بتـــــاريخ : 9/21/2008 10:36:46 PM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 291 0


    مســؤولية الإنسـان

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : نادر الملاح | المصدر : www.tarbya.net

    كلمات مفتاحية  :
    مســؤولية الإنسـان
    بسم الله الرحمن الرحيم "ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها" الشمس 7-10

    حقيقة واضحة وجلية يضعها لنا المولى سبحانه وتعالى في أروع الصور ليلقي من خلالها بالمسؤولية كاملة على الإنسان. هذه الحقيقة هي أن الإنسان قد اختزن في نفسه جانبين متناقضين يعيشان في صراع دائم. هذان الجانبان هما جانب الخير وجانب الشر، التقوى والفجور.. ورغم أن الله سبحانه وتعالى قد أشار إلى أنه جلت قدرته هو الخالق الأوحد لهذه النفس الإنسانية بجميع سماتها وملامحها (ونفس وما سواها) إلا أنه جلت حكمته قد ترك لها أمر تقرير مصيرها الأخروي بما تحدده نتيجة هذا الصراع الداخلي بين الفجور والتقوى، فأيهما انتصر كانت له الغلبة في الدار الآخرة.. إننا لو تأملنا الواقع اليوم لوجدنا هذا المعنى الذي أشارت له هذه الآيات الكريمة متجليا في أوضح صوره، ولو دققنا النظر أكثر لفهمنا المعنى المراد من هذه الإشارة ولاتخذنا بالتالي الطريقة المثلى في التعامل مع جانب الشر الكامن في نفوسنا جميعا على حد سواء. فنحن اليوم نعيش وسط مجتمع عليل بالمعنى الاجتماعي للعلة، يعاني من الأمراض والأسقام معاناة من حضرته المنية، فمن تفكك اجتماعي إلى تفسخ خلقي، ومن انطلاق لا محدود في المفاهيم المحدودة والواضحة إلى مغالطات في التفسير والتأويل بما يتوافق والأهواء الشخصية، ومن إدمان إلى انحراف جنسي، وهكذا.. والسبب الحقيقي وراء كل ذلك هو ابتعادنا عن روح القرآن الكريم الذي لم يكتف بوضع الخطوط العريضة لحياتنا الاجتماعية فحسب وإنما امتد لينظم أبعاد الحياة بأدق تفاصيلها انطلاقا من الحيز الأسري الصغير وانتهاءاً بالمحيط الاجتماعي الكبير.. إن من رحمة الله بعباده أن سن في كتابه المحكم وسنة نبيه المكرم من التشريعات الاجتماعية ما من شأنه أن يكفل للإنسان حياة كريمة تتضح فيها معالم الحقوق والواجبات ولا تتداخل فيها المصالح الدنيوية التي تُعتبر العدو الأول والأكبر لأي مجتمع إنساني.. فها نحن نرى اليوم هذا المستوى المتدني من الكرامة الإنسانية الذي تعيشه المجتمعات الغربية والذي أصبح بكل أسف ظاهرة مألوفة في مجتمعاتنا الإسلامية التي كانت تشكل نموذجا مثاليا للحياة الاجتماعية الكريمة (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر).. أجل نرى في هذه المجتمعات انحطاطا خلقيا بكل معاني الكلمة تغلفه مساحيق الحريات الشخصية لتجمِّّل مظهره.. فجماعة من الشاذين جنسيا يطالبون بالاعتراف الرسمي بزيجاتهم الشاذة، وجماعة أخرى تطالب بحرية المشي في حال التعري دون أي حشمة أو ستر، وأخرى تطالب باعتبار العشيقة بمثابة الزوجة من حيث الحقوق.. والكثير الكثير من مظاهر الفحش والفسوق التي تعتبر من يتصدى لها متخلفا ورجعيا ومتطرفا وفق المعايير الشيطانية.. ولو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر وضع المرأة في مجتمع اليوم لكفانا ذلك مثالا. ففي الوقت الذي أعطى الإسلام المرأة كافة حقوقها التي لم يمنحها لها أي قانون أو تشريع آخر، جعلت هذه المجتمعات من المرأة سلعة تجارية تباع وتشترى، واتخذت منها وسيلة رخيصة لتسويق أفكارها ومشاريعها ومنتجاتها، بعد أن جمَّلت تلك الحملة البهيمية بمسحوق زائف أطلقت عليه حقوق المرأة، وكأن التشريع الإسلامي قد سلب المرأة حقوقها.. ولكن – وبشديد الأسف – كان مفعول هذه المساحيق قويا وفاعلا وبريقها أخَّاذا بحيث تمكن من إغراء المرأة نفسها فساقها في صفوفه لتطالب بسلب حقها في العيش بكرامتها الإنسانية التي أقرها لها المولى جل وعلا دون أن تعي حقيقة مطلبها. إن إشارة المولى العلي لهذا الصراع تحمل في مضمونها إرشادا واضح المعالم للخط الذي يفترض بالإنسان أن يسلكه ليرقى لأعلى المستويات من الكرامة الإنسانية (قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها).. وهو ذات المعنى الذي أكد عليه الرسول الأكرم وأهل بيته الأطهار عليهم ونبينا الكريم أفضل الصلاة وأزكى السلام بالقول والفعل والتقرير.. فحري بنا ونحن ندعي الانتماء إلى مدرسة الرسول الأكرم وأهل بيته الأطهار أن نسمو بأنفسنا وأن نرقى بأفعالنا وأقوالنا إلى المستوى الذي يؤهلنا لتبوأ المكانة المحمودة في الحياتين الأولى والآخرة (قد أفلح من زكاها) وأن لا ننجرف وراء الشعارات الزائفة دون أن ندقق ونتمحص في أبعادها ومراميها فتكون الخيبة والحسرة نصيبنا الذي لا مفر منه (وقد خاب من دساها). ولكي نتمكن من تحقيق ذلك، لابد وأن نبدأ بالتغيير من أنفسنا قبل أن نتجه إلى العالم الخارجي فلا نكون ممن أرادهم الله سبحانه وتعالى بوصفه (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) فالعمل أمضى وأصدق من القول، والفعل أبلغ من الكلمة.. يقول الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: "كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم"، ولنتذكر دوما أن الله سبحانه وتعالى لن يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. يا ذا المعلم غيـره هــــلا *** لنفسـك كان ذا التعلـــيم إبدأ بنفسك فانهها عن غيــها*** فإذا انتهـــت فأنت حكيـم لا تنه عن خلق وتأتي مثـــله *** عـار عليك إذا فعلت عظـيم  

    كلمات مفتاحية  :
    مســؤولية الإنسـان

    تعليقات الزوار ()