي وذلك بسبب تعرض المرأة العاملة الليلية للضوء طيلة الوقت مما يقلل قدرة الجسم على إنتاج هرمون ميلاتونين الذي يتم إفرازه بالعتمة عندما يكون الشخص نائماً علماً أن مهمة هذا الهرمون تكمن في تقوية جهاز المناعة وحماية خلايا الجسم والأنسجة من السرطان ومن خطر الأشعة المتضررة إضافة إلى الضرر الخاص الذي يلحق بالمرأة الحامل نتيجة ساعات العمل الطويلة

    القانون.. ماذا يقول
    أورد القانون الاستثناء في عمل المرأة الليلي كي لا يبدو القانون أنه ينطوي على النظرة التقليدية للمرأة باعتبارها اضعف من الرجل، فقد نصت الاتفاقية العربية رقم 1976 بشأن المرأة العاملة في مادتها رقم 7 على أنه (ا يجوز تشغيل النساء ليلاً وتحديد الجهات المختصة في كل دولة المقصود بالليل طبقاً لما يتماشى مع جو كل بلد وموقعه وتقاليده، وتستثني من ذلك الأعمال التي يحددها التشريع في كل دولة)
    وتضمنت التشريعات العمالية العربية في 14 دولة من أصل 16 نصاً صريحاً ومحدداً (يحرم تشغيل النساء في الليل بما ينسجم مع الاتفاقية العربية رقم 5 لسنة 1976 بشأن المرأة العاملة) وفي سورية حظرت المادة 131 تشغيل النساء ليلاً وجاء فيها (لا يجوز تشغيل نساء في الفترة ما بين الساعة الثامنة والسابعة صباحاً إلا في الأحوال والمناسبات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الشؤون الاجتماعية والعمل)
    قد يخلق العمل الليلي للمرأة الكثير من الانعكاسات خاصة إذا فقد الدفء العائلي وتغير إيقاع حياتها كأم وربة منزل بسببه، وإذا كانت الحاجة تجبر المرأة على العمل ليلاً لن يفقد الرجل امتيازه كرجل، هي قادرة على التعلم والتعليم، وتقلد المناصب القيادية وحمل الحقائب الوزارية لأنها ليست عنصرا في المجتمع بل هي شريك حقيقي وأصيل فيه...

    ____________________________________________

    كلمات مفتاحية  :
    المراة

    تعليقات الزوار ()